نقابي

في سفاهة الهجمة (5) : خدعوهم بقولهم خبراء، فوصلوا الى "شطط " المطالب واستنكروا "سخاء "الأجور

[ الشعب نيوز/ وسائط – هذا نص كتبه الأخ سامي الطاهري الأمين العام المساعد ونشره على صفحته الخاصة تعقيبا منه على هجمة سفيهة شارك فيه بعض ممن هم غير جديرين بالوصف والتعريف على عمال قطاع النقل ونقاباته. واكشف حقدهم الاعمى وتخبطهم عندما نجح الاضراب 100 بالمائة رغم كل محاولات التكسير والاجهاض مجتمعة.

النص طويل نسبيا، قسمناه في قسم التحرير الى نصوص فرعية وذلك حتى نسهل القراءة في الجزء او في الكل على من يرغب في ذلك.]

في سفاهة الهجمة (5) : خدعوهم بقولهم خبراء، فوصلوا الى "شطط " المطالب واستنكروا "سخاء "الأجور

من المفرح أن نعلم بوجود أجور مرتفعة في أيّ قطاع فهذا مدعاة لتأكيد مبدأ طالما ناضلت من أجله الحركة النقابية والحركات الاجتماعية "أجر عادل/ مجز مقابل عمل لائق"

والحديث عن الأجر المجزي لا يعني الحدّ الأدنى من الأجور، بل أجرا يكفل للعامل وأسرته حياة كريمة ويجعله يجابه الغلاء والتضخّم ويعكس قيمة العمل الذي يؤدّيه العامل والجهد الذي بذله يدويا او فكريا. ويكون العمل اللائق غير مرتبط فقط بالأجور، بل أيضا بظروف العمل وبصحة العامل ورفاهه وكرامته.

وللعلم فقد ارتقت المفاهيم اليوم إلى التحول من المطالبة بضمان الأجر المعيشي living wage إلى المطالبة بأجر الرفاه  tracing wage الذي لا يكتفي بضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للبقاء بل تحقيق الرفاه والازدهار كخطوة في اتجاه عدالة اجتماعية أعمق، وهو ما نتمنّاه لكلّ الأجراء.

هي الأضعف في المنطقة

لكن هل يعيب القطاع ارتفاع أجور عمّال النقل إلى حدّ تجاوزها أجر كادر كبير من كوادر الدولة على حدّ تعبير أحد المتابعين، لو افترضنا صحّته، وهو افتراض غير صحيح؟ وهل هو موجب لمنعه أعوان النقل من مزيد تحسين أوضاعهم المهنية؟

إنّ كلّ الدلائل والتحاليل تؤكّد أنّ الأجور في تونس هي الأضعف في المنطقة  فالأجر الأدنى في تونس بنظام 48 ساعة لا يتجاوز 460 دينار أي 147 دولار بينما الأجر الأدنى في المغرب على سبيل المثال يقدر بحوالي 3120 درهم أي ما يعادل 310 دولار أي أكثر من ضعف الأجر الأدنى في تونس هذا دون الحديث عن وضع مئات الآلاف من المتقاعدين إذ أنّ أكثر من نصف متقاعدي القطاع الخاص يتقاضون جرايات أقل من الأجر الأدنى بما يعني أنّهم يعيشون تحت خطّ الفقر و70٪؜ من متقاعدي صندوق الضمان الاجتماعي لا تتجاوز جراياتهم 600 دينار ولذلك تظلّ المطالبة بترفيع الأجور في تونس حقّا مشروعا فضلا عن الانعكاسات الإيجابية لذلك على الاستهلاك وعلى زيادة الطلب وعلى الاقتصادي عموما.

اختلاق الإشاعات وزرع الفتن

إنّ كلّ هذه المغالطات، وغيرها مما يبلغ حدّ الطيش والسفه التي لم أشأ التعرّض إليه، تختبئ وراءها ماكينة دعاية ومصنع اختلاق الإشاعات وزرع الفتن وتأليب المواطنين بعضهم ضدّ بعض وإشغال الناس عن حقوقهم؛ هجمات لم تتوقّف عبر عقود وزاد سعيرها بعد 2011 في ظلّ الحكومات المتعاقبة باختلاف الوانها وأقنعتها وستستمرّ لأنّ خيارات هذه الحكومات جميعها ليبيرالية خادمة لرأس المال، ولطالما ارتفع صوت العمّال للمطالبة بحقوقهم وطالما استمرّ الاتحاد العام التونسي للشّغل في الدفاع عن حقوق العمّال بالفكر والساعد والمتقاعدين منهم وكذلك عموم الشعب.

ملاحظتان

عذرا على طول النصّ (في صيغته الكاملة ) وعلى أسلوبه، فقد استدعى الظرف ذلك واستوجبت الحملة الهوجاء الردّ، كما فرض الحصار الإعلامي ضرورة إنارة الجميع خارج صندوق الإعلام الذي أصبح عدد منابر الحوار السياسي والاجتماعي فيه صفرا وما تبقى في غالبه بعيد عن الموضوعية والحرفية.

اعتذار ثان بعد إلحاح أحد الأخوة على طول النص، وقد نصحته بقراءته على مراحل. وبالمناسبة شكرا لقسم التحرير الذي قسم النص الى أجزاء قصيرة قابلة للقراءة السريعة.