صفحات مضيئة من النضال النقابي في تونس : مجزرة المتلوي والمظيلة 4 و5 مارس 1937

عبد العزيز بوعزي - القصرين/ تونس - كانت حكومة الجبهة الشعبية بقيادة ليون بلوم بعد وصولها إلى السلطة في فرنسا سنة 1936 قد نجحت في أن تفرض على قيادة الأعراف في قطاع المناجم ما عرف باسم اتفاق ماتينيون في جوان 1936 والذي أقرّ تمتيع عمال المناجم ب 40 ساعة عمل في الأسبوع مع حقهم في الراحة الاسبوعية والعطل خالصة الاجر.
لكن الإدارة الاستعمارية في تونس وفي إطار ازدواجية تعاملها بالتمييز بين العمال الأجانب والعمال التونسيين الذين كانوا إلى جانب ذلك يعانون من القهر والاستغلال خلدتها الذاكرة الشعبية بقول الشاعر: "اجري ياخادم المدينة راهو اليوم نهار خلاصك نصو يمشي للكنتينة ونصو الباقي لخلاصك واذا بقالك منو حويجة بره امشي عمّر راسك" .
ومع ذلك رفضت ادارة الشركة سحب هذا الاتفاق على عمال المناجم التونسيين والعرب من الطرابلسية والجزائريين والمغاربة. وبعد محاولات ومفاوضات بين القيادات النقابية للعمال التونسيين وإدارة شركات الفوسفاط في الحوض المنجمي، رفضت الإدارة تفعيل الاتفاق فقررت القيادة النقابية إعلان الإضراب العام في منطقة الحوض المنجمي الذي انطلق يوم 2 مارس 1937 .
ونظرا لنجاح القيادة العمالية في تأطير الإضراب حيث منعوا استخراج الفوسفاط ونقله كما قام العمال بإقتلاع جزء من السكة الحديدية ، و أمام احساس الإدارة الاستعمارية بخطر تطور الاوضاع هددت باستخدام القوة في مواجهة المضربين إن لم يخلوا " المغازة" بدعوى سيطرتهم على مخزن السلاح ، وأمام تواصل الإضراب وإصرار العمال على انتزاع حقوقهم المشروعة كلفهم ذلك ماكلفهم .
قامت السلط الاستعمارية وبأمر من المقيم العام أرمون غيون و بطلب من ادارة الشركة باستدعاء قوات الجندرمة والقوات العسكرية من السنغاليين وأفضى ذلك مع تواصل الإضراب يوم 4 مارس إلى إعطاء الأوامر إلى الجندرمة وقوات المدفعية من السنغاليين وما كان يعرف باللفيف الاستعماري بإطلاق النار على العمال المضربين ، وبعد انقشاع الغبار انكشف حجم المجزرة التي ارتكبتها القوات المحتلة بحق العمال العزل يوم 4 مارس في المتلوي الذي عرف بالخميس الأسود.
ويوم 5 مارس في المظيلة والتي خلفت 22 شهيدا من بينهم 18 شهيدا من المتلوي و04 شهداء من المظيلة، و36 جريحا من بينهم 34 جريحا من المتلوي وجريحين من المظيلة ، و48 معتقلا من بينهم 20 معتقلا من المتلوي و28 معتقلا من المظيلة .
لكن وان كانت الذاكرة الجمعية قد أغفلت وأهملت احياء ذكرى هؤلاء الشهداء ولم يخصص يوما للاحتفاء بذكرى استشهادهم فإنهم في المقابل لن يسقطوا من ذاكرة الوطن ، و ستظل أسماؤهم محفوظة في صفحات من سفر تاريخ الحركة النّقابية والعمالية في تونس .