الشاعر عادل الجريدي يكتب عشية مؤتمر اتحاد الكتاب : اتحاد الكتّاب التونسيين… والمرحلة الاسوأ في تاريخه

بقلم الاديب عادل الجريدي - لا يختلف اثنان حول القيمة الرمزية والتاريخية لإتحاد الكتّاب التونسيين، ذلك الكيان الذي شكّل لعقود خيمة جامعة للمبدعين على اختلاف مشاربهم الفكرية و الابداعية .
غير أنّ المتابع للشأن الثقافي اليوم لا يمكنه إلا أن يلاحظ حالة الوهن التي يعيشها هذا الهيكل، وكأنّه أصبح كيانًا "ميتًا يرزق".
فالمشكلة لم تعد في نقص الإمكانيات أو تغيّر السياقات، بل في أزمة تسيير عميقة تعود أساسًا إلى تركيبة الهيئة المشرفة والاستقالات العديدة من داخلها وعدم قدرة الرئيس على صدع الانشقاق .
فحين يتنكّر رئيس الاتحاد للكتّاب، ويُحرم الشعراء من المشاركة في معرض الكتاب،وتستأثر الهيئة المديرة بالانشطة على حساب الأعضاء كما يغلق في وجوههم أبواب التظاهرات العربية التي يُدعى إليها الاتحاد، لتقتصر البعثات على شخصه وعلى نخبة ضيّقة من الهيئة المديرة، فإنّ ذلك لا يمكن اعتباره مجرّد سوء تقدير، بل هو نهج إقصائي واضح يضرب مبدأ تكافؤ الفرص وروح المسؤولية .
ويزداد الوضع قتامة عندما يغيب الاتحاد عن اللجان الاستشارية التي تشرف عليها وزارة الشؤون الثقافية، في الوقت الذي يُفترض فيه أن يكون صوت الكتّاب حاضرًا ومؤثّرًا في صياغة السياسات الثقافية. كما أنّ إغلاق باب الاتحاد في وجه أعضائه، ماديًا ورمزيًا، يؤكّد القطيعة بين الهيئة المشرفة والقاعدة الواسعة من الكتّاب.
ولم تقف مظاهر العجز عند هذا الحدّ، إذ أثبتت الهيئة المديرة الحالية فشلها في التعاطي مع وضعية دور النشر التابعة للاتحاد، وغياب أي رؤية واضحة لدعمها أو إدماجها في المشهد الثقافي. كما عجز الاتحاد عن احتضان مؤتمر الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، رغم ما توفّر له من دعم من وزيرة الثقافة السابقة، في فرصة ضاعت كان من شأنها إعادة الاعتبار لدوره عربيًا.
ويُسجَّل كذلك تضييق واضح في سياسة الاستضافات، حيث اقتصر أغلبها على الجامعيين، في إقصاء غير مبرّر لعدد كبير من الكتّاب والمبدعين الذين لا ينتمون إلى الوسط الأكاديمي، ، كما اقبرت مجلة المسار وضاع الموقع الالكتروني للاتحاد . بعد ان تم التفريط في رخصة دار الكاتب التي كانت توفر مدخولا محترما للاتحاد وكاد في عصرهم الذهبي ان يفتك منهم مقر الاتحاد لو لا هبة أبناء الاتحاد . فالرئيس الغريب عن المنظمة والذي لم يخرج من بين صفوفها لا يمكنه ان يحمل هموم الكتاب ومشاغل المبدعين فقط اكتفى بوجاهة المنصب ومتعة السفر باسم الاتحاد لا غير.
وفي النهاية، دعا رئيس الاتحاد إلى عقد مؤتمر وطني في "دار الشباب"، لكن في ظروف لا تليق بحجم الحدث، حيث اقتصرت الدعوة على نصف يوم تقريبًا، في مسعى يراه البعض إهانة للكتّاب وإيذاء لصورة المنظمة. كان من المفترض أن يكون المؤتمر محطة حيوية لطرح قضايا الكتاب والإبداع، لكنه جاء ليعكس ضعف التنظيم والإعداد. لم يتم توفير إقامة للمشاركين، رغم أنّ جزءًا كبيرًا منهم من السيدات الفاضلات، ولم يُقدَّم أي دعم للنقل، سواء من حيث التوفير أو تعويض المصاريف.وكأنهم لا يرغبون في حضور المؤتمرين أشغال مؤتمرهم الاعرج او يخافون من مواجهة الكتاب .
هذا المؤتمر، الذي شابته غموضٌ وريبة، لم يُكن ليعبر عن حاجات الكتّاب الحقيقية، بل جاء ليزيد من عزلة الاتحاد عن قواعده. وإذا كانت الممارسات الإقصائية في غير مكانها، فإنّ غياب التنظيم وتوفير أبسط وسائل الراحة للمشاركين يعكس بشكل مباشر حالة اللامبالاة التي يعاني منها الاتحاد في الوقت الراهن.


