الديمقراطية بين النظرية والممارسة
الشعب نيوز/ عبد العزيز بوعزي - القصرين / تونس:
الديمقراطية مفردة يونانية تتكون من شقين (ديموس) وتعني الشعب و(كراتوس) وتعني السلطة أو الحكم وتعني اصطلاحا «حكم الشعب» وهي شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة.
ويعود ظهور المفردة إلى القرن الخامس قبل الميلاد كشكل للحكم على النقيض من الأرستقراطية وهي تعني حكم النخبة والاليغارشية عندما تستولي مجموعة من الأفراد على السلطة والتي تتمثل في الحكم الملكي وكذلك بالنقيض للاتوقراطية والتي تعني حكم الفرد وهي بالنهاية تناقض الدكتاتورية عندما يستبد فرد أو نخبة أو مجموعة سياسية أو دينية أو عسكرية بالسلطة وتقصي المشاركة الشعبية. وتختلف أشكال الحكم الديمقراطي فهناك المباشرة وهناك التمثيلية أي الديمقراطية الشعبية والديمقراطية الليبرالية.
هذا في الجانب النظري أما في الممارسة فتتداخل كل هذه المفاهيم والمصطلحات على الأقل في بلدان العالم الثالث التي وردت عليها هذه المفاهيم من الغرب اختيارا أو فرضا وتحاول مواءمتها مع واقعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وإذا كان مفهوم الديمقراطية واضحا في البلدان الغربية فإنه يتعقد ويزداد غموضا في بلدان العالم الثالث التي لا نكاد نجد فيها نظام حكم لا يدعي أنه ديمقراطي ويمثل الشعب حتى وإن كان يمثل فردا أو نخبة أو طبقة. وإذا كانت الديمقراطية الفعلية تمثل حكم الشعب لنفسه بنفسه فإننا نجد الكثير من الشعوب تفرط في حقها وتتنازل عنه لفائدة فرد أو نخبة لا تنتمي لها طبقيا أو ثقافيا. فالديمقراطية الحقيقية يجب أن تعكس الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للأغلبية الساحقة من الشعب الذي يجب عليه اختيار من يمثله ويدافع عن مصالحه فعلا ولكن غالبا ما تقع مغالطة الشعب عن طريق وسائل الإعلام وبعض النخب المنتفعة أو بالإكراه لتحريف إرادته وتوجيهها الوجهة التي تريدها هذه المجموعات الطفيلية فيأتي المولود مشوها ولا يمثل الإرادة الشعبية التي تعكس واقعه الحقيقي وبالنتيجة تخسر هذه الشعوب فرصتها في اختيار من يحكمها وبالتالي تفوت على نفسها فرصة التطور الطبيعي وخلق آليات ديمقراطية تكون قاعدة للتنمية وتغيير واقعها المرير نحو أفق رحب وأوسع يجد الجميع نفسه فيه وتتكافأ فيه الفرص في التعليم والصحة والعمل ذلك أن الأفراد والمجموعات التي تصل إلى الحكم بتزييف الإرادة الشعبية لن تخدم غير نفسها ولن تدافع الا عن مصالحها.
والديمقراطية لا تقف عند شكليات الاقتراع والانتخاب وإحصاء الأصوات مادامت لا تعكس الإرادة الشعبية وبالتالي فإن الديمقراطية المشوّهة والمزيّفة لن تختلف في شيء عن الأشكال المناقضة لها مادامت لا تعكس الإرادة الحقيقية لصاحب المصلحة الأول وهو الشعب.