وقف إطلاق النار في لبنان: هل هي قبلة الحياة للمبادرة الأمريكية
الشعب نيوز / صبري الرابحي - وفاءا لأدوارها التحكيمية في العالم التي لا تخفي تحيّزها للقوى الاستعمارية، تجدّد الولايات المتحدة الأمريكية مساعيها المحمومة لإدارة النزاعات والتدخل فيها، تارة بطوباوية غاندي وطوراً بشراسة جورج بوش الإبن، باحثة في كل مرة عن خروج مشرّف لسياساتها الخارجية من أزمات العالم-المجال للامبرياليتها.
-مبادرة وقف إطلاق النار في لبنان
بعد أكثر من 38 يوم من حرب إسرائيل على لبنان، وبعد أكثر من إنتهاك لسيادتها وإستباحة لأراضيها، ناهيك عن موجة الإغتيالات على أراضيها، تعود الولايات المتحدة الأمريكية إلى جبة السلام من خلال رعايتها لمبادرة وقف إطلاق النار في لبنان عبر وفدها الذي يترأسه آموس هوكشتاين المجند السابق في جيش الاحتلال.
بعيداً عن رمزية وساطة هذا الرجل الذي لا يمكن إخفاء تحيزه لإسرائيل على أساس عائلي على الأقل، فإن توقيت هذه المبادرة يحمل في طياته عديد التساؤلات حول مدى جديتها وآمالها في تحقيق السلام المؤقت، ذلك الحذر في جبهة مشتعلة منذ عديد السنوات.
المحطة التاريخية الهامة:الانتخابات الرئاسية الأمريكية:
لا يمكن تحليل المبادرة وشروطها بمعزل من توقيتها الذي يبدو أنه متصل أساساً بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، فالجمهوريون بتاريخ زعاماتهم يريدون أن يقتنصوا فرصة تحقيق السلام إذا ما كتب لهم العودة إلى الحكم مع دونالد ترامب، الديموقراطيون بدورهم يراهنون على ملف الشرق الاوسط لرتق السياسة الخارجية لإدارة جو بايدن تمهيداً للطريق إلى البيت الأبيض بواسطة كامالا هاريس.
وسط هذا الاختيار البراغماتي يراهن المعسكران على إستمالة الناخبين الذين لا شك أن الكثيرون منهم شاركوا في كل أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني أمام المجازر المرتكبة في حقه وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى انسياقهم وراء الطرف السياسي الذي سيعمل على إحلال السلام وإستثمار خصوصية المرحلة سياسياً على الأقل.
-موقف حزب الله وقيادته الجديدة:
تماهيا مع الطرح السابق والموغل في تفكيك توقيت هذه المبادرة مثل الظهور الاعلامي الأول لنعيم قاسم الأمين العام الجديد لحزب الله في توقيت مدروس أيضاً يتزامن مع حلول الوفد الأمريكي بلبنان فرصة للإجابة بكل وضوح عن التساؤل المركزي حول توجهات حزب الله لمرحلة ما بعد حسن نصر الله وآمال إحياء المبادرة الأمريكية والتي إن بدت جديدة في علاقة بلبنان فإنها قديمة في علاقة بقطاع غزة والتي تعطلت منذ أشهر دون الحديث عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك.
نعيم قاسم كان واضحاً في بيانه بأن حزب الله لن يتخلى عن المقاومة الفلسطينية كما أنه يستميل الشعب والجيش اللبناني في حربه مع الكيان بمحاولة التجميع وليس التفريق في علاقة بكيان دولة لبنان.
نعيم قاسم تحدث عن أن المقاومة والجيش والشعب اللبناني هم الذين أخرجوا إسرائيل من الأراضي اللبنانية في الماضي وليس القرارات الدولية، ليطلق بواسطة هذا التصريح رصاصة الرحمة على المبادرة الأمريكية وهي في المهد، وليوضّح للعالم تمسّك حزب الله بخيار المقاومة مجدداً عقيدة الانتصار على العدو وعدم إنتظار السلام من وراء البحار ربحاً للوقت وخدمة للأطماع السياسية لأصحاب المبادرة من أحزاب الوجه الواحد.