آلاف النازحين في لبنان يعودون الى مناطقهم بعد وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحزب الله
بيروت / وكالات - بدأ آلاف اللبنانيين اليوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024 العودة الى مناطقهم وبلداتهم في أنحاء مختلفة من البلاد بُعيد سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني وحزب الله، وبعد أكثر من عام على مواجهة تطوّرت قبل شهرين الى حرب مفتوحة أسفرت عن مقتل الآلاف وتهجير مئات الآلاف وألحقت دمارا واسعا.
وسرت الهدنة التي أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن ليل الثلاثاء 26 نوفمبر 2024، اعتبارا من الرابعة فجرا (02,00 ت غ)، ويفترض أن تضع حدا لنزاع بدأ في الثامن من أكتوبر 2023 غداة اندلاع الحرب في قطاع غزة بين الدولة العبرية وحركة حماس الفلسطينية، إثر فتح حزب الله ما أسماها "جبهة إسناد" لغزة.
وتصاعدت المواجهة اعتبارا من منتصف سبتمبر وكثّفت الدولة العبرية عملياتها ضد حزب الله وغاراتها الجوية العنيفة التي استهدفت مناطق لبنانية عدة تعتبر معاقل للحزب في الجنوب والشرق وضاحية بيروت الجنوبية كما بدأت عمليات برية في مناطق حدودية في 30 سبتمبر.
وقتل الكيان الصهيوني عددا كبيرا من قيادات حزب الله من الصفّين الأول والثاني وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصرالله، وأكّدت أنها دمّرت العديد من "البنى التحتية العسكرية" للحزب ومراكز القيادة وجزءا كبيرا من ترسانته الصاروخية.
في المقابل، واصل الحزب إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة نحو الدولة العبرية، وخوض اشتباكات ميدانية مع قواتها.
وأجبرت الحرب نحو 900 ألف شخص في لبنان وعشرات الآلاف في الكيان الصهيوني على النزوح من منازلهم.
وبدأ النازحون يتوجهون جنوبا على رغم تحذير من الجيش الصهيوني الذي لم تنسحب قواته بعد من مناطق حدودية دخلتها.
وقال المتحدث باسم الجيش الصهيوني أفيخاي أدرعي عبر منصة "إكس" متوجها الى اللبنانيين، "سنقوم بإبلاغكم عن الموعد الآمن للعودة إلى منازلكم".
ودعا الجيش اللبناني من جهته المواطنين الى "التريث" في العودة الى بلداتهم، مؤكدا أنه يعمل على "اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال الانتشار في الجنوب".
وفي حين لم تنشر بنود الاتفاق رسميا، أفاد مسؤول أميركي وكالة "فرانس برس" بأنه ينصّ على انسحاب الجيش الصهيوني تدريجيا في غضون 60 يوما من الجنوب، وانسحاب حزب الله الى شمال نهر الليطاني، وعلى ان يخلي المناطق الواقعة جنوب النهر من أسلحته الثقيلة.
ويقع نهر الليطاني على بعد نحو 30 كيلومترا من الحدود مع الكيان المحتل .
وبحسب الاتفاق، تتسلّم قوات الجيش والقوى الأمنية اللبنانية المواقع التي يسيطر عليها حاليا الجيش الصهيوني وحزب الله، على أن تنضمّ الولايات المتحدة وفرنسا إلى الآلية الثلاثية التي تم إنشاؤها بعد حرب عام 2006 بين الطرفين، للإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار.
وتضم اللجنة حاليا الكيان الصهيوني ولبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).
وصدر قرار مجلس الأمن الدولي 1701 في العام 2006 بعد حرب بين حزب الله و الكيان الصهيوني استمرت 33 يوما، وينصّ على حصر الوجود العسكري في الجنوب بالجيش اللبناني واليونيفل.
وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الأربعاء بعد جلسة لمجلس الوزراء الالتزام بقرار "تعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني"، مطالبا "بالتزام العدو الصهيوني بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق".
وكان بايدن أعلن مساء الثلاثاء التوصل الى الاتفاق، مشيرا إلى أنّ الهدنة تهدف "لأن تكون دائمة"، ومحذّرا من أنّه لن يُسمح "لما تبقّى من حزب الله (...) بتهديد أمن الكيان الصهيوني مرة أخرى".
وأكد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو أنّ الاتفاق يتيح لجيشه "حرية التحرّك" في لبنان بحال خرق حزب الله بنوده، ويؤدي إلى "عزل" حركة حماس في قطاع غزة ويسمح للدولة العبرية بـ"التركيز على التهديد الإيراني".
وكان حزب الله يتمسّك منذ فتحه "جبهة الإسناد" لقطاع غزة، بأنه لن يوقف المعركة قبل وقف الحرب في غزة، ورفض باستمرار الانسحاب من الحدود. ولم يصدر حتى الآن تعليق رسمي عن الحزب.
* ترحيب دولي
ووفق وزارة الصحة اللبنانية، قُتل في القصف الصهيوني والمواجهات منذ الثامن من أكتوبر 2023، 3823 شخصا على الأقل.
في الجانب الصهيوني، قُتل 82 عسكريا و47 مدنيا خلال 13 شهرا، وفق السلطات.
ولقي وقف النار ترحيبا دوليا خصوصا من أطراف مثل الصين والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وسط دعوات الى استغلال زخمه لتحقيق خرق مماثل في قطاع غزة.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن وقف إطلاق النار سيساعد في وضع حدّ للنزاع المتواصل في غزة.
وأكد مصدر قيادي في حماس الأربعاء أن الحركة "جاهزة" لإبرام اتفاق في حال كان الكيان الصهيوني مستعدا لذلك.
وقال المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه لفرانس برس إن وقف النار في لبنان هو "انتصار وإنجاز كبير للمقاومة"، في إشارة لحزب الله الحليف للحركة.
وشدّد على أن الحركة أبلغت "الوسطاء في مصر وقطر وتركيا أن حماس جاهزة لاتفاق وقف اطلاق النار وصفقة جادة لتبادل الأسرى، إذا التزم الاحتلال، لكن الاحتلال يعطّل ويتهرّب من الوصول لاتفاق ويواصل حرب الإبادة".
واندلعت الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023 إثر هجوم غير مسبوق لحماس على الدولة العبرية تسبّب بمقتل 1207 أشخاص، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لفرانس برس يستند الى ارقام رسمية.
ومنذ ذلك الحين، ينفّذ الكيان الصهيوني هجوما عسكريا مدمرا على قطاع غزة خلّف ما لا يقل عن 44249 شهيدا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، وفق بيانات لوزارة الصحة التابعة لحماس تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.