آراء حرة

هزيمة منتخب أم إخفاق منظومة؟!

الشعب نيوز / منتصر بن رمضان دكتور في علوم الأنشطة البدنية و الرياضية -  عرف المنتخب التونسي لكرة القدم انسحابا مخزيا من الدور الأول للمجموعات في كأس الأمم الأفريقية بالكوت ديفوار 2024 بتسجيله هدف وحيد في ثلاث مباريات ودون اي انتصار وإن كان الامر في ظاهره هزيمة رياضية فهو في الحقيقة تعبير عن أزمة عميقة تعيشها الرياضة التونسية تراكمت وتشعبت منذ سنوات وفي مقدمتها أزمة كرة القدم التونسية.

ومن مظاهر هذه الازمة غياب الدولة عن وضع وتجسيد سياسة واضحة وناجعة لدعم هذه الرياضة وتطويرها في مختلف الجوانب المادية واللوجستية والتقنية فالبنية التحتية أغلبها غير ملائم لممارسة هذه اللعبة في كامل ربوع الوطن وبذلك حرمان ابنائنا وشبابنا من ممارسة هذه الرياضة في ظروف مقبولة سواء داخل الجمعيات أو المؤسسات التربوية أو في الأحياء السكنية.

إن غياب السياسات الناجعة وعدم وجود استراتيجية واضحة أدى إلى فشل مراكز النهوض وتكوين الشبان في تحقيق نتائج مرضية فهي لم تجد الدعم المناسب والعناية اللازمة والتعويل على ابنائنا في أصناف الأكابر الأمر الذي دفع بالجمعيات إلى التوجه إلى البلدان المجاورة مثل الجزائر أو إلى الدول الأفريقية للبحث عن لاعبين في مراكز حساسة وهو ماجعل الناخب الوطني عاجز عن إيجاد الحلول المناسبة في بعض المراكز وخصوصا المهاجمين ليس ذلك وحسب بل أثر وتسبب كذلك في إخفاق المنتخبات الوطنية للشبان وفشلها المتواصل وعدم بروزها وتالقها في مختلف المسابقات القارية والدولية.

غياب برمجة واستراتيجية شاملة تعتمد رؤية دقيقة تعمل على تكافئ الفرص وتشرك أكثر عدد ممكن من اللاعبين لممارسة كرة القدم وتخصيص دورات وبطولات في مختلف المستويات والرفع من عدد المنخرطين داخل الجامعة لإعطاء اكثر من فرصة لاكتشاف المواهب والابتعاد عن الإختبارات الفلكلورية لانتقاء اللاعبين التي حرمت العديد من أبنائنا داخل الجمعيات بمقاييس ومحاباة معلومة للجميع.

إن غياب هذه البرامج وتخبطها ينكشف بوضوح في استثناء رياضة كرة القدم من البرامج الرسمية للتربية البدنية لأبنائنا التلاميذ داخل المؤسسات التربوية والتي تستطيع بفضل مقاييس علمية ان ترسخ ثقافة تنافسية تدرس في مختلف أبعادها الحركية والنفسية والسوسيولوجية عوض اعتماد عبارات دخيلة من نوع ڨرينتا وروح ومريول...

لقد أصبحت كرة القدم علما واستثمارا.

لقد غابت البرمجة العلمية في بعدها الذهني والنفسي والفني في تدريبات الشبان ووقع التركيز على نتائج المباريات التي يكون فيها الفوز مسألة مصيرية وحتمية لا نقبل غيرها وبالتالي يسلط ضغط مبالغ فيه يقتل روح الابتكار والموهبة عند اللاعبين والتركيز على جزئيات لا علاقة لها بجمالية اللعبة بل بمحيطها مسؤولين وأولياء..

وهذا للأسف موجود في جل الجمعيات في مختلف الأصناف العمرية وما اعتماد الجامعة التونسية على اللاعبين المولودين في البلدان الاوروبية ألا دليل على فشل مراكز تكوين الشبان ودليل على غياب الاسترتيجيات والبرامج.

إن إقصاء الخبراء من دكاترة في الرياضة وكفاءات بيداغوجية ومختصين في التسيير وعلم النفس والاقتصار على بعض الوجوه المألوفة ثلة من مدربين واعلاميين الاعبين قدامى في شكل منظومة تحلل وتفتي وتثلب وتشوه وتهاجم وتنصب المحاكم في غياب الضوابط والموضوعية قد خلق من هؤلاء نجوم البوز انتجت التخريب والتهديم وتوتير المناخ الرياضي مما خلق أزمة ثقة بين كافة الاطراف المتداخلة من مسؤولين وفنيين ومدربين وحكام .

الكل متهم والكل يحاسب الكل فمن المسؤول عن غياب التحكيم التونسي في المسابقات القارية بعد أن كان رائدا دوليا؟!

اذن لا داعي للتنصل من المسؤولية فالجميع مسؤول عن هذه النكسة وان بنسب متفاوتة وعلى الدولة ان تتحمل مسؤوليتها في رسم سياسة واضحة تنهض وتنقذ ما يمكن انقاذه في رياضة هي الأولى شعبيا في بلادنا وفي العالم.