محاكمات النقابيين /سوسة 070: المحكمة تتخلى عن قضية نقابيي سوسة لفائدة محكمة أمن الدولة نظرا لطابعها السياسي
بعد ماراطون من الاستنطاقات والمرافعات، فاجأت المحكمة الجنائية بسوسة التي نظرت في قضية النقابيين الـ101 من جهة سوسة باعلان التخلي عن القضية لفائدة محكمة أمن الدولة معللة قرارها بكون القضية سياسية وليست بالتالي من اختصاص محاكم الحق العام.
فقد اصدرت المحكمة حكمها في السادسة و45 دقيقة من عشية يوم 14 أوت 1978 بعد أن تولى القاضي السيد يوسف بن يوسف تلاوة نص الحكم فذكر بالتهم المنسوبة الى المحالين على المحكمة وبفصول الاحالة ومنها الفصل 72 من المجلة الجنائية الذي ينص خاصة على جريمة النيل من امن الدولة الداخلي وبث البلبلة والحث على التسلح وقال: وعلى هذا الاساس فان طبيعة القضية برمتها ليست من اختصاص محاكم الحق العام وهي بالتالي خارجة عن انظار الدائرة الجنائية طبقا لقانون 1968 المحدث لمحكمة امن الدولة وبالتالي وقع ابقاء المتهمين على ذمة النيابة العمومية وتخلت محكمة الجنايات عن النظر في القضية لفائدة المحكمة المختصة حكميا اي محكمة امن الدولة. كما رفضت المحكمة طلب السراح المؤقت للمتهمين الذي تقدم به لسان الدفاع.
وقد تلقى المتهمون وعائلاتهم والمحامون قرار المحكمة بارتياح كبير للغاية حيث انطلقوا مباشرة في ترديد نشيد "حماة الحمى" بحماس فياض والتلويح باشارات النصر.
النيابة تعقب
في اليوم الموالي تقدم المدعي العمومي لدى محكمة الاستئناف بسوسة لمحكمة التعقيب بطلب في نقض القرار الصادر عن الدائرة الجنائية بسوسة في شأن قضية النقابيين المتمهمين في احداث 26 جانفي 1978 بسوسة.
وقالت وكالة الانباء التونسيبة «ان هذا القرار يأتي كنتيجة منطقية للاختيار الذي اتخذته الحكومة منذ البداية والمتمثل في احالة كافة المتهمين على محاكم الحق العام».
وبعد هذا القرار الذي اتخذته النيابة كان امام محكمة التعقيب الاختيار بين موافقة النيابة العمومية في ما ذهبت اليه ـ وفي هذه الحالة تقع اعادة المحاكمة من طرف نفس المحكمة بسوسة ولكن بعد تغيير هيئتها ـ او رفض مطلب التعقيب، وفي هذه الحالة لا تبقى الا امكانية احالة القضية على محكمة امن الدولة.
هوامش من المحاكمة
في ما يلي بعض التفاصيل التي لم ترد ضمن التغطية الرسمية للمحاكمة.
٭ امتلات قاعة الجلسة باقارب المتهمين الذين حضروا الى المحكمة منذ الصباح الباكر وقد استقبلوا المتهمين بالتلويح بواسطة الايدي بمجرد ان تم جلب هؤلاء الى القاعة.
٭ نظرا لشدة موجة الحر التي شهدتها البلاد تلك الأيام فقد وقع السماح لبعض المتهمين بين الفينة والاخرى بتناول الماء تحت الحراسة.
٭ اصيب احد المتهمين بدوار فصحبه شرطي الى خارج القاعة اين نال قليلا من الماء والراحة.
٭ اثناء تلاوة قرار دائرة الاتهام تدخل الاستاذ منصور الشفي مستفسرا رئيس المحكمة عن بعض البيانات التي كان بصدد القائها ولاحظ انها غير مدرجة بالقرار مستائلا هل ان ما يلقى هو قرار دائرة الاتهام ام هو تقرير مستشار.
واجابه رئيس المحكمة بان تلك البيانات جاءت لمزيد التوضيح وطلب من كاتب المحكمة تسجيل تدخل الاستاذ الشفي.
٭ تم مد احد المتهمين بوسادة اثناء المداولات ليستريح عليها نظرا لانه اجرى مؤخرا عملية جراحية.
٭ سجل وجود بعض الملاحظين الاجانب بقاعة الجلسة كانوا موجودين في صف الدفاع.
٭ مثل الى جانب المتهمين من صنف الذكور 8 فتيات متهمات اغلبهن في سنّ الشباب وقد جلسن اثناء المداولات في الصف الامامي.
٭ تطلب العدد الهام للمتهمين الذين مثلوا امس امام المحكمة الجنائية بسوسة ادخال بعض التحويرات على القائمة حيث تم تأخير مقاعد لسان الدفاع حتى يتسنى وضع المقاعد المخصصة لـ 101 متهم.
٭ تعقد المحكمة جلساتها في قاعة فسيحة بالمقارنة مع قاعات قصر العدلة بالعاصمة وذلك بحكم عدد الاشخاص الماثلين امامها ولكنها كانت مكتظة.
٭ المتهمون الذين هم في حالة سراح كانوا أول الذين دخلوا القاعدة ومن بينهم واحد حمل معه سلّة (من النيلون) وضع فيها أوراقه الشخصية وعلبة سجاير، أعوان الامن فتشوا السلة وأشاروا علي صاحبها بإيداعها خارج القاعة.
٭ وقف أقارب المتهمين وأفراد عائلاتهم أمام باب المحكمة الخارجي منذ الساعات الاولى للصباح لكن البعض منهم لم يتمكن من الدخول الا حوالي الساعة الثالثة بعد ان اذن رئيس المحكمة بفتح كل الابواب علي إثر طلب من الدفاع.
٭ كان جهاز الأمن معززا بعد كبير من الاعوان.
ـ دخل الموقوفون قاعة المحكمة على جزئين وقد حياهم اقرباؤهم واصدقاؤهم الحاضرون بالقاعة بالتصفيق الحاد والزغردة عند الدخول والخروج وكان الموقوفون يردون برفع الايدي بعلامة النصر.
٭ يشارك في الدفاع عن نقابيي سوسة ما لا يقلّ عن 37 محاميا.
٭ حضر الجلسة الاولى كل من الدكاترة سعدون الزمرلي وحمودة بن سلامة والاستاذ الشريف الماطري بوصفهم يمثلون رابطة حقوق الانسان ويمثل الدكتور الزمرلي كذلك الجامعة الدوليّة لمنظمات حقوق الانسان.
٭ لاحظنا أن الساهرين على التنظيم رفضوا السماح بالدخول لثلاثة أجانب لقاعة الجلسة ومن بينهم محام فرنسي يدعى «الاستاذ بيتان» وهو يمثل منظمة الحركة العالمية للحقوقيين الكاثوليكيين.
٭ استمر استنطاق الحبيب بن عاشور وحده قرابة الأربع ساعات.
٭ قبل افتتاح الجلسة الأولى وقع جلب المحجوز ووضعه على ثلاثة طاولات وتمثل هذا المحجوز في مجموعة من العصي والقضبان الحديدية واقدام كراسي وطاولات وقوارير وسلاسل وثلاثة مسدسات وسيوف قديمة.