تهددها الحرائق والانجراف والتعرية : كيف نحاكي الأراضي الفلاحية لضمان الأمن الغذائي

الشعب نيوز / ناجح مبارك - انتظم مؤخرا بتونس العاصمة حفل اختتام مشروع "حماية وإعادة تأهيل التّربة المتدهورة في تونس'' ProSol بحضور مسؤولين من وزارة الفلاحة والموارد المائيّة والصّيد البحري ، مع المديرة الإقليمية لوكالة التّعاون الدّولي الألمانيّ (GIZ) وعدد من المسؤولين والشّركاء والخبراء والفاعلين في القطاع الفلاحيّ.
وكان لهذا الحضور متعدّد الأطراف على الصّعيدين الوطنيّ والجهويّ أهمية كبرى للاحتفال بنجاحات المشروع وتعزيز تأثيراته والتّعريف بأفضل الممارسات المعتمدة والاستفادة من تجاربه. وكان موضوع استدامة المقاربات والأعمال محور نقاش عامّ، في حين تمّ الإعلان عن مشروع جديد Soil Matters في إطار التّعاون التّونسيّ الألمانيّ.
* التّربة المتدهورة
منذ سنوات، تواجه تونس تدهورا متزايدا للتّربة في المناطق الفلاحيّة وتحدّيات بيئيّة كبرى مثل الانجراف والتّعرية وتقلّص الغابات والحرائق ونقص المياه، ممّا يؤثّر سلبا على الإنتاج الفلاحيّ والأمن الغذائيّ والتّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة. وأصبحت القدرة على مواجهة تأثيرات التغيّرات المناخيّة مسألة ذات أهميّة قصوى، فعدم كفاءة الموادّ العضويّة في التّربة يؤدّي إلى زعزعة بنيتها وتقلّص خصوبتها.
ونظرا لأهميّة القطاع الفلاحيّ ومساهمته الكبيرة في النّاتج المحليّ الخامّ (10%)، ولمواجهة تهديدات الجفاف وتدهور التّربة، أصبح من الضّروري اليوم اعتماد ممارسات حسنة وأساليب جديدة لتعزيز قدرة النّظم البيئيّة الطبيعيّة على الصّمود. فالتّربة تعتبر من الموارد المحدودة والمتناهية مثل الماء وبالتّالي يجب الحفاظ عليها للاستخدام الحاليّ والمستقبليّ.
* نقص المهارات
وعلى مستوى الضّيعات الفلاحيّة، يشكو الفلاّحون الصّغار من قلّة المعرفة ونقص المهارات الفنّية والموارد الماليّة لتنفيذ أساليب جديدة وممارسات حسنة في مجال التصرّف المستدام في التّربة، ممّا يستوجب تحسين المعارف وتكثيف برامج التّكوين والتّوعية والإرشاد مع إدراج خطط مواجهة التغيّرات المناخيّة ضمن الأولويّات الكبرى في الاستراتيجيّات الوطنيّة.
* مقاربة تشاركيّة ومبتكرة
تم إطلاق مشروع "حماية وإعادة تأهيل التّربة المتدهورة في تونس'' ProSol منذ سنة 2019 من قبل GIZ تونس بالشّراكة مع وزارة الفلاحة والموارد المائيّة والصّيد البحري، ممثّلة على وجه الخصوص بالإدارة العامة للتّهيئة والمحافظة على الأراضي الفلاحيّة DG-ACTA والهياكل الجهويّة.
وتمّ تنفيذه على مدى خمس سنوات ونصف في 7 ولايات من الشّمال الغربي (باجة، جندوبة، سليانة، الكاف) والوسط الغربيّ (القيروان، سيدي بوزيد، القصرين).
ويهدف المشروع أساسا إلى مساعدة صغار الفلاّحين في اعتماد أفضل الممارسات لحماية التّربة وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة بالإضافة إلى تسهيل الولوج لأدوات التّمويل وتحسين الإطار التّنظيميّ.
وتعتمد المقاربة التنمويّة على نهج ديناميكيّ تشاركيّ تتدخّل فيه كافّة الأطراف الفاعلة وذات المصلحة، كلّ حسب موقعه وأدواره وقدراته.
وتمّ توقيع عدّة اتفاقيّات شراكة في هذا الإطار.
* دعم للإستراتيجية الوطنية
أشار شمس الدين الهرابي، المكلّف بتسيير الإدارة العامّة للتّهيئة والمحافظة على الأراضي الفلاحيّة بوزارة الفلاحة والموارد المائيّة والصّيد البحري، خلال حفل اختتام مشروع ProSol، إلى أنّ "حماية التّربة والتصرّف المستدام في الموارد الطبيعيّة يعتبران أولويّة كبرى في خطط التّنمية الفلاحيّة. وتهدف استراتيجية التّهيئة والمحافظة على الأراضيّ الفلاحيّة ACTA، التي أُطلقت سنة 2017، إلى تطوير مناطق ريفيّة مزدهرة تُدير مواردها الطبيعيّة على نحو مستدام بحلول سنة 2050".
مضيفا أنّ "التّنفيذ الفعّال لهذه الاستراتيجيّة يتطلّب مناهج مبتكرة وخبرات فنيّة ومعارف وخدمات استشاريّة متعدّدة التخصّصات إضافة إلى حوكمة تشاركيّة بين جميع أصحاب المصلحة والفئات المستهدفة. وفي هذه المجالات، قدّم مشروع ProSol دعما كبيرا لمجهودات الدّولة التّونسيّة".