وطني

ازالة المخيمات في العامرة وجبنيانة ليست الا سياسة اعادة الانتشار

الشعب نيوز/ وسائط -  نشر الأستاذ مصطفى عبدالكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان نصّا على صفحته الرسمية حول الموقف من إزالة المخيّمات في العامرة وجبنيانة جاء فيها:

"اعتقد ان تونس راكمت تجربة مهمة في التعاطي مع ملف الهجرة واللجوء وخاصة بعد تجربة مخيم الشوشة الذي احدث بامر سنة2011واغلق بقرار ماي 2013 وعلى اثر ذلك لم تعد سياسة الدولة التونسية تتعاطي مع هذا الملف بمقاربة تجميعهم في مخيمات بل اختارت السلطات ايوائهم في المناطق الحضرية والعمل ادماجهم و تسوية وضعياتهم تدريجيا بالشراكة مع المنظمات الدولية التي تمكنت من تنفيذ عدة برامج مهمة منأاجل حماية الوافدين وتقديم كل المساعدات اللازمة من ايواء واعاشة وصحة وتعليم وحماية قانونية والشيء الذي احدث نقلة نوعية واستطاعت تونس النجاح ضمن مقاربة تشاركية مكنت الوافد من الحصول عل كافة حقوقه.

غيرأاّن المتغيرات الدولية جعلت من تونس وعدة دول ضحية سياسات اقليمية ودولية اغرقتها في دوامة فوضى الهجرة و تداعياتها

وكانت مدنين وتونس وصفاقس وسوسة والقصرين مسرح سلوكات وأحداث غريبة عن المجتمع التونسي وبرزت ظواهر اثارت حفيظة المجتمع المحلي الذي ارتفع صوته الداعي لحلول حقيقية تمكن الجميع من الحفاظ على المشترك الانساني ولكن فشل السلطات جعلنا نرصد ظواهر واحداث وسلوكات فردية وجماعية غريبة أبرزها:

  1.  تأخر حلول الدول فكان حل الفرد و ظهرت عشوائية حلول المجموعات السكانية المضيفة على حساب الحلول القانونية والمنظمة فكانت النتيجة صدامات في عدة مدن وأبرزها بالعامرة وجبنيانة وتنوّعت الجريمة واستفحل الامر
  2. تأخر دور المنظمات الدولية بسبب خلافات حقيقية مع السلطات التي خونت هذه الاطراف وقامت بإيقاف عديد المشرفين علي عدة منظمات انسانية و تم الترويج لتخوين العمل الانساني وتجريم الانخراط في ادماج هؤلاء المهاجرين وتقديم يد العون
  3. تخبط الدولة و فشلها في وضع مقاربة انسانية وتنفيذ خطة استراتيجية تبرز التزام تونس بتعهداتها الدولية وتحافظ على صورتها الناصعة في مجال العمل الإنساني طيلة كل المحطات التاريخية
  4.  اعتماد السلطات على مقاربة طردهم من المدن و السماح لهم بالانتشار في القرى والأرياف والحقول من أجل إرضاء اطراف سياسية ضاغطة هدفها تحقيق جملة من المكاسب التي تبرز نجاح الاطراف الداعمة لمسار 25 جويلية
  5. ارتفاع أعداد المهاجرين بشكل ملحوظ جدا خاصّة في سنة 2024 2023  بعد أن أمضت تونس اتفاقية مع الحكومة الايطالية في جويلية 2023 والتي جعلت من تونس حارس حدودي وحولت البلاد ال كماشة حقيقية نشهد دخول آلاف المهاجرين برا وجوا وبحرا عن طريق عمليات الانقاذ البحري بالمقابل وتنفيذا لالتزامات اتفاقية مكافحة الهجرة الشيء الذي أدخل البلاد في فوضى ملف الهجرة وإرباك السلطات وخوف المجتمع المضيف من تداعيات الوضع الأمني والصحّي والإنساني عامة.
  6. انتقادات واسعة لفشل الدولة في ادارة الملف مع تزايد الضغوط الدولية و احتقان المواطن بالداخل سرع بأخذ إجراءات عاجلة انطلقت الدولة في تنفيذها فقامت بالترحيل القسري للحدود وتنظيم رحلات عودة طوعية بالشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة IOM  وتنفيذ تدخلات امنية لم تعطي نتيجة واضحة بل زادت الوضع سوءا.
  7. اعتمدت الدولة على أسلوب سياسة فرّق تسد وسياسة المقاربة الأمنية التي ثبت فشلها غير إنه كان بالإمكان النجاح في التعامل مع هذه الظاهرة باعتماد مقاربات إنسانية تشاركية تقدّم حلولا وتترك أثرا إيجابيا وتقلّل من خطورة الوضع
  8. القرار بإزالة الخيام والتدخل بالقوة و تحشيد اكبر عدد ممكن من الامنيين دون توفير بدائل حقيقية ودون معالجة المشكل جذريا وذلك باعتماد حلول وتمكين المهاجر من جملة من الحقوق التي تغيّر واقعه و تجعل منه طرفا متعاونا مقتنعا بالسياسة التي تعتمدها الدولة وخاصة منها العودة الطوعية او الترحيل في غالب الاحيان مع الحفاظ علي صورة البلد داخليا وخارجيا.
  9. نجاح الدولة في إزالة وجرف وحرق المخيمات وإجبار المهاجرين على ترك المكان دون توفير بدائل سيجعلهم ينتشرون في أماكن أخرى ويقيمون مخيمات جديدة ويعود غالبهم إلى الترميم والعودة إلي نفس الحقول والاماكن.

  1. كان من المنتظر تنفيذ 5 رحلات طوعية بالشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة والتي ستضمن عودة حوالي 2500 مهاجر بحلول صيف 2025 خاصة إنّ كل الإجراءات والترتيبات تمت ، إلاّ أنّ تشتيت وترحيل وانتشار غالبيتهم في أماكن أخرى يصعب تجميعهم و تنفيذ رحلاتهم نظرا لصعوبة التواصل معهم مجدّدا وبذلك أهدرت الدولة فرصة تنفيذ عودة عدد مهم منهم.
  2. عدم وجود اتفاقيات مباشرة مع دولهم جعل أمر عودتهم وترحيلهم امرا صعبا وفاقم من تنفيذ حلول الدولة.
  3. غياب خطة استراتيجية واضحة المعالم من اجل التصرف في ملف الهجرة واللجوء زاد من قتامة المشهد وصعوبة الحلول.
  4. غياب قانون وطني وهيئة عليا للهجرة واللجوء سام في فوضى التصرف و التخبط في تنفيذ الحلول و زاد من صعوبة التواصل مع الاطراف المتداخلة.
  5. عدم اعتماد مقاربة تشاركية بين الدولة والمنظمات الدولية والمنظمات الانسانية ورسم جسور الثقة بين كل الاطراف جعل من كل الخطط تعترض بصعوبات وتفشل غالب الحلول المعتمدة.
  6. إعادة مراجعة الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الاوروبي والتعاطي مع الملف باعتماد مقاربة حقوقية بدل المقاربة الامنية ورفض سياسة حراسة الحدود.
  7.  تفعيل كلّ الشراكات مع كلّ التكتّلات الاقليمية والدولية من أجل المساعدة في تنفيذ سياسة العودة الطوعية والتصرّف الناجع في إدارة ملف الهجرة واللجوء.
  8.  اعتماد سياسة عدم الإفلات من العقاب لكلّ الضالعين في ملف الاتجار بالبشر وتشديد العقوبات على الشبكات الدولية التي ساهمت في إغراق تونس بالمهاجرين وإرباك استقرارها.
  9.  ضرورة مصارحة ومكاشفة بمحتوى اتفاقيات ملف الهجرة من اجل انخراط الجميع في تنفيذ الحلوة ومساعدة الدولة على النجاح في ادارة الملف و الحفاظ على صورة تونس التي عرفت تاريخيا بطابعها الانساني واشعاعها الدولي.

مصطفى عبد الكبير