وطني

لمجد الجملي: حتى يهتدي الاتحاد إلى ضبط الأولويات وطنيا واجتماعيا في كنف الثوابت التاريخية

الشعب نيوز / صبري الزغيدي - لاحظ لمجد الجملي القيادي السابق في الاتحاد العام لطلبة تونس أن طبيعة العلاقات التي يقيمها النظام الجديد لخمسة وعشرين جويلية مع الاتحاد العام التونسي للشغل وجب فهمها في ضوء ملاحظات اساسية، وهي أولا، أن  هذا النظام يبشّر بمسح للطاولة على معنى أنه يروّج لنوع مختلف من الفكر السياسي قائم على التطابق التام بين سياسات القائد وتطلعات الشعب، وبيّن انه بالنسبة للنظام فإن اقامة العدل واحقاق الحقوق وارجاع الأموال المنهوبة وتحقيق السيادة الوطنية وتخليص البلاد من الفساد والاشرار والمتآمرين، كله بيد الرئاسة كمؤسسة حاملة لأمانة الشعب وحدها وعاملة على تحقيق مطالبه كلها دونما حاجة الى اية وساطة.

وحسب الجملي، فإن ما يترتب على قلب الطاولة هذا الاصرار على خطاب العشرية السوداء واحداث قطيعة في شكل ممارسة السلطة وخطابها والياتها مع كل ما سبق، فضلا على ان الاتحاد كان لاعبا اساسيا من بين لاعبي العشرية الاخيرة، ووفق هذا التصور، فإن الاتحاد لا يمكن له أن يلعب اي دور في التصور الجديد الا اذا كان على شاكلة الانضباط لمقررات المنظومة والاندماج فيها بالكامل.

الجملي أبرز في حديث للشعب نيوز أن  الاتحاد ومنذ الثورة اسال الكثير من الحبر وأثار الكثير من الجدل حول أدائه ودوره وسلوك بعض قياداته الوسطى والعليا النضالي، وهو ما جعل تحجيم دوره أمرا مطلوبا من قبل الكثير من الاوساط بما فيها بعض المختلفين مع الرئيس من الذين ضاقوا ذرعا بأكبر قوة في البلاد .

وبناء على هذه الملاحظات، يقول لمجد الجملي، انه لا يمكن الجزم بأن النظام الجديد يستهدف الاتحاد ويضيّق عليه كمنظمة نقابية، بقدر ما أنه يتجاهل الاتحاد ولا يرى اية جدوى في العمل معه أو في الشراكة معه تناغما مع منطلقاته وتصوره لوظيفة الدولة ودور الحاكم في الاضطلاع بالسلطة من جهة كونها "سلطة واحدة وعليا وذات سيادة".

وفي ظل نظرة كهذه، أكد لمجد الجملي أنه يسهل التحرش بالنشاط النقابي والنقابيين من قبل بعض اعوان السلطة والمحسوبين عليها في إطار إثبات حسن النية والولاء والالتفاف والحشد والتقرب والقرب والقربان.  

دور الاتحاد في ظل هكذا ظروف 

وحول دور المنظمة الشغيلة في ظل هكذا ظروف، ذكّر الجملي بموقفه عندما كان الاتحاد لاعبا اساسيا إبان الثورة، حينها كان يقول الجملي لأصدقاءه من القيادات النقابية لتلك المرحلة: "انكم اقوياء لضعف الاخرين ولضعف مؤسسات الدولة، وان لم تفهموا أن الأمر تغيّر تماما بسقوط بن علي وأن مراجعات شاملة يجب ان يقوم بها الاتحاد كي يؤمّن تواصل نشاطه وقوته ودوره الوطني والاجتماعي حين تستقر المؤسسات الجديدة للدولة ويضع الحراك اوزاره، فإن الثمن سيكون باهضا على المنظمة وعلى الاجراء والكادحين".

في هذا السياق يقول لمجد الجملي : "طبعا لم يستمع الى ذلك احد ولم يتغير الاتحاد ولم يقم بالمراجعات اللازمة، بل على العكس من ذلك قام بأخطاء جديدة، الان اعيد نفس ما كنت نصحت به من قبل: الاتحاد يجب ان ينجز تقييما داخليا شاملا لسياساته وهيكلته واولوياته وطرق تسييره الاداري والمالي وعلاقاته بمنخرطيه مصدر شرعيته وبشركائه داخل البلاد وخارجها تنتهي الى بلورة رؤية متكاملة لدوره وقيمه واهدافه ومهمته للعشرة سنوات القادمة بمشاركة أوسع ما يمكن من المنخرطين على اختلافهم"، حسب تعبيره. 

واكد لمجد الجملي أن هذه الرؤية عليها أن تُترجم في مصالحة نقابية شاملة تفضي الى الاعداد الى محطات تقييمية هيكلية للتصحيح من الداخل واتخاذ الخطوات التنظيمية الجديرة باقناع المنخرطين اساسا وقبل غيرهم بأن الاتحاد يتغير من اجل العودة إليهم والدفاع عن حقوقهم الاساسية في العمل اللائق والعيش بكرامة.

محدثنا اوضح ان الاتحاد العام التونسي للشغل اذا انكبّ على هذه المهام التقييمية البرنامجية فإن لديه من الكفاءات والصداقات الكثير ليهتدي بيسر الى ضبط الأولويات وطنيا واجتماعيا في كنف الثوابت التاريخية للمنظمة وفي إطار من الاستقلالية عن السلطة الجديدة او عن خصومها ، مشيرا الى ان الاتحاد اذا واصل في  التشتت وحرب الشقوق والانقاسامات الظاهر منها والخفي، فسيكون هو من يستهدف نفسه اكثر بكثير من اي استهداف آخر مهما كان واضحا، حسب اعتقاد الجملي. 

لمجد الجملي ختم حديثه مع الشعب نيوز بالتأكيد على انه شخصيا لديه الثقة في قدرة الاتحاد على النهوض من جديد من ثقته في تونس وقدرتها على النهوض من جديد، لافتا الى أن شرط نجاح هذا النهوض هو القدرة على تجشّم أعباء النقد الذاتي والام التقييم الداخلي وعسر مخاض ولادة الجديد القوي من رحم القديم المتهالك،  و تونس لا تحتمل في مطلق الأحوال تجاهل الاتحاد و بإعتبار أن  هذا الامر مكلف سياسيا ولكن ايضا اقتصاديا واجتماعيا .على حد تعبيره.