وطني

كلمة الأخ سمير الشفي بمناسبة ذكرى تأسيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

الشعب نيوز / تونس - بمناسبة الذكرى السابعة و الأربعين لتأسيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان  و بحضور ممثلي الرابطة و ممثلي المنظمات الوطنية و الجمعيات الوطنية  و من بينها الإتحاد العام التونسي للشغل ، ألقى الأخ سمير الشفي الأمين العام المساعد المسؤول على المرأة و الشباب العامل و الجمعيات و المؤسسات الدستورية كلمة بالمناسبة في ما يلي نصها : 

في البداية أود أن أرحب بالحضور، مناضلات ومناضلي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ممثلي المنظمات الوطنية والجمعيات الوطنية المهتمة بل المنخرطة في النضال الوطني والديموقراطي، النضال الذي لم يكن ليتوقف في أي لحظة من اللحظات، على اعتبار أن هذا الملأ الكريم، وهذه الوجوه المناضلة، لم تكن حقيقة حضورها وليد اللحظة، وإنما يترجم تاريخا مشتركا من النضال المشترك من أجل تونس، تونس أخرى أفضل كنا نراها، ولا زلنا مصرين على رسم صورتها الحقيقية الجميلة، التي تعكس انتظارات وأحلام أجيال من التونسيات والتونسيين هذه الصورة التي تترجم دولة تحترم الإنسان  والمواطن  والحقوق.

اليوم نكون معكم كما كنا في السابق، واليوم وغدا، مع شركائنا في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في إحياء الذكرى السابعة والأربعين لتأسيسها  والكل يعلم أن هذا التاريخ أيضا كان تاريخا مشتركا عندما كانت دولة البوليس والقمع تمنع الرابطين والرابطيات حتى من مجرد الالتقاء في فضاءاتهم ومقراتهم، كانت دور الاتحاد العام التونسي للشغل فضاء متسعا للمناضلات والمناضلين.

 اليوم أيضا، وبمناسبة إعادة افتتاح المقر المركزي، الخيمة الوطنية الجامعة بطحاء محمد علي في حلته الجديدة، فهذه البطحاء وهذا المقر أيضا سيكون مفتوحا لكل مناضلات ومناضلي الرابطة والقوى الحية في المجتمع

لأن هذا الفضاء ملك لكل التونسيين والتونسيات الذين تتقاطع أحلامهم ومطالبهم ونضالاتهم مع أحلام ونضالات الحركة النقابية في تونس، والتي تعرف جيدا وأن هذه الحركة والاتحاد العام التونسي للشغل، الذي اقترن نضاله الوطني والاجتماعي بالنضال أيضا من أجل حقوق الإنسان والحرية العامة الفردية .

ونحن هنا نؤكد مرة أخرى على الوقوف المشترك مع كل الخيرين من بنات وأبناء تونس للدفاع عن الثوابت الوطنية، عن الثوابت المجتمعية، على كل من آمن بحقنا في التعبير، وحقنا في الفعل السياسي، وحق كل التونسيين والتونسيات بالاختلاف مع الآخر أين كان هذا الآخر، على قاعدة الثوابت الوطنية والحقوقية الإنسانية الكونية.

ومن هنا فنحن نجدد دعمنا ووقوفنا إلى جانب الأخوة شركائنا الآخرين من قطاع المحاماة الذين يتعرضون اليوم إلى هجمة شرسة وهذه الأزمة لم تقتصر على الإجراءات البوليسية التي أحالتنا على ممارسات خلنا أن ثورة الحرية والكرامة قد وارتها التراب.

وإنما أيضا يسحلوننا في الفضاء الاجتماعي، في غياب لهذا المرسوم سيء الذكر المرسوم 54، وإن كنا لا نعترف ولا نؤمن بمضمون هذا الرسوم، ولكن لا فقط أنه سيء الذكر، وإنما يتعامل معه على خلفية أن “من ينقد الحقوقيين والنقابيين والمناضلين الذين خبرتهم الساحات، فهذا المرسوم غائب غيابا مطلقا. أما من ينقد السلطة التنفيذية أو غيرها، فهو منتصب في كل دقيقة وساعة ويوم

ومن هنا اليوم نؤكد مجددا بأننا وان كنا قد ترجمنا مواقفنا التاريخية منذ ثورة الحرية الكرامة وكانت لنا أيضا مواقف يوم 25 جويلية في تلك اللحظة كسائر التونسيين والتونسيات فإن هذا الموقف الذي ساند التدابير الاستثنائية، لم يكن صكا على بياض، وإنما كان مشروطا بضرورة احترام الحريات العامة والفردية وحقوق الإنسان والمكاسب الاجتماعية وغيرها من تلك الاشتراطات

لأننا لا يمكن أن نفهم أن تلك اللحظة التي ناضل فيها، وراكم فيها شعبنا بمختلف القوى الحية من أجل استعادة نبض الثورة، واستحققات الثورة، ومطالب الثورة

 في الحرية والكرامة والعدل الاجتماعي والسيادة الوطنية والدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

فأن تلك اللحظة لا يمكن لأي كان ومهما كان، أن يوظفها لمشاريع شخصية مقتصرة على رؤى اديولوجية.

تونس ليست قادرة على أن تكون حقل تجارب، اليوم شعبنا يناضل من أجل لقمة عيشه

والشعب يئن تحت غلاء غير مسبوق لكل المواد الاستهلاكية، شعبنا اليوم وشبابنا الذي اغتيل فيه الأمل في البقاء وتأمين حياة كريمة في وطنه وفوق ترابه وتحت شمسه، يغادر عبر البحر الأبيض المتوسط تاركا الأحلام وتاركا الأمهات والآباء يتلظون من الحسرة على فلذات أكباده.

اليوم المناضلات والمناضلون الذين وقفوا قبل الثورة وأثناء الثورة وبعد الثورة من أجل الدفاع على الثوابت الوطنية، في علاقة بالحريات العامة والفردية وحقوق الإنسان والعدل الاجتماعي واستقلال القرار الوطني والسيادة الوطنية، اليوم نستمع إلى مقاربة أخرى، عجيبة غريبة، وهي افتعال تناقض مشبوه بين العلاقة بين الحرية والسيادة الوطنية.

نقول إلى هؤلاء: لا قيمة ولا معنى للسيادة الوطنية متى كان أصحاب الشأن، الإنسان المواطن التونسي، يضرب وتنتهك حريته ومواطنته، وبالتالي نحن نرى بأن هناك ثمة علاقة جدلية بين الحرية والسيادة الوطنية وكل من يفتعل هذا التناقض فهو لا يعمل لا بالحرية ولا بالسيادة الوطنية.

 لأن من يدافع عن استقلال قراره الوطني لا يمكن إلا أن يكون حرا ومؤمنا بأن الحرية هي أولا وأخيرا وأن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية.

لا معنى لديمقراطية في ظل الانتهاكات التي نسجلها على كل النشطاء من النقابيين والحقوقيين والصحفيين والمحاميين و مختلف العائلة الفكرية والسياسية

إخوتي نحن في الاتحاد العام التونسي للشغل بقدر وقوفنا إلى جانب شركائنا في هذه الفترة الصعبة، فإننا واثقون أيضا من أن كلمة الأخيار والأحرار سوف تكون هي التي تنتصر، لأنها منسجمة مع حقائق التاريخ.

قبل أن أختم لابد أن أعرّج قليلا ونحن نحيي الذكرى تأسيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، هذه الحقوق التي تُذبح في فلسطين مع شعب فلسطين.

باسمكم، باسم الرابطة، نحيي الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية في ظل صمت وتواطؤ غريبين من كل القوى التي صدّعت رؤوسنا بهذه القيم، قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الشعوب.

أقول وأختم إن كانوا هم ينادون بالحرية والديمقراطية ويقدّمون الدروس لشعوب العالم الثالث في هذا المعنى نقول لهم بأن:

 ماحرقة غزة وفلسطين … أحرقت كل خطاباتكم  وهذه المحرقة أيضا لن تُثنينا على مزيد الإيمان بالديمقراطية وبحقوق الإنسان وحق تقرير الشعوب لمصيرها، لأننا من أولئك الذين يؤمنون بأن الديمقراطية نصنعها بأنفسنا ولأنفسنا دون وصاية من أي أحد وشكرا"