وثائقي

محاكمات النقابيين / سوسة 006 : بن عاشور يسيطرعلى الجلسة ويكسب الاسبقية

بدأت محكمة سوسة أشغال الاستجواب يوم 31 جويلية 1978 باستنطاق الحبيب بن عاشور الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة على النحو التالي:

ـ الرئيس: اسمك؟

ـ المتهم: اسمي الحبيب بن عاشور

ـ الرئيس: مهنتك؟

ـ المتهم: الكاتب العام الجهوي لاتحاد الشغل.

ـ الرئيس: وقبل ذلك

ـ بن عاشور: كنت  في الشركة العامة للنسيج.

ـ الرئيس: كنت تحضر اجتماعات الهيئة التنفيذية؟

ـ بن عاشور:  كنت احضرها كلّها باستثناء عندما كنت بصدد المداواة واذ ذاك كان ينوبني الكاتب العام الحالي.

ـ الرئيس: انبهك باحترام قاعدة الجواب على السؤال وبان لا تتكلم في غير ما يطلب منك.

ـ بن عاشور: سأفعل ذلك ولكن احرص على قول كل شيء في ما يتعلق بقضيتي.

ـ الرئيس: ستقول كل ما تريد ولكن بنظام اي على قدر السؤال.

ـ بن عاشور : طيب

ـ الرئيس : هل حضرت اشغال المجلس القومي لاتحاد الشغل؟

ـ بن عاشور: كنت حاضرا كنائب.

ـ الرئيس: ما رأيك في التقرير الادبي للمجلس؟

ـ بن عاشور: موافق عليه تماما وبالتفاصيل

ـ الرئيس: وما رأيك في الميثاق الاجتماعي؟

ـ  بن عاشور: موافق عليه كذلك ولكن..

ـ الرئيس: (مقاطعا) احترم السؤال ولا تقل كلاما خارجا عنه.

ـ بن عاشور: (ضاربا على الطاولة بحماس شديد): اعطني الفرصة سيدي الرئيس للاصداع بالحقيقة، اني متعطش شديد التعطش لأقول كل الحقيقة حول القضية.

ـ الرئيس: ما أسباب الوحشة والنفور الذي قام بين الاتحاد والحكومة؟

ـ بن عاشور: لا وجود لنفور ولا أسباب وحشة بين الاتحاد والحكومة ولقد كان هم الاتحاد الاوحد العمل في نطاق القانون ومن اجل المصلحة العامة.

ـ الرئيس: بهذا تتراجع فيما قلته امام حاكم التحقيق؟

ـ بن عاشور: ما اقوله الان هو الحقيقة بعينها، هناك عمل نقابي قمنا به وأمنا به شديد الايمان وكنا نسعى بثبات الى تحقيق الحرية النقابية في هذه الربوع (كان المتهم يتكلم بحماس فياض وكان العرق يتصبب منه مدرارا).

ـ الرئيس: (مقاطعا) : المحكمة ليست مقام خطابة وأرجوك مرة اخرى ان تجيب عن الاسئلة فقط.

ـ بن عاشور: حاضر

ـ الرئيس: قلت انه وقعت وحشة بين الحكومة والاتحاد خاصة في شهر رمضان  بسبب غلاء الاسعار.

ـ بن عاشور: انا لم اقل ذلك والاتحاد كان دائما ضد غلاء الاسعار وفي كل الفصول والمواسم وليس فحسب في رمضان.

ـ الرئيس: لكنك ركزت على رمضان السابق بخصوص غلاء الاسعار.

ـ بن عاشور: ظاهرة ارتفاع الاسعار اصبحت خطيرة في كل الاشهر على انه يمكن القول انها بلغت اوجها في رمضان السابق واني على اية حال اقف وقفة حازمة ضد الاحتكار.

ـ الرئيس:  هل لاحظت ان الانتاج ارتفع في المعامل؟

ـ بن عاشور: هذا ليس من اختصاصي.

ـ الرئيس : هل كنت تطالع جريدة الشعب؟

ـ بن عاشور: اطالعها باستمرار مثلما كان يطالعها كل المواطنين تقريبا وهي على كل حال تطبع بدار الحزب.

ـ الرئيس: جريدة الشعب قالت في احد اعدادها «ان ظاهرة الغلاء انما هي ظاهرة رمضانية».

ـ بن عاشور: لا اذكر

ـ الرئيس: كيف كانت العلاقة بين الصياح وعاشور؟

ـ بن عاشور: وما دخلي في هذا الموضوع، اني اؤكد ان الاتحاد بريء من كل ما قيل فيه وقد عمل دوما في نطاق القانون واحترام الحريات.. ولفائدة المصلحة العامة.

ـ الرئيس: لا اريد الخطابة

ـ بن عاشور: انا واقف امام المحكمة لأدافع عن براءتي وعن حريتي وعن كرامة المواطنين وحريتهم وعن تونس بصفة عامة (وكان متحمسا للغاية).

ـ الرئيس: المعلوم ان الحبيب عاشور كان عند عودته من ليبيا ذات مرة قد عقد ندوة صحفية ولم تنشرها وسائل الاعلام فغضبتهم؟

ـ بن عاشور: ان الاتحاد كان يطالب دوما بالحرية والديمقراطية على صعيد وسائل الاعلام وقد كان على حق والندوة الصحفية المذكورة كانت لصالح البلاد فلماذا لم تنشر؟

ـ الرئيس: هل تعتقد انت بالذات انه كانت هناك مبررات لعدم نشرها؟

ـ بن عاشور: اعتقد ان المبرر الوحيد هو طمس الحقيقة حتى لا يعرف الشعب بما يقوم به الاتحاد لفائدة هذه البلاد وقد كان الحبيب عاشور اذ ذاك عضوا في الديوان السياسي، ومع ذلك لم تنشر ندوته الصحافية واريد ان تسجل المحكمة هذا.

ـ الرئيس: لا فائدة في ذكر الحبيب عاشور وهويته الان لانه ليس طرفا في هذه القضية التي تمثل فيها انت ورفاقك في سوسة امام المحكمة.

ـ بن عاشور: ذكرته باعتباري ممثلا له.

ـ الرئيس: هل تريد ان يقع تجاوب بيننا؟

ـ بن عاشور: هذا ما اطلبه

ـ الرئيس: اذن الرجاء مرة اخرى ان تحترم الاسئلة وان تهدأ.

ـ بن عاشور: عندي الثقة التامة في أن العدالة فوق كل سلطان وأؤكد لكم انني لست «متنرفزا» بل هذه طبيعتي في الكلام ولا تلوموني على حماسي.