من ميناء بنزرت 1924 إلى موانئ صفاقس وسوسة 2025 : النضال نفسه والحق يعلو ولا يسقط حتى بالتقادم

عصام بن عمر الكاتب العام للنقابة الخصوصية لأعوان الرصيف والخدمات المينائية بالموانئ البحرية التجارية التونسية يكتب - إن عمال شحن وتفريغ السفن يقومون بالأشغال الشاقة والمرهقة في عنابر البواخر بين الأخطار والصعوبات ، يكدّون من أجل لقمة عيش حلال لأبنائهم وعائلاتهم .
ومع ذلك، يُحرمون من حقوقهم القانونية في المادة الشغلية ، ويُطردون تحت غطاء "CCL" لأسباب اقتصادية عندما تنهك أجسادهم ويصيبهم العجز والسقوط المستمر ، فيتم استبدالهم بعد ذلك بشركات مناولة وعقود هشّة تكرّس الاستغلال.
إنّ الموانئ التونسية، التي يجب أن تكون شريانًا اقتصاديًا للبلاد، تحوّلت بفعل هذه الممارسات إلى مقابر للعمال ومصانع لإنتاج المعوقين . وهو توجه مرفوض ولن يمرّ، لأن زمن استغلال اليد العاملة قد ولّى بلا رجعة.
إنّ المطالب التي رفعها أعوان الرصيف سنة 1924 في وجه المستعمر الفرنسي دفاعًا عن الحق في العمل الكريم وضدّ كلّ أشكال الاستغلال والهشاشة، هي نفسها مطالب العمال اليوم بعد مرور قرن كامل، ممّا يؤكّد أنّ النضال من أجل الحقوق العادلة والكرامة المهنية هو نضال مستمر لا يسقط بالتقادم.
نرفض رفضًا قاطعًا كلّ أشكال التهميش والضغط المسلّط على أعوان الرصيف في القطاع الخاص، ونؤكد أنّ القرارات الأحادية الجانب الصادرة مؤخرًا عن بعض رؤساء مجامع الشحن والتفريغ الخواص والمتعلّقة بتغيير تركيبة الحدّ الأدنى للعمال تُعدّ خرقًا صريحًا للقوانين الجاري بها العمل المينائي والاتفاقيات المشتركة المبرمة بين السلطة المينائية وكافة المتداخلين.
كما نندّد بعدم احترام التوقيت ونظام العمل المعمول به طبقًا لما نصّت عليه مجلة الشغل والاتفاقية القطاعية المشتركة لأعوان الشحن والتفريغ.
إنّ مثل هذه الممارسات تمثل خطوة خطيرة نحو تكريس هشاشة التشغيل وضرب مكتسبات العمال، وهو غير مقبول ولن نرضى عنه بأي شكل من الأشكال.
إن زمن مناولة اليد العاملة واستغلالها قد ولّى بلا رجعة، والدولة التونسية ملتزمة، بمقتضى تشريعاتها وتوجّهاتها الاجتماعية، بمحاربة كلّ أشكال التشغيل الهش والتمييز بين العمال.
وأمام هذا الوضع، ندعو كافة الأطراف المعنية، وفي مقدّمتهم وزارة النقل ووزارة الشؤون الاجتماعية، إلى فتح حوار جدّي ومسؤول لايقاف هذا العبث وإعادة الأمور إلى نصابها بإحترام التعهّدات الرسمية السابقة، بما يضمن استقرار النشاط المينائي ويحمي حقوق أعوان الرصيف ويجنّب القطاع كلّ أشكال التوتّر التي قد تضرّ بدوره الاستراتيجي في خدمة الاقتصاد الوطني.