نقابي

في ندوة العاملات الفلاحيات : تشريعات مؤجلة تفرض المزيد من النضال لفرض تطبيقها

الشعب نيوز / ضياء تقتق - تواصلت لليوم الثاني على التوالي، بمدينة طبرقة، فعاليات الدورة التدريبية التي نظمها قسم العلاقات العربية والدولية بالاتحاد العام التونسي للشغل يومي 26 و27 أفريل 2025 لفائدة العاملات الفلاحيات بالشمال الغربي، بدعم من النقابات الإسبانية.

وقد خصصت أشغال هذا اليوم لعرض ونقاش المداخلة التأطيرية للأستاذ عبد السلام النصيري حول "الحقوق الأساسية للعاملات الفلاحيات"، والتي استعرض من خلالها واقع النساء الفلاحيات مبيناً حجم الانتهاكات التي تطال حقوقهن الأساسية رغم الدور الحيوي الذي يقمن به في القطاع الفلاحي.

حيث أبرز الاستاذ النصيري في البداية أن النساء العاملات في الفلاحة يمثلن قوة عمل أساسية تعدّ حوالي 600 ألف امرأة، غير أن 500 ألف منهن يعملن دون أجر منتظم أو تغطية اجتماعية، في حين لا يتجاوز عدد العاملات الأجيرات 120 ألف امرأة.

وتوقف عند أرقام صادمة حيث بيّن أن 90% من العاملات في القطاع الفلاحي لا يمتلكن أي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، ولا يستفدن من التقاعد أو دفاتر العلاج، مما يجعلهن في وضع هش وخارج التغطية الاجتماعية القانونية.

أما على صعيد الأجور، فإن أغلب العاملات يتقاضين ما بين 10 و15 دينارًا يوميًا، وهو أقل قيمة مالية مقارنة ببقية القطاعات، رغم أن القانون حدد الحد الأدنى للأجر الفلاحي بـ 18.900 دينار. كما أشار إلى أن أجرة العاملة غالبًا ما تتآكل بسبب تكاليف النقل، حيث يتم اقتطاع بين 4 و 5 دنانير من أجورهن لصالح أصحاب وسائل النقل، وهي شاحنات غير مهيأة للنقل البشري، ما يضاعف من خطر التعرض للحوادث.

وأكد أن دخل العاملة الفلاحية لا يتجاوز في المعدل 700 دينار شهريًا، في حين أن الحد الأدنى لتأمين متطلبات الحياة اللائقة للعائلة التونسية لا يقل عن 1700 دينار.

  ظروف عمل قاسية ومحفوفة بالمخاطر
 أشار النصيري إلى أن نحو 90% من العاملات يلجأن إلى التنقل عبر شاحنات مكشوفة وغير آمنة، مما أدى إلى وقوع العديد من الحوادث الأليمة، مبرزاً أن ساعات العمل تتجاوز في كثير من الأحيان 9 ساعات يومياً وهي المدة القانونية التي ينص عليها المشرع، تضاف إليها ساعات طويلة من التنقل. وأضاف النصيري بأن النساء الفلاحيات عرضة للإرهاق الشديد والأمراض المزمنة مثل التهابات المفاصل وأمراض الحساسية، إضافة إلى الجروح والكسور الناتجة عن سوء ظروف العمل والنقل.

حقوق مؤجلة

توقف الأستاذ النصيري عند ضعف الاعتراف الرسمي بالقطاع، مشيراً إلى غياب السجل المهني الخاص وإسناد البطاقات المهنية للعاملات، ما يكرّس حرمانهن من الحقوق رغم القوانين التي تضمن ذلك. 
كما أكد عبد السلام النصيري على غياب أجهزة تفقد الشغل الفلاحي والمراقبة الفعلية لتطبيق القوانين مقارنة ببقية المهن.

وأبرز النصيري أن الوضع القانوني تحسن نسبياً بعد صدور المرسوم عدد 4 لسنة 2024 الذي أقر بنظام خاص للحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات، مكرساً مبدأ المساواة بين العاملة الأخيرة وغير الأجيرة، وضامناً منافع التأمين على المرض والتقاعد والحماية ضد الأخطار المهنية.
غير أن التطبيق الفعلي لهذا المرسوم لا يزال غائباً، رغم دخوله حيّز التنفيذ منذ أكتوبر الماضي، مما يضع مصداقية السياسات الاجتماعية موضع تساؤل.

أكد النصيري أن الحق في الصحة والسلامة المهنية حق دستوري لكل عامل وعاملة، مشدداً على أن بيئة العمل الآمنة، ووسائل الوقاية، والنقل الآمن، حقوق يجب تفعيلها لا تركها حبراً على ورق.

واعتبر أن الظروف المناخية القاسية وما تفرضه من تحديات إضافية، تقتضي تطوير التشريعات وضمان احترامها ميدانياً، مشيراً إلى أن غياب وسائل الوقاية الصحية ووسائل النقل المحترمة يمثل خرقاً جسيماً للكرامة الإنسانية.

وفي ختام مداخلته، شدد الأستاذ عبد السلام النصيري على أن طريق تحسين أوضاع العاملات الفلاحيات يمر عبر النضال المشترك والعمل الجماعي المنظم، داعياً النساء إلى عدم التسليم في حقوقهن واعتبار النضال النقابي وسيلة أساسية لفرض مطالبهن المشروعة. 
وأكد أن التنظم داخل النقابات هو السبيل الحقيقي لتكريس العدالة الاجتماعية والدفاع عن كرامة النساء العاملات في القطاع الفلاحي، مشدداً على أن "الحقوق لا تُمنح بل تُنتزع بالوعي، بالمطالبة، وبالعمل الجماعي المنظم."