آراء حرة

خطاب العنف المتفشّي على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس حالة معزولة، بل ظاهرة متنامية تُنذر بالخطر

كتبت الاخت سهام بوستة *:

من وحي خطاب العنف المتفشّي على مواقع التواصل الاجتماعي، أرى أنّه ليس حالة معزولة، بل ظاهرة متنامية تُنذر بالخطر، والخشية كلّ الخشية من أن نتطبع معها ونعتبرها أمرًا عاديًا!

في الوقت الذي تحقق فيه الاتصال وأصبح العالم قرية كونية، انعدم التواصل كتجربة تفاعل إنساني بين الذوات، له أسسه الأدبية و الإتيقية.

لقد وُجدت المنصات لتقريب المسافات بين الناس، لكنها تحولت، في كثير من الأحيان داخل مجتمعاتنا، إلى ميادين لتصفية الحسابات، وبثّ الكراهية، والتشهير، والتخوين، والانزلاق في مستنقعات السبّ والشتم والتجريح.

لصالح مَن يتم كل هذا؟

مَن المستفيد من تحويل الخلافات إلى فرجة، والاختلاف في الآراء والمواقف إلى عداوة وتصفية حسابات؟  من يقوده العقل لا يحتاج إلى لغة الانفعالات ولا إلى تعبئة الجموع تحت شعار “الكل ضد الكل”.

ومن يمتلك الحُجّة لا يحتاج إلى سلاطة اللسان والألفاظ النابية والتنمر. ومن يثق في موقفه، يكون قادرًا على المواجهة المباشرة، لا على التواري خلف الشاشات. ومن يُسفّه الآخرين ويخوض في أعراضهم، لا يُثبت رأيًا، بل يكشف عن فقر في الوعي، وضيق في الأفق، وأزمة في القيم.

نحن في حاجة إلى عقول هادئة، ترفض الخطاب المتشنج والانفعالي وتضخم الأنا والتطاوس وادعاء امتلاك الحل السحري وأجراس الحقيقة .

نحن بحاجة إلى آراء ومواقف حرّة، مستقلّة، لا إلى أتباع يتناحرون في الفضاء الرقمي دفاعًا عن أشخاص أو مواقف، تحت منطق: “انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا”.

إنّ ترذيل الخطاب وتشويه الذوات يدخل ضمن استراتيجية الهيمنة، وزرع الشك، وتوتير العلاقات، والانخراط في نهج “فرّق تَسُد”. و الترويج لخطاب عدائي ومبتذل، لا يمكن تبريره إلا بتدنّي الوعي، وتبعية الإرادة، وخسارة استقلالية الذات.

* الامينة العامة المساعدة المسؤولة عن التكوين النقابي والانشطة الثقافية (من صفحتها على فايسبوك)