ثقافي

قراءة في الإصدار الشعري الجديد " وقائع شتاء أخفتها الشمس"

 بقلم الشاعر عبد الستار المعروفي

لست أدري لماذا راودتني صورة عنترة العبسي و أنا أختم قراءة مجموعة الصديق رياض بوسليمي "وقائع شتاء أخفتها الشمس".
عنترة الذي أحب عبس و كانت تساوي عبلة إلى حد التضحية رغم ظلمها له ولكن شمس قصائده غطت عن ظلم عبس و قسوتها.
فهل أخفت شمس قصائد رياضنا شتاءات جندوبة القاسية و الظالمة.
مدينة جندوبة عبلة شاعرنا و عبسه
يقول شاعرنا في قصيدة "أحبك يا بحر" وقد استعمل المعجم الحربي:
و أنا الشاعر المهزوم في أرضه
أنهكت حماسته دموع الشتاء و نعيق الغربان
أفنت عشقه معارك الإرتداد و فصول العبث
فأين المدينة من مضارب عبس ؟  وهل في المدينة عبلة أم هي هي؟
شاعرنا المظلوم يعشق ظالمه المظلوم 
عشق شاعرنا المدينة بكل تفاصيلها الظاهرة و الخفية المادية و البشرية و الوجدانية فمدينة جندوبة عند شاعرنا تحس و تتفاعل تحزن و تفرح تغضب ولا ترضى بما سُلِّط عليها من إهمال و هنا يتماهى شاعرنا مع المدينة فهما مظلومان فكأن الشاعر يجد في هذه المدينة معادله الموضوعي فتشرق المدينة بشعره و گأنها تقول"حبيبان نحن وُجدنا غريبين معا" و جعلتنا غربتنا نقسوا على بعضنا البعض.
يقول شاعرنا في قصيدة " متى ينتهي سفري" :
هذه المدينة تقلقني حد النسيان
ثم أعود إليها كطفل أعياه الجوع
لأشبع هوسي من خبز الهوية
                                                                        .................
مدينتي، مهما يطل ضجري
ثم يقول شاعرنا معبرا عن عشقه لهذه المدينة المظلومة في قصيدة "مدينة تركت الأمل"  تحتفي جهرا بالهزائم في الشوارع 
و في قصيدة "مدينة بلا حب" يقول:
تثيرني هذه المدينة في الشتاء
و في صيف الملاحم...
و في كل المواسم...
بشوارعها المغلقة من كل وادي 
و بصرخات حلمها المدفون في العذاب
عام يتلوه عام
ثم يعبر عن عشقه للمدينة الظالمة في قصيدة "كعصفور أنيق":
من مثلي..
تدوسه السنين بكعبها القاسي
و يسخر من شيب شعره الضباب
و تظل رائحة المدينة عطره المفضل..

هكذا يبقى المعشوق معشوقا مهما ظلم و يبقى العاشق معذورا مهما تجنّى  و يصح القول على شاعرنا و المدينة و إن تبادلا الادوار.