نقابي

حول إعادة اعمار دار الاتحاد العام التونسي للشغل: شهادة نقابي قديم انخراطا ومسؤولية

بأقلام النقابيين/ الهادي الغضباني* - كثرت التعاليق في مجال التواصل الاجتماعي بين ذم واشادة بإعادة بناء وتهيئة دارالاتحاد الكائنة بنهج محمد علي الحامي في قلب العاصمة وتدشينها بمناسبة اليوم العالمي للعمال،غرة ماي 2024 ويجوز لي بصفتي من قدماء النقابيين انخراطا ومسؤولية ان ابدي الملاحظات التالية:

-- بناء دار للاتحاد تتسع للهياكل النقابية [ مكتب تنفيذي وطني، جامعات ونقابات عامة،اتحاد جهوي بتونس] خاصة وان الدار الاصلية تقادم عهدها وتداعت إلى الانهيار. هو مطلب نقابي وجيه تضمنته اللوائح الداخلية للاتحاد منذ عقود متتالية من الزمن..الأمر الذي حدا بالامين العام السابق عبد السلام جراد رحمه آلله ان يحصل على موافقة الرئيس السابق بن علي رحمه الله باسناد قطعة أرض بحي الخضراء لتقام عليها دار الاتحاد، بجوار اتحاد الاعراف واتحاد الفلاحين واتحاد التضامن الاجتماعي واتحاد المرأة ( لم ينجز) وصندوق قروض البلديات.

- قبل الاتحاد ممثلا في امينه العام بذلك وتم تشييد مقر جديد، فخم ضخم، للاتحاد بحي الخضراء و"تحقق حلم الشغالين"!!!!. الا ان النقابيين كان لهم رأي آخر وهو ان لمقرنهج محمد علي والبطحاء رمزية اهم من اي مكان آخر. وقد تكون في نية بن علي ان ينأى بالاتحاد عن وسط العاصمة حيث تختلط تجمعات العمال بحشد آخر من الناس "ويختلط الحابل بالنابل"..وبذلك استقر الرأي النقابي على البقاء في نهج محمد علي وتم كراء المقر الجديد لإحدى الوزارات..

- لقد صرفت مليارات من أجل إقامة هذه الدار ولتمويل بنائها بيعت ارض كانت على ملك الاتحاد تقع بشارع محمد الخامس قرب مجموعة البنوك الموجودة هناك. وقد للا يعلم الكثيرون ان السلطة الحاكمة في عهدي المرحومين الحبيب بورقيبة والزين بن علي ماطلت في اسناد رخص البناء اللازمة بذرائع مختلفة ثم اعترفت بصريح اللفظ انها لا ترغب في رؤية مقر الاتحاد (مع ما يوحي به من تجمعات وتظاهرات واضرابات وعمال وغيره) وسط ذلك الحي المصرفي الفخم.  كما توفر جزء من تمويلات البناء من الأموال المترتبة عن تسويغ نزل اميلكار علاوة عن الأموال المتاتية من مداخيل الانخراطات والمنحة المالية التي كان يتمتع بها الاتحاد من الصندوق الاجتماعي.

فهل تساءل" الغيورون" على المنظمة عن تلك التكلفة المالية كمايتساءلون عنها اليوم؟! للتذكير فقط:

- فان حملة بناء دور الاتحادات الجهوية والمحلية في عهد الأمين العام السابق إسماعيل السحباني وما استنزفته من أموال تجاوزت المليارات مثل دار الاتحاد بالقيروان وسليانة والكاف والفحص وسجنان وتطاوين و..كان ذلك مدعاة مفخرة واعتزاز ولم يتساءل الناس عن تكلفتها ومصادر تمويلها.. ؟؟!!

- ان التخطيط لاعادة بناء الاتحاد على انقاض البناية العتيقة بنهج محمد علي يرجع إلى ما يقارب الست سنوات..وكان محل وفاق عام من النقابيين،واطلعت شخصيا على مثال البناء والتهيئة انذاك ..وان تجاوزت التقديرات حدها فمرد ذلك إلى تدهور قيمة الدينار/غلاء اسوام مواد البناء الخ.. فاذا كان المبلغ المقدر ب29 مليار يبدو مشطا فان الالتجاء إلى الخبراء لتقدير المصاريف الحقيقية افضل من الرجم بالغيب.

لكن لو فرضنا ان قيادة المتظمة تخلت عن هذا المشروع..؟

- ستبقى النقابات العامة والجامعات مشتتة وسيظل الاتحاد يتحمل مصارف كراء الدار التي كان استأجرها وهي تكلفة مالية باهضة في دار ليست بداره..

علما وان العديد من المقرات التي يتحوز عليها الاتحاد لم تكن مسجلة بدفتر الملكية مثل مقر نهج اليونان وغيره. وقد تم حسب علمي تسوية ملكية هذه العقارات لفائدة الاتحاد. ولعمري ان ذلك يحسب كانجاز هام.

- ادلي بهذا الراي بمحض ارادتي لا أرجح به كفة اي طرف ولا اخال ان قيادة الاتحاد الحالية معصومة وفوق النقد ولا القيادات السابقة..وقد كنت ضمنها.

وأعتقد أن من الحصافة في الراي ان نركز على احترام قوانين المنظمة لا نزيغ عنها وان نعدد اللقاءات النقابية للبحث عن السبل الامثل لتطوير الأداء النقابي حاضرا ومستقبلا..دون انحسار او انتقاء او إقصاء.

* الهادي الغضباني الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين والامين العام المساعد سابقا.