وثائقي

في انتظار نتائج الباكالوريا: زهير براهمية كان يلقي الدروس والمحاضرات للتلاميذ مجانا

الشعب نيوز/ تحيين - تولّى الأخ نزار بن صالح الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي تابين الفقيد زهير براهمية في مقبرة وادي الجمال بأم العرائس مسقط رأسه وبحضور الأخ سامي الطاهري الأمين العام المساعد هذا نصّها:

الله اكبر الله أکبر الله أكبر

وداعا زهیر براهمية، وداعا يا صاحب الضحكات والبسمات

جئناك مكلومين موجوعين لتتقبل جبك العزاء لا لكي نعزّي أهلنا في مدينة أم العرائس.

 و داعا يا زهیر

اليوم نودّع فيك رجلاً شهما كريما عالما متواضعا

عرفتك الجامعات دكتورا فيلسوفا كما عرفتك الساحات نقابيا مناضلاً مقداما ... من ساحة محمد علي النقابية إلى لساحة الحمراء الجامعية إلى ابن شرف أنت شرف الجامعة.

تحضر اليوم الجامعة العامة للتعليم العالي والأمانة العامة للاتحاد العام التونسي للشغل لتجدّد بعضا من خصالك وتضحياتك النقابية مفتخرة بتاريخك.

كل نضالك وتفانيك لم يمنعا تعرّضك لمظلمة حُرّمت فيها من حقّ الترشّح للترقية إلى الخطة أستاذ محاضر وقد خضت معركتك وخضناها معك من أجل إثبات هذا الحق وحين يئست ویئسنا من إنصاف الدولة لك توجّهت ونحن معك إلى المحكمة الإدارية التي أنصفتك وأثبتت حقّك ولكنّ الموت سبق تنفيذ حكم المحكمة الإدارية

وداعا يا زهیر

 وداعا أيّھا المؤسّس لجيوب العمل النقابي في الجامعة التونسية في النقابة الأساسية أو الفرع الجامعي وستحفظ الجامعة العامة للتعليم العالي تضحيات الرجال من طينة النقابيين الصادقین مثلک یا زهیر 

وداعا يا زهير

سيفتقدك زملاؤك وسيكون غيابك وفقدانك جليّا

ستفتقدك مدارج الجامعة وسيبكيك تلامذتك الذين فتحت دروب المعرفة وكنت بهم رفیقا رقيقا..

وداعا يا زهير

إنما الإنسان بسيرته وأثره وسيرتك الطيبة ستفوح رحمة على قبرك وأثرك فينا لن يزيله الموت، سنذكرك خيرا ونحن نستعيد كلّ مشاهدك الإنسانية والنقابية والجامعية،

وداعا يا زهير براهية

ودانا يا ابن هذه القرية أم العرائس وابن تونس التي نريدها

رحم الله زهير براهمية.

إنّا لله وإنّا إليه راجعون

--------------------------------

 كتب الأستاذ جلال الرويسي ابن أم العرائس وصديق الراحل زهير البراهمي:

مسودّة لمرثية قادمة

قبل أكثر من عشرين سنة من هذا اليوم، كنّا جمعا من الرفاق جالسين في تيرّاس مقهى لونيفار لمّا قدم الحبيب الطريفي الغزال فسلّم بوجه متجهّم على غير عادته.

خلناه قادما من دار الاتحاد منزعجا لسقوط قائمة نقابية يساندها. لكنّه أخبرنا أنه واصل لتوّه من مستشفى شارنيكول حيث يقيم زهير براهمية الذي أصيب بفشل كلوي مفاجئ.

انتفضنا على الفور نعبر نهج جامع الزيتونة نحو ربوة المشافي.

لمّا وصلنا إلى غرفته، كان الزّو حريصا على طمأنتنا على صحته، خوفا علينا من فرط حبّنا له. من أين كان يأتي بتلك الابتسامات التي يوزعها علينا وهو في سحيق أزمته؟

بعد أشهر، تحوّل الزّو إلى صندوق يستضيف كلية شقيقه. كان مدينا إلى شقيقه الذي تبرّع له بكلية إلى درجة أن جعل منها أمانة من واجبه المحافظة عليها بأيّ ثمن، كما لو كان ينوي أن يعيدها إليه ذات يوم.

كثيرون فوجئوا بمرض الزو ذي الانضباط الخرافي كساعة سويسرية. ولكنٌني كنت أدرك في داخلي أنّنا أبناء الحوض المنجمي نحمل في جيناتنا كلّ أسباب الأمراض المزمنة والثقيلة. فإذا أضفنا إلى ذلك أنّ الزّو فيلسوف حييّ ليس في الحقيقة على ذلك القدر من الانضباط الذي يوهم به، استوعبنا ما حصل دون تراجيديا. فالزّو موزُع بين تعلّم الموسيقى ليس طمعا في نجومية الوقت الضائع ولكن ترويضا للغة الموسيقى لضرورات فلسفية وبين النضال النقابي وفاء منه لأصوله العمالية والانتصار للفقراء انسجاما منه مع طبع ذاتي متأصّل فيه وقراءة الكتب دون هوادة نهما منه ولهفة على المعرفة وكرها للجحود واللؤم تطابقا منه مع صورة رسمها لنفسه.

الزّو يحب الجمال حدّ البكاء. لم يبح لي بذلك ولا ضبطته متلبسا به ذات ضعف ولكن ضحكته الطفولية أمام كل ما هو جميل كانت تفضحه. ومصادقته واحترامه للأشقياء والأبيقوريين كذلك.

خدعتهم جميعا يا الزّو بضحكة الطفل التي خزّنتها في صدرك كوصيّة الجدود. ولكنّك لا تستطيع أن تخدعني أنا بها. أنا الذي شربت معك نفس الماء وتنفست معك نفس الهواء ومشيت مثلك تحت نفس الشمس واحتميت مثلك بنفس مظلات السعف. أعرف تلك الأسئلة التي كانت تطرق الخاطر وأنت تراقب المشهد من تحت سقف مظلة السعف في طريق عودتك إلى بيت دادا بعد جلسة صاخبة مع مثقفي القرية حيث تنتظرك كسرة دادا (ومن غيرك أكثر إدراكا لبيت درويش: "أحن إلى خبز أمّي وقهوة أمّي"؟): قرمود الفرنسيس الأحمر المغتصب لمشهد الصحراء عندنا وقد صار جزءا منّا، كيف تجاور نشازا مع آجر البدو الرمادي المتعرّج؟! أعرف أنّك لا تتنفس الصعداء وتستعيد انسجامك مع ذاتك إلّا بعدما تتجاوز سكّة الحديد وتمرّ بقطعان الماعز المستجير من لظى الحرّ بظلف الصبّار.،أعرف ما تخفيه ضحكتك الصافية من ألم. وأعرف ما يخفيه صبرك على المدخنين من حب للحياة وقدرة على التضحية بقسط من العمر. تبّا لعمر طويل دون عبد الحفيظ المختومي وعلالة الحواشي وسنان العزابي وكمال الزغباني وكلّهم رحلوا قبلك.

أنسيتنا يا الزو بتلك الضحكة المخادعة أنّك تعيش في الوقت بدل الضائع في ضيافة كِلْية شقيقك حتى غفلنا عن آلامك. ولمّا أيقنت من طمأنينتنا الساذجة قرّرت أن تغادر في غفلة منّا. هل هو شوقك إلى الذين رحلوا من خلّانك وأصدقائك أم هو إحساسك بخيانتهم هو ما دفعك إلى الالتحاق بهم؟ أو لعلّك يا الزو أدركت بحكمتك الصامتة أنّ كفّة الميزان انتصفت وصارت تميل إلى الناحية الأخرى.

شكرا يا الزّو على تواضعك وإيثارك وإنكارك لذاتك حتى في يوم وداعك الأخير. اخترت أن تموت خلال امتحانات آخر السنة حتى تعفي زملائك في الجامعة من عناء التنقل إلى لفح الجنوب، رغم أنّ الجنوب يومها كان لطيفا بمن جاؤوا لتوديعك واستعار نسيما من الشرق.

في مقبرة وادي الجِمال وأنت أجملها، وقف شقيقك الذي أهداك كليته منذ أكثر من عشرين سنه يتقبّل العزاء. كنت أودّ أن أعزّيه مرّتين. فيك وفيها. كان يستعدّ لدفن قطعة منه. وكان هناك في المقبرة نفر يرشّون في المكان ريح الفلسفة نيابة عن البقية: سليم العبيدي وسالم السحيمي ونزار بن صالح وسامي الطاهري والضاوي الفارحي وكثيرون من تلاميذك ومريديك الأوفياء. وكان هناك أشقّاؤك. أنت اليوم نزيل مقبرة وادي الجِمال بونتيون المناجم، حيث اخترت أن تنام إلى جانب ابنك ورفيقك جاد الهنشيري. كنّا نلتقي في العاصمة لماما فنكتفي من الكلام بقليله لأنّنا شبعنا من التوطؤ والإحساس بكثيره... ستظلّ ضحكتك تؤنسنا ومظلّتك تجمعنا.

 -----------

ونحن والتلاميذ والاساتذة والعائلات ننتظر الاعلان عن نتائج امتحان الباكالوريا، تمثل أمامنا شهادة عن الراحل زهير براهمية، استاذ الفلسفة، الذي كان يتطوع، مجانا، لالقاء دروس ومحاضرات ويتنقل عبر البلاد من اجل ذلك ويرفض ان يتقاضى حتى مصاريف التنقل.

شهادة كتبها عنه صديقه الاستاذ زهير الحمروني:  

كلما كثر اللغط عن جشع أساتذة البكالوريا و استغلالهم للتلاميذ عادت بي الذاكرة الي السنة الدراسية إحدى و تسعين و تسع مائة و الف و استحضرت صورة زميلي و صديقي زهير ابراهمية، كنت قد التحقت منذ بضعة أشهر بمعهد شربان و كلفت بتدريس العربية للسنوات السابعة آدابا، رجاني تلاميذي و قد لاحظوا بعض التعثر في إنجاز برنامج الفلسفة ان استدعى استاذا يساعدهم على الإجابة عما أشكل عليهم من مسائل فلسفية و يمكنهم من الأدوات المنهجية الضرورية لمواجهة الامتحانات الوطنية فلم أجد الا الأستاذ زهير براهمية ملجأ.

كان زهير قد انتقل في ذلك العام من المتلوي للتدريس في معهد 9افريل و الدراسة في كليتها، اتفقنا بعد اول مكالمة بيننا على أن ينتقل من تونس الي شربان في بداية عطلة الشتاء لإلقاء سلسلة من المحاضرات و الإجابة عن استفسارات تلاميذ شربان على مدى يومين، اذكر جيدا ما قاله لي استاذي و مديري في العمل بمعهد شربان سي فرج بالليل عندما سمع الخبر، " زهير ما عندناش فلوس باش نخلص الأستاذ". قلت له مداعبا و مطمئنا :" لا عليك هذا ما ما هواش متاع فلوس".

وصل زهير الي شربان عصر يوم سبت و أقام بيننا ثلاثة أيام ابلى فيها البلاء الحسن و بقيت ذكراه راسخة في اذهان الكثير من التلاميذ و عندما عرضت عليه مبلغا ماليا يغطي كلفة تنقله من العاصمة إلى شربان أغرق في الضحك و قال لي بالحرف الواحد" لو كان جيت نعرف ماش تمد لي فلوس راني ما جيتش".

ابكيك زهير ابراهمية بحرقة، لا ابكي الشخص الذي عرفت و أحببت لان مصيرنا واحد مهما امتد بنا العمر و لكن ابكي قيما انبنت عليها علاقة جيل من الأساتذة بتلاميذهم، علاقة فيها من الود و الإيثار و الصدق و العطاء ما لا يحيط به وصف.

تغمدك الله حبيبي بواسع رحمته و رزق ذويك و اهلك و احبابك جميل الصبر و السلوان.

* الاستاذ زهير الحمروني

التقوا في الحزن على وفاة زهير براهمية: فاجعة ثقيلة الاوزار عن نجم ساطع سقط من السماء (20-06-2024 22:47)

 

الشعب نيوز/ تونس - كثيرون يعرفون زهير ابراهمية حيث عاشروه في كل الاماكن التي مر منها بدء من ام العرائس من ولاية قفصة وصولا الى تونس العاصمة، وانطلاقا من درس حروف اللغة العربية وصولا الى الفلسفة بمختلف تشعباتها، وبناء من عمل فطري يدافع عن الانسان في ابسط حاجاته وصولاأيضا - الى العمل النقابي المؤسّس للدفاع عن الانسان مكتمل الحقوق 

التقوا في الإشادة برفعة اخلاقه وطيب معشره.

 كتب الزميل علي الخميلي: لم أجد القلب الذي يتحمل أوزار ثقل كل تلك الفاجعة القاتلة، حين وصلني خبر رحيل صديقي الصدوق، المثقف جدا، والخلوق، والبشوش دائما، دكتور الفلسفة في الجامعة التونسية، زهير براهمية، كما أنني لم أصدق الخبر الصاعقة، قبل التثبت من صديقي الدكتور عبيد الخليفي، الذي أكده وهو في حالة كبيرة من التأثر، مشيرا إلى صحة الخبر وتفاصيله وذلك بنوع من الإختزال.

إرتجفت كثيرا وسالت الدموع مدرارا، وهو الصديق، بل الشقيق الذي لم تلده أمي، ولم أجد من الحركات والسكنات، ولفترة ما، إلا الجمود بل التحنّط تماما، قبل الغفوة التي تمرّدت بسرعة، وهاجت دون أن تدرك المصير ودون أن تصدق الخبر العسير والمرير، لتكون بعدها الصحوة المجهولة التي ترى الغموض كما ترى تلبدات السحب الدكناء والغيوم الشخماء، دون أن ترى الحقيقة التي أسقطت نجمة ساطعة من السماء، نجمة، ليست ككل النجوم، نجمة ظلت تنير العقول والدروب، وتزرع السلم في الحروب، وتنتهج المنطق الذي إختاره ليكون إختصاصه، في التدريس الجامعي، وذلك بأسلوب بيداغوجي بشوش، جعله يكون محل إحترام وتقدير الجميع، ونبراسا مضيئا وأينما حل تسبقه بشاشته، فيجد الترحيب والتكريم والتبجيل، وخاصة من قبل تلاميذه السابقين بالمعاهد الثانوية التي درّس بها بكل محبة وعشق لمادة الفلسفة، وكذلك من طلابه القدامى والجدد في الجامعة التونسية، فضلا عن زملائه وأصدقائه الكثّر بالبلاد التونسية بكل أرجائها، وبخارجها أيضا.

لم أجد أصابعي المرتجفة لأكتب هذه الكلمات المبعثرة التي لا أدري مدى تماسكها من حقيقة إضطرابها، كما لم أجد صوتي حين أردت الصراخ، فتذكرت الأيام الجميلة والطويلة التي إمتدت لخمسة عقود تقريبا كنا قضيناها معا دون احتجاب، سواء هناك في المتلوي، أو في موطنه أم العرائس، أو في قفصة أو هنا في العاصمة بمختلف ضواحيها، كانت آخرها منذ أسابيع بإحدى مقاهي حمام الشط، رفقة العميد القائد منصف الشريف والصديقين نوفل الزيادي والكيلاني الشرادي، كما أسرى لي منذ أيام الدكتور عبد المجيد الجوادي أنه يريد صحبة القائد خير الدين بوصلاح والصديق عمار الزين، زيارتي لإبعاد البعض من قلق المرض عني، وأنهم لا ينتظرون غير التنسيق معه، باعتباره يعرف منزلي، كما كان الصديق المبدع آدم فتحي ينتظر هو أيضا التنسيق معه لتنظيم جلسة مودة ننبش فيها الذكريات، لتشاء الظروف إلا أن يكون رحيله إلى عالم آخر أسرع، من كل البرمجة والإنتظارات، دون التمتع لاحقا بجلساته الرائعة ولا بابتساماته النقية التي يطلقها بكل صفاء، لتكون في شكل قهقهات محبذة وذات إيقاع موسيقي ملفت، حتى إشتهر بها في الأوساط المقربة منه...

تذكرت كل شيء، دون أن أنسى الجزئيات التي كان يشكو منها، وكان يبوح بها لي، دون غيري، وكيف كان يصر على إعادة بناء جسر العلاقات بين الأصدقاء الذين هبت بعض رياح الخلافات بينهم، كما تذكرت كيف كان يبرّر لي حين أستفزه متسائلا عن موعد زواجه الذي لم يحدده أبدا، بأن لديه من الملفات المعرفية الأكاديمية ما يدعوه الواجب إلى إنهائها، وبعدها سيفكر في الزواج، وحين أحدثه عن الأبناء يشدد على أن كل تلاميذه وطلابه القدامى، وأيضا الجدد، ذكورا وإناثا، هم كلّهم أبناؤه، وهو يؤكد أنه سعيد جدا بهم، وفخور بما أدركوه من مستوى كبير وشأن مهم في الحياة العامة

كتب محمد العروسي بن صالح: التقيت زهير براهمية لأول مرة اثناء محاضرة للأستاذ محمد أركون. ومنها، نشأت بيننا علاقة ود كبيرة. أكتب فقط انه كان يناديني يا ولد خالتي (بترقيق الخاء). الباقي تفاصيل أحتفظ بها في غيابه.

من جهته، كتب غسان المختومي ابن الراحل حفة المختومي:

حبيبي الزو "زهير براهمية" عندما كان يحط الرحال في فرنسا كان يبيت عندي في غرفتي الجامعية التي لا تتجاوز مساحتها 16 متر مربع.

يحدثني عن دادة و ذكرياته مع حفة و العالم و حبه لطلبته و اصحابه وهم أصحاب و رفاق أبي .

كان يطبخ لي فمنذ وفاة أبي ورفيقي حفة لم أجد عما او رفيقا قاسمني غرفتي وطبخ لي الأكل التونسي بيدين سمراويتين في بلد لا رب و لادم و لا روابط لي فيه و يريني كيف أضع البهارات و التوابل في الأكل و يمازحني "تعرف تاريخ الافحات و ماتعرفش تحطها في الماكلة" .

أهرب به نحو الفلسفة و التاريخ فتتحول الغرفة من غرفة صغيرة في صغر الحياة و قسوتها الى عالم أرحب لا حدود له .

الله يرحمك عم زهير ، حبيبي الزو .

سامحني عم زهير ان صار قلبي إفرنجيا باردا و لم نتواصل منذ مدة

تلك هي الحياة .

أما شكري لطيف فكتب : تماما كما عهدناه في حياته الجميلة، كارها للصخب والضجيج في جميع أشكاله، رحل زهير براهمية في هدوء قاتل.

تفجعنا الموت اليوم في ابن من الابناء الافذاذ لقلعتي النضال كلية الاداب والعلوم الإنسانية  9 أفريل وكلية الآداب منوبة.

تزاملنا في الدراسة في قسم الفلسفة، وترافقنا في الحركة الطلابية في فترة الجمر والكفاح للهياكل النقابية المؤقتة للاتحاد العام لطلبة تونس. وواصل النضال في قطاع التدريس الجامعي وتولّى مهمة الكتابة العامة للنقابة الاساسية التابعة للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي بالمعهد العالي ابن شرف.

درّس الفلسفة في الجامعة التونسية، وبقي طيلة حياته وفيّا مخلصا لقيمها الأساسية في التفكير الحرّ والتواضع المعرفي وفي الأخلاق الرفيعة، وتخرّجتْ على يديه أجيال متعاقبة من المُدرّسين والباحثين المرموقين في الفلسفة.

وداعا صديقي زهير، سنفتقدك كثيرا.

وبدوره كتب الشاعر جليدي العويني: كان مجلسا ثنائيا ضيقا بمقهى الاقصر بشارع الولايات المتحدة بالبلفدير  كنت ثالثه بعد أن اثثه الصحفي الراحل مختار التليلي و الصحفي خميس الخياطي .توسع المجلس بقامات أخرى مثل عبدالحليم المسعودي ، هشام السنوسي، نزار بهلول ، شكري المبخوت، ماهر عبدالرحمان ، عبيد الخليفي... والطيب الجميل الودود الفيلسوف الاستاذ زهير براهميه...

بعد يوم من وفاة خميس الخياطي يفاجئني خبر موت زهير ..يا الله . تعازي للأصدقاء المشتركين، لتونس، لكل من عرف زهير صديقا وطالبا ورفيقا. تعازي لام العرائس. 

وكتب عبد الحليم المسعودي: وداعا أيها الحبيب وداعا أيها الشقيق الدكتور الفيلسوف زهير براهمية

سنفتقد برحيلك تلك الضحكة ... الضحكة ذاتها ... ضحكة الطفل العابث بفجر بدايات الكون

سنفتقد بعدك الطيبة والنبل والتواضع والالتزام والمحبة الوارفة

العام الماضي، احتفلت بصدور كتابي "الأغورا و الأوركسترا " الذي صحّحته وراجعته وكنت حريصا عليه أكثر مني ... وداعا زهير

وكتبت فوزية الغيلوفي:

تتساقط الأوراق تباعا وتترك لوعة في القلب ، زهير براهمية يرحل ساعات قليلة بعد رحيل خميس الخياطي وهما اللذان كانا يجتمعان يوميا في المقهى بلافايات، استغربت غيابك بالأمس أثناء تأبين "خموس" واليوم أعلم بوفاتك.

وداعا زهير بضحكتك العفوية وطرائفك القفصية... وداعا والله يرحمك وينعمك.

وتساءل محمد أبو هاشم محجوب

ومن سيحبُّ الناسَ مثلما أحببتَهم يا زهير؟ ومن سيصبر عليهم مثلما صبرتَ عليهم يا زهير؟ .. أنهار من الدموع لا تكفي للحزن عليك يا صديقي .. وداعا يا زهير ابراهمية .. يا غالي.

هاتفتك منذ أسبوع وخجلت أن أطلب منك أن نبرمج لقاء إيفون لوبلي لتقديم كتابك بعد أن وصفتَ لي أوجاعك .. يرحمك الله أيها العزيز

ودون حمادي العش كاتبا: موجع رحيلك يا "الزو" .لن أقول كنت زميلا رائعا في الجامعة .. وزميلا خلوقا وودودا حين درسنا معا في معهد السيجومي..فقط أشعر أنك قررت الرحيل عن عالم ردئ لم يعد يحتمل ما تختزله فيك من قيم الصداقة الحقيقية وصفاء الروح وطيبة الجنوبي الذي لم تلوثه أدران المدينة ووسخ التافهين..عالمنا بما يُجليه اليوم من أمراض الحقد والحسد والبغض والكراهية والنميمة لم يعد عالمك فرحلت عنّا حبيبي ..

لم يعد هناك من يصافح بحرارة كما تفعل ..لم يعد من يضحك معك من أعماق القلب كما أنت تفعل .. نفاق في كل الزوايا ..وضحكات صفراء وماكرة ..كرهت عالمنا الذي لم يعد يتسع لأمثالك من أنقياء القلوب فرحلت ..فهل نبكيك أم نبكي أنفسنا نحن الأموات الأحياء؟ لروحك السلام والسكينة حبيبي ولنا الوجع على رحيلك المر.  

وكتب آخرون كثيرون منهم بالخصوص نزار بهلول والهادي دحمان وعدد كبيرمن النقابيين والجامعيين مرثيات تليق بالرجل وبسمعته وعلاقاته المتشعبة وبنضالاته على اكثر من صعيد وخاصة النقابي.

رحم الله الدكتور زهير ابراهمية برحمته الواسعة وطيب ثراه، وجعل مأواه الجنة، ورزق أشقاءه عامر ومصطفى ويونس وكل أهاليه بمدينة أم العرائس وأصدقاءه وزملاءه جميل الصبر والسلوان...وإنا لله وإنا إليه راجعون.