" وجه رسالة الى وزيرة الشؤون الثقافية : الفنان معز القديري يقدم تصورات عملية حتى تكون الثقافة "رافعة للتشغيل والتنمية

الشعب نيوز / ناجح مبارك - يجر الفنان معز القديري خلفه سنوات من الدراسة الاكاديمية والتكوين المسرحي من خلال مدرسة 77 والتي حول منتوجها المسرحي المتنوع الى مهرجان أو ايام مسرحية هذا الى سلسلة أعماله الناجحة مثل "11/14" ومسرحية " 9" ويحضى باحترام" شيوخ المهنة,"وهو عندما يقدم رسالة الى الوزيرة لا يرجو الا الاصلاح وهذا نص الرسالة التي يقدم من خلالها تصورات عملية :
" تحية تقدير واحترام، في ظل التحديات التي يواجهها المشهد الثقافي التونسي، وفي القلب منه المسرح، نودّ أن نطرح جملة من التصورات العملية والواقعية التي من شأنها أن تُعيد للثقافة دورها الحيوي في بناء الإنسان والمجتمع، دون أن تمثل عبئًا على ميزانية الدولة، بل بالعكس، قد تتحول إلى رافعة للتشغيل والتنمية.
مدينة الثقافة : من النفقات إلى الإنتاج
مدينة الثقافة، هذا المعلم الحضاري الفريد، ظلّ في السنوات الأخيرة أسيرًا لمعادلات الكراء والفواتير، في حين أنه يمكن أن يتحول إلى مركز إنتاج ثقافي حقيقي، وإلى مختبر مفتوح للإبداع المسرحي والسينمائي والموسيقي.
الحل بسيط: عوض أن تقتصر المدينة على تأجير الفضاءات، يمكن تحويلها إلى مصنع إنتاج متكامل للعروض المسرحية، من خلال:
1. فتح ورشات قارة داخل المدينة لصنع الديكور، الخياطة، تصميم الأزياء، الإضاءة، والصوت.
2. تخصيص فضاءات مغلقة للتمرين، وهو أحد أعقد مشكلات الفرق المسرحية التونسية اليوم.
3. تقليص كلفة دعم الإنتاج عبر توفير فضاء وتمويل غير نقدي (ديكور، أزياء، تمرين…) مما يخفف من حجم التمويل المالي المباشر.
4. تشغيل اليد العاملة العاطلة عن العمل داخل هذه الورش، وتحويل الدعم إلى فرص شغل مستدامة.
بهذه الطريقة، ينتقل الفنان من مبدأ “نطلب الدعم” إلى مبدأ “ننتج داخل المدينة”، وتُصبح المدينة شريكًا إنتاجيًا فعليًا، وتعود إليها مداخيل العروض التي يتم تقديمها، خاصة إذا وقع إلزام الفرق بتقديم عدد أدنى من العروض مقابل الاستفادة من الورشات.
تعميم تجربة مركز فن العرائس
أحد النماذج الناجحة هو المركز الوطني لفن العرائس الموجود داخل مدينة الثقافة، والذي نجح في خلق منظومة إنتاج مكتملة (ورشة دمًى، خياطة، مهرجان سنوي…). هذا النموذج ينبغي تعميمه ليشمل بقية أشكال التعبير الفني، المسرحي منها والسينمائي.
مراجعة شاملة لمهرجان قرطاج للمسرح
يحتاج أيام قرطاج المسرحية إلى مراجعة جوهرية على مستويين:
1. مهرجان محلي موازٍ يُعنى بالشباب، بالجهات، وبالفرق الهاوية، ويُخصّص لاكتشاف الطاقات الجديدة، ويُقام بشكل دوري في الولايات.
2. مهرجان دولي محترف يُعنى بالعروض الكبرى، وبمشاركة عربية وأجنبية ذات مستوى فني عالٍ، ويُقام بالتداول مع الدورة المحلية.
مع تأكيد ضرورة أن لا يقتصر المهرجان على العروض فقط، بل يتضمن دورات تكوينية، ورشات، نقاشات نقدية، وفرصًا للتكوين والاحتكاك.
نحو ثقافة تشاركية، منتجة، ولامركزية
نحن بحاجة إلى تصور جديد للثقافة في تونس:
• ثقافة منتِجة وليست مستهلكة للدعم.
• ثقافة تشاركية لا تُدار من فوق، بل تُبنى مع الفنانين والمهنيين.
• ثقافة لامركزية تنتشر في الجهات، وتُعطي للمبدعين المحليين حقهم في التعبير والمشاركة.
الحديث طويل، والفكرة قابلة للتوسيع والتطوير.
نرجو من الوزارة الموقرة النظر في هذه المقترحات بعين الجدّ والاهتمام، وتكليف لجنة خاصة لمزيد تعميق هذا التصور، الذي من شأنه أن يُعيد الحياة إلى قلب الفعل الثقافي في تونس، ويُخفف من عبء التمويل المباشر، ويُحوّل مدينة الثقافة إلى منارة إنتاج فعلي لا مجرّد واجهة حضارية.
مع فائق الاحترام،"