الكاميرا السخيفة(الخفية)!
الشعب نيوز / حسني عبد الرحيم - الكوميديا هي أحد أدوات الدراما الذكية جدآ وهي كانت ومازالت إطار ذكي للنقد الإجتماعي !كلنا لاينسى شارلي شابلن وكيف ساهمت كوميدياته في فضح النازية ونجيب الريحاني وكيف عرى الحياة الإجتماعية!ولم لا محمد قلبي على صفحات الشعب وكيف ساهم بتعرية فساد النظام ! ومنذ الستينات بدأت برامج المقالب المعروفة بالكاميرا الخفية في محطة سي بي سي الأمريكية وكان من أكثر البرامج مشاهدة!
كألعادة منذ عدة سنوات ومع إفلاس كتاب التلڤزات المصرية أُبتدع برنامج تمثيلي سمي "الكاميرا الخفية"لممثل كوميدي معروف ذلك الحين هو "فؤاد المهندس" وكان مكتوب بدقة بواسطة " أسماعيل يسرى"وتدهور مع الزمن ليصل لمستوى مهرج ساذج تقيل الدم هو "إبراهيم نصر" الذي كان يرتجل مواقف هزلية في شوارع القاهرة لكن البرنامج أصبح من مقررات شهر رمضان لإستغلال تجمع الأُسر بعد الإفطار !
إنتقلت البدعة إلى التلڤزة التونسية كما هي العادة بواسطة"هشام الجربي" وتقديم "رؤوف كوكة" الذي كان يستعين بكتاب كوميديا مسلية ،وهي أمر شديد الدقة في الدراما لإنه على علاقة بألذائقة الشعبية ولا ينبغي تحولة لكلام فارغ و زايد!
هذا العام وخلال أمسيات الشهر الفضيل وبعد شق الفطر مباشرة يُعرض على قناتين للتلڤزة بتونس برنامجين مختلفين بعنوان "الكاميرا الخفية" تسببا في إستفزاز لمشاعر المشاهدين !أولهما يدور حول سائق سيارة أُجرة يصحب المشاهير لتوصيلهم لمواعيد هامة ثم يتوقف بهم يأخذ حلويات من أحد المحال ولا يدفع أثمانها ثم حوارات سخيفة وعراك على نقطة بوليس ويتكرر هذا كل يوم مع شخصية مختلفة!
البرنامج الآخر في محل حلويات حيث تعمل آنسة لأول مرة وتجري وقائع عرس وزفة أمامها فتكتشف أن زفة العُرس هي لخطيبها ثم عراك وشجار بدني ولفظي كل مرة وفي الأخير في كل البرنامجين يطلبون التصريح بألبث!
واقع الحال إنه لايوجد لا كاميرا ولا خفية وكل مايجري على الشاشة هو مرتب ومنظم !لكنه منظم بأسوأ صورة ممكنة وبسجالات مسيئة للذوق العام كما في الحانات الرخيصة! وكذلك مضجرة وهو إتجاه يتزايد مع الوقت لإستجلاب مزيد من الإشهارات! دون محتوى كوميدي ! وتستمر مأساة الكاميرات الخفية دون توقف أو تجديد للموضوع!
الكوميديا فن راقٍ يَستدعى كتاب موهوبين وممثلين يعرفون كيف يخلقوا الضحكة ليس بضخامة أجسادهم وبألكلام الزايد والهبلة ولكن بتناقضات مضحكة في الحياة الإجتماعية وهي فن يقوم بدور نفسي هام جدآ بألتطهير لنفوسنا بمشاهدة بعض عيوب حياتنا على الشاشة وهي ضرورة إجتماعية وفنية!
نستحلف المنظمين لهذه الكارثة بألشهر الكريم أن يفضوا هذه السيرة ويحاولوا صناعة كوميديا مضحكة بألفعل وهادفة حتى لو سموها الكاميرا الخفية!وستأتي الإشهارات أيضآ!