خطابات التمييز والكراهية : سرديات مهينة لتاريخنا التضامني

الشعب نيوز / ناجح مبارك - تشهد بلادنا انحدارًا خطيرًا نحو تطبيع مع خطابات التمييز و الكراهية، ليس فقط منصات التواصل ووسائل الإعلام، بل في صلب السياسات الرسمية، التي باتت تشكل خطرًا مباشرًا على إرثنا الحضاري وتاريخنا النضالي ضد العبودية والاستبداد، وتضامننا الثابت مع المظلومين وذلك ما اكدت عليه عدة جمعيات ومنظمات المجتمع المدني ومنها الرابطة التونسية الدفاع عن حقوق الانسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وأنا يقظ وغيرها..
* تحريض على العنف
نفضح هذا الخطاب العنصري في بلادنا الذي يكشف في كل يوم عن عار جديد من سرديات مهينة لتاريخنا التضامني قائمة على وهم تغيير التركيبة الديمغرافية الى التحكم في ارحام النساء و الاعتداء على حرمتهن الجسدية ، الى الدعوة لاستعمال الرصاص و التحريض على العنف و القتل علنا ، و اثارة مشاعر الكراهية و التمييز عند عموم الناس من خلال الخطاب المشحون و الاخبار المضللة و المعلومات الزائفة والتلاعب بالعواطف و بث المخاوف و الرعب تحت شعارات الامن القومي عبر ممارسة سيادوية على اجساد المستضعفين/ات مما و ضعهم/ن في في وضعيات اجتماعية و اقتصادية حرجة.
لن نسمح أن تقول هذه الجمعيات بأن يُعاد إنتاج ما عانى منه أسلافنا من استعباد واستعمار وعنصرية. لطالما كان التونسيات والتونسيون وما زالوا يتعرضون في المهجر للتصريحات العنصرية المقززة، والاعتداءات الممنهجة، والترحيل و الطرد الجماعي القسري. وإذا كنا نندد بهذه الممارسات المهينة في حق أبنائنا وبناتنا، فإننا نرفض إعادة انتاجها داخل بلادنا، عبر سياسات رسمية أو صمت متواطئ.
* معركة وجودية
عبرت هذه الجمعيات عن تمسكها بالقانون عدد50 لسنة 2018 المتعلق بالقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري الذي كان بمبادرة من المجتمع المدني وندعوه لتفعيله واطلاق نشاط اللجنة الوطنية لمكافحة التمييز العنصري بعد مراجعة تركيبتها بما يضمن تمثيلية اكثر للمجتمع المدني.
ندعو الى مراجعة قرار سحب الاعتراف باختصاص الافريقية لحقوق الانسان والشعوب في تلقي العرائض من الافراد والمنظمات غير الحكومية باعتبارها مكسبا افريقيا للحضارة الإنسانية وثمرة نضال أجيال ضد الاستعمار والاستبداد والفقر والعنصرية والحروب.
إن مكافحة العنصرية في تونس لم تعد مسألة إدانة خطابية أو بيانات, بل باتت معركة وجودية تتطلب إجراءات حازمة، واحترام قوانين ، وآليات محاسبة فورية لكل من ينشر خطاب الكراهية أو يمارس التمييز، مهما علا شأنه.
ودعت الجمعيات الدولة، بمؤسساتها كافة، إلى الكف عن سياسة الإنكار، وتحمل مسؤولياتها الكاملة في مواجهة هذا الخطر المتفاقم. وندعو كل مكونات المجتمع المدني، والحركات الاجتماعية والثقافية والسياسية، إلى الوقوف صفًا واحدًا ضد هذه الممارسات المخزية.