وثائقي

بن علي هدد بغلق الاتحاد وغضب من جراد لما أثار وضعية السجناء السياسيين

بقلم يوسف التليلي

انتقل الى جوار ربه الصديق والاخ الأكبر والزعيم النقابي والمناضل الوطني الأخ عبد السلام جراد.
انخرط الأخ عبد السلام جراد منذ انطلاق مسيرته المهنية في النضال الاجتماعي صلب الاتحاد العام التونسي للشغل، اين نال ثقة زملائه وانتخب في أكثر من هيكل نقابي. 

كان مدافعا على استقلالية الاتحاد، ورافضا لهيمنة الحزب على الاتحاد، فكان من قيادة حركة 26 جانفي 1978 رفقة الزعيم الحبيب عاشور، حكم إثرها وسجن وتعرض لأبشع أنواع التعذيب والتنكيل الى جانب رفاقه النقابيين. 
كما كان منحازا للطبقة الشغيلة ومطالبها، وقد نظم اضرابات قطاع النقل في الحقبة السابقة، وتعرض للضغط والمضايقات.
فعند توليه الأمانة العامة سنة 2000، اثار بدفاعه عن استقلالية الاتحاد والانحياز للطبقة الشغيلة ولقضايا الحرية والديمقراطية غضب النظام السابق في أكثر من مناسبة، مما جعل الرئيس بن علي، رحمه الله وغفر له، يقول يوما لجدتي، الحاجة فاطمة التليلي ارملة الزعيم احمد التليلي رحمها الله، انه ينوي "غلق الاتحاد" (الشهادة موجودة في اول فيلم وثائقي حول مسيرة الزعيم احمد التليلي). فأثار أكثر من مرة لدى بن علي وضعية السجناء السياسيين من بين أبناء الحركة الطلابية وغيرها. وكان يعلم مسبقا ان هذا الموضوع يثير غضب بن علي، ورغم ذلك لم يتردد في اثارته ولم يخف من ردة فعله. كما رفض الاتحاد عند توليه الأمانة العامة المشاركة سنة 2005 في مجلس المستشارين، وترشيح النقابيين لنيل عضوية هذا المجلس.
عرفت المرحوم الأخ عبد السلام جراد، سنة 2000 حيث كان حريصا على احياء ذكرى الزعيم احمد التليلي، كما كان حريصا على احياء كل المناسبات ذات علاقة بالذاكرة النقابية المناضلة ورد الجميل لرموز الحركة النقابية وزعمائها. وكانت الندوات التي نظمت تحت اشرافه عند احياء ذكرى الزعيم احمد التليلي، فرصة للنقاش الحر حول المسألة الديمقراطية في تونس واستقلالية الاتحاد. وكان كذلك سندا لنا عندما سجن عمي عبد الرحمان التليلي بقرار سياسي سنة 2003 وعند تعرضنا لهرسلة النظام السابق.
كما كان له دور أساسي في إنجاح الثورة سنة 2011، من خلال الإضرابات العامة الجهوية، والتي كانت نقطة التقاء البطالين والمهمشين والمعارضين مع الشغالين والطبقات المتوسطة، مما أربك فأسقط النظام السابق.
ولعب المرحوم دورا أساسيا في إنجاح المرحلة الانتقالية الأولى، وعدم الالتفاف على الثورة. كما كان مؤمنا بأهمية الديمقراطية الداخلية للمنظمة الشغيلة واهمية التداول على المسؤوليات، فسلم مشعل قيادة الطبقة الشغيلة ومنظمتها الى جيل جديد من النقابيين الوطنيين والمناضلين، حيث ان قوة الاتحاد تكمن في تكاتف جهود كل النقابيين عبر هياكلهم. 
وبقي المرحوم الأخ عبد السلام جراد بعد سنة 2011 مواظبا على حضور نشاطات احياء الذاكرة النقابية. ويؤلمني ان اعلم أنني لن اراه يوم 25 جوان القادم.  
رحم الله فقيد الحركة النقابية المناضل الصادق الأخ عبد السلام جراد ورزق أهله وذويه وجميع النقابيات والنقابيين والوطنيين والوطنيات جميل الصبر والسلوان.
 وإنا لله وإنا إليه راجعون.