رياضي

ماذا يعني تراجع اليويفا عن محاسبة ثلاثي "السوبر ليج"؟

خسر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" أحد المعارك في حربه ضد بطولة دوري السوبر، التي تصر 3 أندية أوروبية على إقامتها.

وكان 12 ناديا من كبار القارة العجوز أعلنت في أفريل الماضي تأسيس بطولة جديدة تقام خارج مظلة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" تحت اسم "دوري السوبر الأوروبي" أو الدوري الأوروبي الممتاز، لكن المشروع انهار بعد أيام قليلة من الإعلان عنه.

وتحت وطأة الضغوط الجماهير والسياسية بجانب تلويح اليويفا بعقوبات قاسية، انسحبت 9 أندية من البطولة، وتبقى فقط الثلاثي ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس، بعد رفضهم التخلي عن الفكرة.

وأعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم اعتزامه توقيع عقوبات قاسية على أندية دوري السوبر بسبب ما وصفه بـ"انتهاك محتمل للإطار القانوني لليويفا"، قبل أن يعلن رسميا (الإثنين) تراجعه عن اتخاذ أي قرار ضد تلك الأندية.

وقال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في بيان نشرته صحيفة "ماركا" الإسبانية إن هيئة الاستئناف التابعة له أكدت أن الإجراءات لاغية وباطلة، لتصبح كما لو أنها لم تفتح أبدا.

ويأتي ذلك بعدما منحت المحكمة الاقتصادية رقم 17 في العاصمة الإسبانية مدريد، السلوفيني ألكسندر تشيفرين رئيس "اليويفا" مهلة 5 أيام (حتى يوم الجمعة) لرفع جميع العقوبات المفروضة على الأندية المؤسسة لدوري السوبر الأوروبي، وذلك لعدم صحتها من الناحية القانونية.

وبحسب صحيفة "ماركا" الإسبانية، فإن تشيفرين كان سيصبح معرضا للخضوع للمحاكمة بتهمة العصيان ورفض تنفيذ أوامر القضاء، ما يعرضه لعقوبات قوية، في حالة رفضه إلغاء أي عقوبات محتملة على الأندية التي أعلنت إطلاق دوري السوبر الأوروبي.

- ماذا يعني تراجع اليويفا؟

لم يدخر تشيفرين وسعا لاتهام الثلاثي المتمرد بالعديد من الاتهامات، في مقدمتها بالطبع مخالفة القوانين واللوائح، وهو أمر نفاه مسؤولو الأندية الـ3 بوجه عام، وفلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد بشكل خاص.

وبعد وصول المعركة بين الطرفين للقضاء، أثبتت المحكمة الاقتصادية في مدريد صحة موقف أندية دوري السوبر من الناحية القانونية، بل وأصبح "اليويفا" هو المتهم بمخالفة القوانين في حال إصداره عقوبات بحقهم.

جدير بالذكر أن المحكمة لم تكن الجهة القضائية الوحيدة التي أيدت موقف الثلاثي المتمرد، بل أيضا وزارة العدل السويسرية، التي أبلغت الاتحاد الأوروبي باستحالة معاقبة ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس.

وكانت المحكمة المدريدية استندت في حكمها إلى القانون الأوروبي الذي يسمح بإنشاء المسابقات ويمنع الاحتكار، كما رفعت القضية لمحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، التي قررت بدورها فتح تحقيقات لبحث ما إذا كان اليويفا قد تجاوز حقوقه ومارس أفعالا احتكارية.

هذا يعني أن تشيفرين قد يتسبب دون أن يقصد في وضع اليويفا في موقف محرج، وهو أمر ينعكس إيجابيا على موقف أندية دوري السوبر.

- تحفيز المنسحبين على العودة

منذ اشتعال الأزمة قبل عدة أشهر، خرج رؤساء ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس في أكثر من مناسبة للتأكيد على صحة موقفهم وعدم انتهاء المشروع، وشددوا على أن الأندية المنسحبة وقعت على شروط جزائيه ضخمة، تتماشى مع الأرباح الخرافية التي من المفترض أن تجنيها باللعب في البطولة الوليدة.

وأكدت عدة مصادر إعلامية ما ذكره فلورنتينو بيريز وخوان لابورتا رئيس برشلونة فيما يتعلق بعدم انسحاب الأندية الـ9 بشكل رسمي، وأشارت التقارير إلى أن النادي الذي سينسحب سيدفع شرطا جزائيا لا يقل عن 300 مليون يورو إلى بنك "جي بي مورجان" الممول للمشروع.

هنا تجدر الإشارة إلى أن انسحاب عدة أندية من مشروع دوري السوبر جاء رضوخا لرغبة مشجعيها، بعد خروج تظاهرات للضغط على الإدارات وإجبارها على الخروج من المشروع.

لكن بعد تحسن موقف الثلاثي المتمرد مقارنة بالسابق، خاصة من الناحية القانونية، فإن الوضع الحالي وعدم قدرة "اليويفا" على فرض عقوبات، قد يحفز الأندية المنسحبة من أجل التراجع والعودة للبطولة.

- حل وسط

موقف اليويفا في إخماد تمرد أندية دوري السوبر كان مدعوما من عدة أطراف أبرزها الحكومات والاتحادات المحلية وروابط الدوريات، لكن أبرز داعميه كان الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".

المفاجأة التي كشفتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الأندية المؤسسة للبطولة دخلت في محادثات مع الفيفا في البداية، وكان الاتحاد الدولي مرحبا بشدة بهذه الخطوة، على عكس ما أعلنه بشكل رسمي بتبني موقف اليويفا حين تم الإعلان عن إطلاق دوري السوبر.

موافقة الفيفا غير المعلنة تتفق مع موقفه من إطلاق بطولة مماثلة في أفريقيا، لكن تحت إشراف الاتحاد الأفريقي لكرة القدم "كاف"، والغرض الأساسي منها زيادة موارد الفرق الأفريقية لتطوير كرة القدم داخل القارة.

وفي ظل إصرار رؤساء الريال والبارسا واليوفي على أن المشروع لا يزال حيا، وحديثهم في أكثر من مناسبة عن أهمية الحوار والنقاش الهادئ والموضوعي، فمن الممكن أن تشهد الفترة المقبلة تغيرا في الموقف الرسمي للفيفا لصالح البطولة الجديدة.

كذلك فإن "اليويفا"، رغم استمرار رفضه للبطولة جملة وتفصيلا، قد يوافق على الجلوس على طاولة النقاش التي تدعوه لها الأندية الـ3، وحينها قد يتوصل الطرفان إلى حل وسط يرضيهما معا، كإقامة البطولة بشروط وضوابط جديدة تحت مظلة الاتحاد الأوروبي.

- معركة جديدة

تفوق برشلونة وريال مدريد ويوفنتوس في المعركة القضائية ضد اليويفا لا يعني نهاية المشوار، حيث أن هناك العديد من الأطراف التي ترفض المشروع أيضا، تتمثل في الاتحادات المحلية وروابط الدوريات في بلدان الأندية المؤسسة للبطولة.

وبعد ظهور البطولة وانهيارها المفاجئ في شهر أفريل، رتبت الهيئات الحاكمة لكرة القدم في إيطاليا وإنجلترا أوراقها، وجهزت حزمة من القرارات الصارمة لمنع أنديتها من المشاركة في مشروع انفصالي، غير أنها لم تدخل حيز التنفيذ.

وتخشى تلك الهيئات من انخفاض قيمة البطولات المحلية حال خروج الأندية الكبيرة واكتفاءها باللعب في دوري السوبر.

وبعد غلق صفحة اليويفا بشكل مؤقت، قد تجد أندية ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس أنفسها مطالبة بالدخول في معارك مشابهة مع الاتحادات والروابط في بلادها، من أجل إقامة المشروع الحلم بالنسبة لها.