دولي

إطلاق نار على حشد ينتظر مساعدات في غزة عشية وصول أول سفينة إغاثية إلى القطاع

غزة / وكالات - قبيل ساعات من وصول أول سفينة محمّلة بالمساعدات إلى قطاع غزة المهدّد بالمجاعة، أعلنت حماس فجر الجمعة 15 مارس 2024  أنّ 20 شهيدا  و155 جريحاً سقطوا ليل الخميس بنيران الجيش الصهيوني في مدينة غزة بينما كانوا ينتظرون شاحنات أغذية، في اتّهام سارع الجيش الصهيوني إلى نفيه.

وقالت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس في بيان إنّه "وصل الى مجمّع الشفاء الطبّي 20 شهيداً و155 إصابة حتى اللحظة (...) جرّاء استهداف قوات الاحتلال الصهيوني لتجمّع للمواطنين الذين ينتظرون المساعدات الانسانية لسدّ رمقهم عند دوّار الكويت بغزة". 

وأضافت أنّ "ما حدث عند دوّار الكويت يشير الى نوايا مبيّتة لدى الاحتلال لارتكاب مجزرة جديدة مروّعة". 

لكنّ الجيش الصهيوني سارع إلى نفي هذا الاتّهام. 

وقال الجيش في بيان إنّ "التقارير التي تفيد بأنّ الجيش الصهيوني  هاجم عشرات من سكّان غزة عند نقطة لتوزيع المساعدات هي تقارير كاذبة"، مؤكّداً أنّه بصدد "تقييم الحادثة بالدقّة التي تستحقّها" ومناشداً "وسائل الإعلام أن تفعل الأمر نفسه وتعتمد حصراً على معلومات موثوق بها". 

وفي مجمّع الشفاء الطبّي في مدينة غزة قال لوكالة " فرانس برس" الطبيب محمد غراب المسؤول في قسم الطوارئ والاستقبال في المستشفى إنّ "معظم الإصابات هي في البطن والأجزاء العلوية". 

وأضاف أنّ الشهداء  والجرحى سقطوا "نتيجة لإطلاق قوات الاحتلال النار عليهم مباشرة عندما تجمّعوا عند دوّار الكويت لانتظار شاحنات المساعدات للحصول على الطعام في ظلّ المجاعة المنتشرة في شمال القطاع". 

من ناحيته، أفاد مصوّر متعاون مع وكالة فرانس برس أنّه شاهد في المستشفى العديد من الشهداء  والجرحى، بعضهم بُترت أطرافهم وآخرون أصيبوا بالرصاص. 

وبحسب مكتب الإعلام الحكومي في غزة فإنّ الجيش الصهيوني  "استهدف بالدبّابات والمروحيات منتظري الطحين عند دوار الكويت". 

وتحذّر الأمم المتحدة من أنّ 2,2 مليون شخص مهدّدون بالمجاعة في قطاع غزة. 

وتسعى دول عدة لاعتماد آليات ومسارات جديدة لإيصال المساعدات، شملت إلقاء المساعدات جواً وتدشين ممرّ بحري من قبرص إلى القطاع. 

وفي نهاية فيفري 2024 ، لقي أكثر من مئة فلسطيني مصرعهم شمالي القطاع، بحسب حماس، خلال عملية توزيع مساعدات غذائية تحوّلت إلى كابوس. 

وتقول وكالات الإغاثة إن شاحنات المساعدات التي تدخل إلى القطاع لا تلبّي الحدّ الأدنى من الاحتياجات وإنّ الكيان الصهيوني  يعيقه بسبب عمليات التفتيش المرهقة وحصارها المطبق على القطاع. 

وأتت هذه التطورات المأساوية في وقت ينتظر فيه الفلسطينيون وصول أول سفينة محمّلة بـ200 طن من الأغذية بعد إبحارها من قبرص صباح الثلاثاء عبر ممرّ بحري تقرّر استحداثه لمواجهة الأزمة المستفحلة في القطاع.

وما زال توزيع المساعدات داخل غزة صعباً وخطراً جرّاء الدمار الهائل، ولا سيّما في شمال القطاع، وكذلك أيضاً بسبب الانفلات الأمني وفقدان السيطرة على الوضع.

ويتّهم مواطنون قابلتهم وكالة فرانس برس في مدينة غزة "جهات قوية" و"محتكرين" بوضع يدهم على المساعدات التي يُحرم منها من هم بأمسّ الحاجة إليها. والوضع حرج جداً في شمال القطاع، حيث تهدّد المجاعة نحو 300 ألف شخص لم ينزحوا إلى الجنوب.

ويشاهَد سكّان غزة وهم يتطلعون إلى السماء يومياً على أمل الحصول على ما تلقيه الطائرات، لكنّ الكميات التي تم إسقاطها محدودة.

وجنوبي القطاع، في رفح، أظهرت لقطات مصورة لوكالة فرانس برس الخميس حشدا يندفع لالتقاط بضعة أكياس من الطحين سقطت من شاحنة مساعدات.

أما السفينة "أوبن آرمز" الإسبانية الخيرية الآتية من قبرص والتي فرُصدت فجر الجمعة قبالة سواحل غزة، وفق موقع تتبع حركة الملاحة "مارين ترافيك".

وتحمل السفينة نحو 200 طن من الأرز والدقيق والمعلّبات التي سيتم توزيعها في القطاع الفلسطيني المحاصر من خلال منظمة المطبخ المركزي العالمي "وورلد سنترال كيتشن" التي أسسها الطاهي الإسباني الأميركي خوسيه أندريس.

وبنى فريق "المطبخ المركزي العالمي" رصيفاً عائماً في غزة ليتمكن من تفريغ الحمولة بمجرد وصول السفينة إلى القطاع.

وتنتظر سفينة ثانية في قبرص عبور هذا الممرّ البحري وعلى متنها حمولة أكبر.

توازياً، توجّهت أربع سفن تابعة للجيش الأميركي إلى المنطقة محملة بالمعدات اللازمة لبناء رصيف لتفريغ المساعدات الإنسانية في غزة في عملية ستستغرق ما يصل إلى ستين يوماً.

لكنّ الأمم المتحدة تؤكّد أن إيصال المساعدات عبر البحر أو إنزالها جوًا لا يمكن أن يحلّا محلّ الطرق البرية.

وتواصل الولايات المتّحدة الأمريكية  ومصر وقطر، الدول الثلاث التي تتوسط بين طرفي القتال، مساعيها الرامية للتوصل إلى اتّفاق على وقف لإطلاق النار يستمر ستة أسابيع ويتخلّله إطلاق الحركة سراح قسم من الرهائن الصهاينة الذين تحتجزهم في غزة مقابل إفراج  الكيان الصهيوني عن سجناء فلسطينيين.

ومساء الخميس، قال مصدر مطّلع في حماس لفرانس برس إنّ الحركة قدّمت للوسيطين المصري والقطري ردّاً "سيقومان بإطلاع الإدارة الأميركية عليه".

وأوضح أنّ "الردّ يراعي مرونة كبيرة في سبيل التوصّل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وهناك مرونة في موقف الحركة خاصة في ما يتعلق بملف تبادل الأسرى من حيث الأعداد والفئات بما يحقّق صفقة تبادل مشرّفة".

وأضاف أنّه "في ما يتعلّق بملف الانسحاب العسكري فإنّ الردّ تضمّن أن تنسحب القوات الصهيونية من كافة المناطق المأهولة والمدن، وتمكين عودة النازحين دون قيود في المرحلة الأولى".

وبحسب المصدر فإنّ "التوصّل لاتفاق رهن بموقف الاحتلال ومدى الضغط الأميركي على نتانياهو وحكومته للموافقة على هذه النقاط والشروط التي تحقّق الاتفاق". 

من جهته قال مكتب نتانياهو في بيان مقتضب مساء الخميس إنّ حماس "تواصل التمسّك بمطالبها غير الواقعية" وإنّ تحديثاً بشأن محادثات الهدنة سيتم تقديمه "غداً" الجمعة إلى المجلس الوزاري الحربي.

واندلعت الحرب بين  الكيان الصهيوني  وحماس بهجوم غير مسبوق شنّته الحركة في السابع من أكتوبر 2023 على الدولة العبرية وأدّى إلى مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصاً في تل أبيب، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى مصادر رسمية.

ويؤكد الكيان المحتل  أنّه ما زال في غزة 130 رهينة، يعتقد أنّ 32 منهم لقوا مصرعهم، من بين نحو 250 اختطفوا في ذلك اليوم. 

وردّاً على هجوم حماس، توعد الصهاينة  بالقضاء على الحركة التي تسيطر على قطاع غزة، وهي تنفّذ في القطاع حملة عسكرية أسفرت عن دمار هائل وعن إستشهاد 31341 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لوزارة الصحة حتى الخميس.

سياسياً، كلّف الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء الخميس المستشار الاقتصادي محمد مصطفى تشكيل الحكومة التاسعة عشرة.

ومصطفى (69 عاماً) هو رجل اقتصاد مستقل سياسياً وكان نائب رئيس وزراء ووزير اقتصاد في حكومة الوفاق الوطني التي شكّلت بمشاركة حماس في 2014 واستمر في المنصب سنة واحدة.

واضطلع مصطفى بدور رئيسي في إطلاق برنامج إعادة إعمار قطاع غزة في 2014، وهو أيضاً عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية.

ورحّب البيت الأبيض بتعيين مصطفى، مطالباً إياه بتشكيل حكومة تعمل على إجراء "إصلاحات في العمق وذات مصداقية". وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون في بيان "نحضّ على تشكيل حكومة إصلاحية في أقرب وقت ممكن".

وأضافت أنّ "الولايات المتّحدة الامريكية  ستتطلّع لأن تتمكن هذه الحكومة الجديدة من تنفيذ السياسات وإجراء إصلاحات ذات مصداقية وفي العمق".