وطني

الصحفية أسيا العتروس: افتتاحية الصباح التي تم صنصرتها اليوم وتعويضها بمقال

الشعب نيوز/ وسائط: كتبت الصحفية القديرة آسا العتروس على صفحتها الرسمية على الفايسبوك: " اشهر تفصلني عن نهاية العقد القانوني الذي يربطني بالصباح منذ 33 عاما و كنت اود الا اكون في هذا الموقف اليوم و انا اعيد نشر الافتتاحية التي تم صنصرتها..

قبل 2011 عملنا في قطاع مليء بالتحديات وحرصنا قدر الإمكان ان نمارس هذه المهنة ااتي عشقناها بمهنية و احترام و بعد 2011 خضنا في دار الصباح اكثر من معركة من اجل حرية الراي و التعبيروتصدينا لمحاولات النهضة للهيمنة على المؤسسة ورفضنا التعيينات الفوقية والولاءات وكسبنا جولة مهمة وحرصنا على استقلاليتنا ومهنيتنا ورفضنا الإغراءات والمناصب وتعاطينا مع الأحداث بنفس الموضوعية مع مختلف الحكومات المتعاقبة وانتقدنا الترويكا و ممارساتها وانتقدنا المرزوقي والباجي رحمه الله بكثير من القسوة في احيان كثيرة في مقالات وافتتاحيات ناقدة دون اسفاف او ابتذال..

وهذا ما كان في افتتاحية الامس التي تم صنصرتها...و قناعتي ان الصمت والتعاطي مع ما حدث وكان شيئا لم يكن اهانة لمسيرتي في دار الصباح التي تقترب من نهايتها ولكن ايضا وهذا الاهم سقوط في النفاق والرياء وقد كنا نقف في هذه المؤسسة في الصفوف الاولى دفاعا عن السلطة الرابعة...لم تكن الافتتاحية دفاعا عن بوغلاب و لا تدخلا في شان القضاء بل دفاعا عن حق اي مواطن في قضاء عادل.. سبق وكتبت اثناء ايقاف زياد الهاني افتتاحية بعنوان السلطة وفوبيا الاعلام.. وقناعتي هذا دورنا...لا عودة الى الوراء كلمة ما انفك رئيس الجمهورية يرددها ونحن ايضا نتفق معه انه لا عودة الى الوراء... قد وجب التوضيح احتراما لذواتنا قبل مغادرة القطاع.. وفيما يلي الافتتاحية المصادرة:

" صباح الخير

صحفيون لا إرهابيون ..

من شأن تواتر التتبعات القضائية ضد الصحفيين خارج إطار المرسوم 115 المنظم لحرية الصحافة والطباعة والنشر واللجوء بدلا من ذلك إلى ترسانة من القوانين ذات الطابع الزجري كالمرسوم 54 والمجلة الجزائية، أن يثير الكثير من المخاوف ليس لدى أهل القطاع فحسب ولكن لدى كل المؤمنين والمدافعين عن الحقوق والحريات وتحديدا حرية الرأي والتعبير من مخاطر التطبيع مع هذا التمشي والدفع للعودة إلى الوراء تحت عديد الذرائع ...

نقول هذا الكلام ونحن نتابع وننتظر أيضا ما ستؤول إليه قضية الصحفي محمد بوغلاب الذي يواجه تهما تتعلق "بالإساءة للغير عبر الشبكات العمومية ونسبة أمور غير حقيقية لموظف عمومي دون الإدلاء بما يفيد ذلك..". وسيكون من المهم الإشارة إلى أنه فيما سبق لا يعني بأي حال من الأحوال الاتفاق مع الصحفي بوغلاب في أفكاره وتوجهاته، ولا يعني أيضا تحريضا له على ذلك، فقد يحدث أننا في لحظات الانسياق وراء الأفكار المسبقة ننسى أو نتناسى أن ما حدث لبوغلاب يمكن أن يحدث لأي كان وأن هذا يقودنا للقول صراحة انه من الأهمية بمكان أن نتذكر أن ضمان تطبيق الإجراءات العادلة لكل الأطراف حق دستوري لا يقبل المزايدات والابتزازات..

الكثيرون يتساءلون اليوم عن خلفية تواتر القضايا ضد الصحفيين ما "إذا كان الصحفي على رأسه ريشة"، وفق المثل الشعبي.. والحقيقة أن أكثر من سبب من شانه أن يدعو اليوم أن نتوقف عند هذه القضايا وما سبقها وما سيلحقها أيضا من شكاوى أو ملاحقات في حق الصحفيين وغيرهم أيضا من فنانين أو مدونين آو محامين ممن يجدون أنفسهم في قفص الاتهام بسبب تصريح أو تدوينة أو مقال أو رسم بعيدا عن الانحياز الأعمى للقطاع أو الاستعلاء على القانون ..

وبعيدا عن العودة إلى تفاصيل ما حدث فيما بات يعرف بقضية بوغلاب على اعتبار أن الغموض لا يزال سيد المشهد حول ما إذا كانت الصدفة وحدها وراء إثارة قضية في مثل هذا التوقيت أو ما إذا كانت هناك أهداف أخرى وراء ذلك، فان الأكيد أن التوقيت من شأنه أن يفتح باب التأويلات والقراءات .. وفي انتظار ما ستؤول إليه قضية الحال من حقنا أن نسأل الم يكن بالإمكان التحقيق مع المعني في حالة سراح وهل كان بوغلاب يمثل تهديدا للأمن العام وكيف يمكن التعاطي مع هذه القضايا التي لا نخالها ستتوقف في ظل المرسوم 54 ولكن أيضا في ظل التشنج الحاصل بين التونسيين وفي ظل تنامي مناخ الأحقاد على المواقع الاجتماعية وامتداد عقلية التشفي والرغبة في الانتقام ونصب المحاكم الشعبية؟ ..

لا خلاف أن هناك حاجة اليوم لتنظيم القطاع وإعادة هيكلته بعد أن تهاوت تجربة ما سمي بالتعديل الذاتي وهذا لا يمكن أن يحدث دون تقييم المشهد الإعلامي بكل مكوناته ومؤسساته تقييما مهنيا موضوعيا بعيدا عن التجارب السابقة التي أثبتت فشلها والتي طالما انفردت فيها السلطة بالتحكم في إدارة الإعلام وتقييده ليبقى إعلام الموالاة .. وصف الصحافة بالسلطة الرابعة لم يكن من فراغ والأكيد أن في هذا التصنيف ما يجعل للصحافة مكانة استثنائية بين سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية، والقضائية ليس لأنها سلطة قرار ولكن لأنها سلطة إخبارية ورقابية تكشف وتفضح المستور لكنها أيضا تنير وتصنع الرأي العام وهذا ما لم لا يمكن أن ندعي أننا بلغناه أو حتى اقتربنا منه..،

ومن هذا المنطلق أهمية المرجعيات والقوانين والمؤسسات المنظمة للسلطة الرابعة ولأهل القطاع عموما.. وقد وجب الاعتراف أننا في تونس نشكو حالة فراغ طال أمدها ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستمر إلى ما لا نهاية في ظل المشهد الإعلامي المأزوم ..

أخيرا وليس آخرا فإن مشهد صحفي يقاد إلى المحكمة مقيد اليدين بالأغلال كالإرهابيين وأخطر المجرمين مؤلم وموجع إلى أبعد الحدود ..."