احتجاج غير مسبوق في المعهد العالي للتربية والتكوين المستمر: الأساتذة يرفعون الصوت رفضًا للارتجال والتهميش

الشعب نيوز/ وسائط - يشهد المعهد العالي للتربية والتكوين المستمر حالة من التوتر غير المسبوق في تاريخه، نتيجة ما وصفه الأساتذة بـ"تدهور حادّ في الحوكمة وتفشي ممارسات إدارية فوضوية"، دفعتهم إلى الاحتجاج والمطالبة بتغييرات جذرية في قيادة المؤسسة.
ويأتي هذا التحرك الجماعي عقب تراكم عدد من التجاوزات، أبرزها غياب كلي للهياكل العلمية والإدارية، مثل المجلس العلمي ورئاسة قسم علوم التربية، ولجان الماجستير، مما أدى إلى غياب الرؤية والتنسيق في التسيير الأكاديمي.
اتهامات خطيرة للإدارة
في بيان مطوّل رفعه عدد من أساتذة المعهد ووزّع أمس بالمؤسّسة في الوقفة التوعية التي جمعت الطلبة والأساتذة والعملة، تمّ توجيه انتقادات لاذعة لإدارة المعهد، التي اتُهمت بانتهاج أسلوب أحادي في اتخاذ القرارات، والتلاعب بجداول التدريس وتوزيع المواد، وتكريس المحسوبية، إلى جانب سلوكيات اعتُبرت انتقامية تجاه بعض الأساتذة لأسباب شخصية.
كما اتُهمت الإدارة بمحاولة مغالطة وزارة التعليم العالي، عبر ترويج معلومات مغلوطة بخصوص مداولات الامتحانات، وهو ما فنّده لاحقًا تحقيق إداري أثبت براءة الأطراف السابقة من الاتهامات.
ظروف متدهورة وتدهور المناخ التربوي
وأشار المحتجون إلى جملة من الإخلالات التي مست من الجو العام للعمل داخل المعهد، منها: تعطيل تسليم الشهائد للطلبة، تغييب الشفافية في الامتحانات، فوضى في الرزنامة، إقصاء كفاءات من التنسيق، وخرق مسار الترقية الأكاديمية.
وتُتهم المديرة الحالية بعدم الاختصاص في المجال التربوي، واعتماد أسلوب إدارة قائم على التهديد والمراسلات غير المهنية، والتصرف الفردي في قرارات مصيرية تمسّ الطلبة والأساتذة على حدّ سواء.
أزمة مصداقية وثقة
تنعكس هذه الوضعية على المناخ المهني العام، الذي وصفه الأساتذة بـ"الكارثي"، حيث أدى غياب الحوار إلى انقسام حاد في صفوف الإطار التربوي، وتدهور الثقة داخل المؤسسة، وارتفاع نسب الغيابات والرخص المرضية، ما أثر على استقرار التدريس وجودته.
كما تراجع إشعاع المؤسسة، وتضررت صورتها أمام الطلبة والوسط الجامعي، نتيجة الانقطاعات الإدارية المتكررة وغياب تقييم السداسيات الجامعية بشكل منظم.
المطالب: استقالة فورية وتحقيق عاجل
طالب الأساتذة المحتجون باستقالة فورية لمديرة المعهد، معتبرين أن ذلك هو "الخطوة الأولى لإنقاذ المؤسسة". كما دعوا إلى انتخاب وتجديد كافة الهياكل العلمية والإدارية، بما في ذلك المجلس العلمي والأقسام، وانتخاب مدير جديد من بين كفاءات المعهد.
ووجهوا دعوة صريحة لرئاسة الجمهورية لفتح تحقيق في مسار تعيين الإدارة الحالية، محمّلين جامعة تونس الافتراضية مسؤولية تدهور الوضع، وطالبوا بفصل المعهد عنها وإلحاقه بإحدى الجامعات القريبة مثل تونس أو منوبة أو المنار.
نضال مستمر من أجل الكرامة
في ختام بيانهم، شدد الأساتذة على أن تحركهم لا يأتي من منطلق شخصي، بل هو "دفاع عن كرامة الطلبة والأساتذة، وعن قيمة الشهائد العلمية، واستقلالية المؤسسة"، مؤكدين أن نضالهم سلمي وقانوني في إطار الدفاع عن الجامعة العمومية ومبادئ الحوكمة الرشيدة.