نقابي

في بيان الاتحاد العام التونسي للشغل بمناسبة الذكرى 76 لتأسيسه.. "سنواصل لعب دورنا التاريخي للمساهمة في تصحيح المسار وإنقاذ البلاد"

بمناسبة احياء الذكرى 76 لتاسيس الاتحاد العام التونسي للشغل، اصدر المكتب التنفيذي للاتحاد بيانا، جاء فيه ان هذا التاسيس قد شكّل قفزة نوعيّة على درب تجذير التجربة النقابية في بلادنا وتونستها بعد تجارب رائدة بدأت مع محمّد علي الحامي زارع البذرة الأولى ثمّ تجربة الجامعة الثانية مع بلقاسم القناوي وتلاقح مع تجربة العمل النقابي الدولي، استطاع من خلالها الشهيد الزعيم فرحات حشّاد والطاهر الحداد والنقابي جون بول فينودوري الكورسكي الأصل وثلّة من رفاقه أن يوحّدوا الأجراء بالفكر والساعد من التونسيين وغيرهم في منظّمة رعت مصالحهم وجمعتهم حول القضية الوطنية الأمّ من أجل التحرّر والاستقلال، وكرّست قطيعة مع النقابات الفرنسية التي انشغلت بمصالح الفرنسيين على حساب العمّال التونسيين وأهملت المسألة الاستعمارية، ورسّخت من وقتها التمازج القويّ بين البعدين الوطني والاجتماعي وتمكّنت في ظرف وجيز من تأطير آلاف العمّال في مختلف المهن والصنائع والجهات.

وقد جاء في بيان الاتحاد ان هذا الأخير تجذّر في تربته التونسيّة كما وجد الحظوة والتقدير في المحافل النقابية والعمّالية العالمية.

وقد أثبت الاتحاد عبر تاريخه الطويل قدرته على البناء وساهم في تقديم برامج اقتصادية واجتماعية وخبرات من أجل الحرية والعدالة وضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والارتقاء بأوضاع البلاد.

وأضاف ان الاتحاد يواصل اليوم، لعب دوره الوطني ويفعل إيجابيا في الحياة السياسية خاصّة بعد الأزمة الخانقة التي أفرزت فسيفساء سياسية متناحرة ، معطّلة لدواليب الدولة، عاجزة عن إيجاد الحلول، إذ بنيت أغلبها على الوعود الزائفة وعلى المصالح الفئوية وأهملت مصالح الشعب وسيادة البلاد.

واعتبر الاتحاد في بيانه ان ما تمرّ به البلاد من أوضاع ، يدفع به إلى تحمّل مسؤوليته التاريخية في المساهمة في تصحيح المسار وإنقاذ البلاد. ولذلك لم يتردّد في دعم القرارات الرئاسية المتّخذة في 25 جويلية واعتبارها فرصة تاريخية يجب تحويلها إلى مسار تشاركي متكامل قادر فعلا على إنقاذ تونس من براثن الفشل والفساد والإرهاب والتبعية وفي نفس الوقت يعيد للشباب ولكافة أبناء الشعب الأمل في الخروج من نفق البطالة والتهميش والتفقير وتدهور وضعهم الاجتماعي والاقتصادي، إلاّ أن البطء والتردّد، علاوة على عوامل العرقلة، بدأت تثير المخاوف وتزعزع الثقة في تغيير حقيقي، الأمر الذي يتطلّب استعادة المبادرة وتوسيع التشارك والجرأة في القرارات وبناء مسار مبني على الوضوح والحوار والتشاركية والثقة ودوما يقطع مع حقبة ما قبل 25 جويلية.

 واعتبر المكتب التنفيذي ان الذكرى 76 تتزامن مع أزمة اقتصادية واجتماعية زادها الخضوع إلى ضغوطات الدوائر المالية العالمية وإلى لوبيات الفساد وغياب التصوّرات والبرامج والحلول استفحالا، إذ استمرّ استنساخ منوال تنموي فاشل وغير عادل فتعمّقت الفوارق الطبقية والجهوية وتدهورت الأوضاع المادية للفئات الاجتماعية المتوسطة والمفقّرة وانحدرت مقدرتها الشرائية إلى أدنى مستوياتها، في الوقت الذي تصاغ فيه ميزانية عرجاء عاجزة عن دفع الاستثمار أو خلق مناخ للأعمال وبإجراءات لا شعبية تزيد من فقر الفقراء.

وحيا الاتحاد مناضليه ومناضلاته، لاستبسالهم في الدفاع عن منظّمتهم وعن الحقّ النقابي وعن سائر الحرّيات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية المضمّنة في الدستور وفرضتها ثورة الحرية والكرامة، مؤكدا على مواصلة النضال بلا هوادة حتّى تحقيق آمال الشعب في الكرامة وينال الشباب ما يطمحون إليه من شغل وتجسّم بلادنا مكانتها وسيادتها كاملة في قراراتها وعلى ثرواتها ومقدراتها الطبيعية والبشرية. لذلك لن يتوانى عن المبادرة بلعب دوره التاريخي والريادي وتقديم رأيه في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي وضع التصوّرات الكفيلة بتحقيق منوال تنموي بديل متكامل ومندمج وعادل.

وتم من خلال البيان الصادر اليوم انه وبالتزامن أيضا مع هذه الذكرى العزيزة يعيش الشغّالون وعموم الشعب وخاصّة المهمّشين منهم على وقع أزمة اجتماعية شديدة أضرّت بمقدرتهم الشرائية خلّفت لهم عجزا كبيرا على مجابهة أدنى متطلّبات الحياة وزادت مخلّفات جائحة كورونا في تعميقها من خلال فقدان آلاف مواطن الشغل ولجوء كثير من أرباب العمل إلى تحميل الشغالين أعباء الأزمة الخانقة.

وعبر الاتحاد عن تصميمه على دفع الحكومة إلى إيجاد الحلول الناجعة لإنقاذ مئات الآلاف من أبناء الشعب وإلى اتخاذ إجراءات عاجلة ومتوسطة لسدّ الثغرات الكبيرة في ميزانية 2022 وفي نفس الوقت استئناف الحوار الاجتماعي في تعديل المقدرة الشرائية لأعوان الوظيفة العمومية والقطاع العام وتطبيق الاتفاقيات المبرمة في كلّ القطاعات.

وقال ان ذلك لن يتسنّى إلاّ بوحدة الشغّالين وتجندهم وفي مقدّمتهم النقابيات والنقابيون من أجل النضال لتحقيق هذه الأهداف والتصميم على إسقاط كلّ الإجراءات المعرقلة للعمل النقابي وفي مقدّمتها المنشور عدد 20 سيّء الذكر الذي استهدف الحوار الاجتماعي ومصداقيّته وضرب كلّ المعايير الدولية والتشريعات التي تحميه.

وشدد الاتحاد على ان هذه الذكرى تتزامن ايضا مع قرب انعقاد المؤتمر الخامس والعشرين والذي تفصلنا على موعده أسابيع قليلة وقال ان النقابيين اسعدوا له  تنظيميّا وكذلك مضمونا من خلال مناقشة مشاريع لوائحه بشكل ديمقراطي واسع ومن خلال إعداد ورقات عمل ستكون، بعد المصادقة عليها، عنوان الفترة النيابية القادمة التي ستمتدّ على خمس سنوات وهي بمثابة البرنامج الذي ستسهر الهياكل النقابية على تنفيذه وتحرص سلطات القرار على متابعته ومراقبة تنفيذه وتقييم مراحل ذلك وتحيينه بحسب تطوّر الأحداث. وعبر الاتحاد عن ثقته من النجاح في هذه المهمّة النقابية التي سيخرج فيها الاتحاد منتصرا موحّدا قويّا فاعلا.

وأوضح أنّ روح التحديث والتغيير التي سعى الروّاد عبر مراحل تاريخ الاتحاد على ترسيخها ستكون لهم نبراسا للاهتمام الجدّي بالشأن النقابي الداخلي نحو مزيد من دمقرطة الممارسة النقابية وتطوير آليات العمل والنشاط النقابيين وتحديث إدارته وتسييره والتصرّف في مقدّراته وأمواله وفق برامج وخطط وبرؤية استشرافية تراعي المتغيّرات على المستوى الدولي والاجتماعي الوطني وعلى مستوى عالم الشغل ومستقبل العمل بالاستناد دوما إلى مبادئ الاتحاد وثوابته التي ضحّى من أجلها آلاف النقابييات والنقابيين.

وذكّر الاتحاد بتجذّر الانتماء العربي له وانفتاحهم الدائم على أفق عمّالي ونقابي عالمي، مجددا العهد بوقوفهم غير المشروط مع الحق الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشريف، وعبر عن مواصلة دعمهم لنضال الشعب الفلسطيني الباسل من أجل دحر الاحتلال الصهيوني ووقف جرائمه البشعة في حق الفلسطينيين العزّل الذين مورس عليهم التقتيل والتعذيب والتشريد وهدم البيوت وانتزاع الأراضي وتهويدها وتدمير التاريخ والمعالم، وجدّد دعوتهم إلى وحدة المقاومة الفلسطينية في وجه آلة الدمار الصهيونية وحلفائها من الدول الامبريالية والبلدان العربية المطبّعة، كما جدّد تجنّدهم للنضال مع كلّ القوى الحيّة لفرض سنّ قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني البغيض في تونس.