دولي

الصحة والسلامة المهنية في الاهتمامات العربية : أغلب الأقطار العربية لم تصاقدق على الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة

بقلم د. بدر السماوي 
نظم المركز الدولي للتدريب التابع  لمنظمة العمل الدولية منصة الكترونية للتعلم عبر الإنترنت  حول الصحة والسلامة المهنية موجهة للمسؤولين النقابيين الناطقين باللغة العربية وذلك خلال الفترة المتراوحة بين 4 أوت 2021 إلى 8 سبتمبر 2021 بمعدل ثلاث حصص كل أسبوع. وشارك في هذه الندوة ممثلون عن نقابات وخبراء من العراق وسلطنة عمان والبحرين والمغرب والجزائر والسعودية وفلسطين وموريتانيا ولبنان. وقد نالني شرف متابعة أغلب الحصص بصفتي ممثلا للاتحاد العام التونسي للشغل. 
واشتملت الندوة على عرض ثري لمفاهيم متعلقة بالصحة والسلامة المهنية وتبادل التجارب الفضلى في الوقاية من الأخطار المهنية والتعرف على مدى مصادقة الدول العربية على الاتفاقيات الدولية في مجال الصحة والسلامة المهنية. وتبين من خلال النقاشات وتبادل التجارب أهمية الوقاية من الأخطار المهنية بالنظر إلى ما تتسبب فيه حوادث الشغل والأمراض المهنية من أضرار حيث تفيد إحصائيات منظمة العمل الدولية عن حصول ما يقارب 270 مليون حادث شغل سنويا في العالم و160 مليون إصابة بأمراض مهنية. ومن بين كل هؤلاء يتوفى ما يناهز مليونان و 700 ألفا سنويا. لذلك التزم المشاركون بالعمل على العمل من أجل توفير الظروف لحماية العاملين من الإصابات الناجمة عن أخطار بيئة العمل وعلى المحافظة على مكاسب المؤسسات والمنشآت وما تحتويه من أجهزة ومعدات وعلى الحيلولة دون تعرضها لأي تلف أو عطب نتيجة للحوادث بما يساهم في  تثبيت الأمان والطمأنينة في قلوب العاملين أثناء قيامهم بأعمالهم. 
مواجهة الكوفيد 19 أولوية   
ومثلما كان منتظرا فقد سيطر على النقاشات موضوع الكوفيد 19 من زاوية تأثيره على ظروف العمل والإجراءات التي تم اتخاذها للتوقي من الوباء أو لمعالجته. فقد اجتاح هذا الوباء العالم بأسره منذ نهاية عام 2019 ثم امتد إلى البلدان العربية متسببا في تعطيل الكثير من مسارات الحياة العادية وفي توقف بعض الأنشطة الاقتصادية وفي التأثير على سوق العمل وفي تخفيض الأجور وفي إحالة بعض العمال على البطالة. وقد تباينت الدول العربية في تعاملها مع الجائحة تبعا لدرجة العدوى ومدى انتشار الإصابات والقدرة على توفير الإمكانيات وتواجد العمل النقابي. كما كانت للوباء انعكاسات وخيمة على ظروف العمل بسبب زيادة خطر العدوى بشكل يومي خاصة في القطاع الصحي. وأبرزت جائحة كورونا عدة مشاكل أو فاقمت مشاكل كانت موجودة أصلا ومن أهمها مشكلة التخلص من النفايات الطبية ومن الأعداد الهائلة من معدات الوقاية الشخصية وبقايا عينات فحوصات كورونا من فضلات بشرية وغيرها.  
دور النقابات قي مواجهة الوباء
وأمام هذه التحديات قامت النقابات العربية بأدوار متفاوتة في النضال من أجل اشتراط توفير متطلبات الصحة والسلامة المهنية الخاصة بمواجهة الوباء مثل التباعد الجسدي في العمل وتوفير المعقمات والمنظفات والتخفيف من عدد المترددين على مواقع العمل واستعمال آلات قيس الحرارة سواء بالنسبة للعمال أو للحرفاء والزوار وإلغاء التجمعات والمناسبات في تلك الفترة والاقتصار على الاجتماعات الضرورية والتشجيع على إنجاز ما أمكن من المهام عن بعد. ويعود تدخل النقابات إلى قناعتها بأهمية نظام السلامة والصحة المهنيتين لما لهما من منافع تعود على حماية العاملين والعاملات مما أدى إلى اشتراط معايير جديدة للحد من انتشار الوباء بعد أن لوحظ مدى تأثير الجائحة على ظروف العمل. ويؤدي الاعتراف بدور النقابات إلى الحاجة الملحة إلى اعتماد الحوار بين الشركاء الاجتماعيين من أجل النهوض بواقع الصحة والسلامة المهنية. كما أثيرت في الندوة إشكالية عدم مصادقة أغلب الأقطار العربية على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالصحة والسلامة المهنية وفي مقدمتها الاتفاقية عدد 155 لسنة 1981 والتي ستكون موضوع مقال قادم.