النص الكامل لحديث الامين العام للاتحاد الاخ نورالدين الطبوبي الى جريدة الشعب الاسبوعية
[ نشرت جريدة الشعب الأسبوعية في عددها الصادر الخميس 7 أفريل حوارا مطولا مع الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، الأخ نور الدين الطبوبي، أتى فيه على أبرز الاحداث التي تعيشها البلاد حاليا. ونظرا لأهمية ما جاء في الحديث من توضيحات، نعيد نشره لفائدة قراء " الشعب نيوز" وعموم المواطنين]
الحديث مع الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الأخ نور الدين الطبوبي في هذه المرحلة بالذّات هو وضع نقاط على الحروف في نصّ مشوش يرصد أحداثا مشوشة بدورها وتلقي ظلالا على الوضع السياسي في البلاد... وضع الاتحاد ما بعد المؤتمر... الحوار الوطني، علاقة الاتحاد بالحكومة وبالرئيس... موقف المنظمة من آخر اجتماع للبرلمان وبحث البعض عن شرعية موازية... المنشور عدد 20 واستعداد الاتحاد لخوض تحرّكات احتجاجية دفاعًا عن المكاسب وتنديدًا بتعمّق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وحتى البيئية...
كلها كانت محاور هذا اللقاء الذي جمعنا بالأخ الأمين العام في حوار اليوم في مكتبه بالبلفدير.
رفع الاتحاد في مؤتمره الأخير، عدّة تحديات منها خروجه منسجما من الوقت الذي راهن البعض على إمكانية إضعافه من الداخل فكيف هو حال الاتحاد بعد المؤتمر؟
ـ إن منظمة في حجم الاتحاد تحترم تواريخ مؤتمراتها لابدّ أن توفر كل عوامل النجاح كما ان المسؤول النقابي الواعي هو الذي يدرك ان المؤتمر كان حلقة من سلسلة مسار انطلق بالمنتدى الاجتماعي وبالمجلس الوطني وبمؤتمر سوسة غير الانتخابي وكلها ممهدات نجاح انعكست على اشغال المؤتمر ومآلاته وعاش الاتحاد طيلة ايام المؤتمر ديناميكية ديمقراطيته الداخلية ومن اهم مظاهر هذا النجاح قبول الاقلية برأي الاغلبية وصعود قياديتين نقابيتين للمكتب التنفيذي مما ضاعف من حضور العنصر النسائي كما بلغت نسبة التجديد ٪80 هذا فضلا عن نجاح التنظيم والحضور المكثف للمجتمع المدني والحضور الدولي وهي من علامات اشعاع الاتحاد.
أطراف أخرى راهنت على دفع الاتحاد إلى التصادم مع رئيس الجمهورية معوّلة على ثقل الاتحاد لخوض معركة سياسية لم تنجح هذه الأحزاب في خوضها ضد رئيس الجمهورية؟
ـ كان لدينا الوعي الكافي برغبة هذه الاطراف ومحاولتها جرّ الاتحاد الى هذا المربع السياسي او ذاك ولكن سلوك الاتحاد كان متوازنا ولم تكن تحكمنا ردود الفعل الانفعالية بحيث اننا نهتز لمجرد خطاب لا نتفق معه ان خطابنا تحكمه مضامين وخيارات تؤسس لدولة ديمقراطية تبنى على التشاركية والحوار البنّاء، لهذا لم ينجح ولن ينجح اي طرف في جرنا الى مربع الرئيس او مربع المعارضة أو مربع اي جهة سياسية. مضامين مواقفنا تُبنى على مصلحة الشعب وحقّه في الصحة والتعليم والعيش الكريم.
بعيدا عن المؤتمر ما هو تقييمكم لأداء الحكومة بعد ما لا يقل عن 180 يوما من تعيينها؟
ـ أي حكومة وأي أداء...؟ انظروا الى الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي عشنا وضعا كارثيا في صفاقس والجنوب (مشاكل بيئية) ونعيش اليوم وضعا أسوأ من حيث غلاء الاسعار وفقدان المواد الأساسية. إن هذه الحكومة لم تخلق الديناميكية اللازمة التي كنّا ننتظرها لإنعاش الاقتصاد. هناك مشاريع كثيرة يمكن إنجازها لخلق الثروة من ذلك نقل الفسفاط بواسطة الضغط المائي وغسله بماء البحر لتجاوز مشاكل النقل واستنزاف الثروة المائية... هناك فشل صارخ وفي كلمة، هذه الحكومة هي حكومة الضرورة، وكل تبعات سياستها يتحملها رئيس الجمهورية الذي عيّنها.
لوّحتم منذ فترة وخصوصا خلال شهر مارس بإمكانية الذهاب لاضرابات وخصوصا في القطاع العام والوظيفة العمومية، هل هو مجرّد تلويح بسلاح الإضراب لدفع الحكومة للتفاوض الجدي أم أن استعدادتكم قطعت أشواطًا؟
ـ ما من شكّ في أننا سنذهب نحو تنفيذ الإضرابات دفاعًا عن الحق النقابي فالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية منذ مدة والوضع يتطلب مفاوضات وحوارًا وزاد من تعميق كل ذلك المنشور عدد عشرين وهو ما يعني ان الحكومة عمقت الازمة بل وصارت مصدرًا لها. وفي المقابل الحكومة وبعض منظريها والمدافعين عنها في وسائل الاعلام يتهمون الاتحاد بتعميق الازمة عند الحديث عن رفع الدعم واصلاح المؤسسات وهذه مغالطات فنحن مع اصلاح المؤسسات الوطنية والنظر فيها حالة بحالة لمساعدتها على النهوض من جديد. على الحكومة ايضا ان تعطينا حقيقة الاجور وحقيقة الاسعار قبل ان تتحدث عن رفع الدعم. كان يفترض اننا في هذه الفترة بالذات كنا قد بدأنا في حوار ومفاوضات حول مقاومة الفقر والبطالة وارتفاع الاسعار ولكن شيئا من ذلك لم يحصل ولا يوحي بأنه سيحصل خلال الفترة القادمة.
الصورة تبدو قاتمة في علاقة الاتحاد بالحكومة... أين تكمُن المشكلة تحديدًا؟
ـ للاسف لا توجد أي بوادر انفراج مع الحكومة فحتى رئيس الجمهورية لم يتحدث عن التفويت ورفع الدعم في تناقض مع تصوّرات الحكومة. لابدّ من حلول جذرية ولكن مع من سنتفاوض لايجاد هذه الحلول... نحن لا نعرف الى الآن الى متى ستدوم هذه الحكومة لابدّ من استقرار سياسي حتى يُقبل المستثمرون على بعث المشاريع ببلادنا في إدارة الازمات يبقى الحلّ الوحيد هو التفاوض. إن العالم كلّه في اسوإ اللحظات يتفاوض في الحرب الروسية الأوكرانية، في اليمن، في كل مكان توجد أزمة لا بديل عن المفاوضات... انظروا إلى الأسعار كيف التهبت بشكل جنوني مقابل ضعف الاجور... ومع ذلك نحن لا نتفاوض للخروج من هذه الازمات المركّبة... احترمنا تعيينات الحكومة للوزراء والمديرين وعليها أن تتحمل مسؤولية تعييناتها وتجد الحلول اللازمة.
الأخ الأمين العام، ننتقل الآن إلى محور آخر شغل الاتحاد كثيرا وهو الحوار الوطني، هل حملت اللقاءات الاخيرة مع الرئيس الجديد حول إمكانية انطلاق هذا الحوار ؟
ـ ان فكرة الحوار الوطني تندرج في اطار ثقافة التشاركية والحوار المجتمعي المتكامل الذي يفضي إلى مآلات ونتائج وطلبنا من رئيس الجمهورية ان يدعو إلى هذا الحوار ويحدّد شكله والأطراف المشاركة فيه ولكن الى حدود هذه الساعة الاتحاد لا علم له بالمضامين والخيارات المطروحة ولا بدّ من الحديث عن تشاركية حقيقية وتكريس لمفهوم الحوار في ظل الوضع المتردّي الذي تعيشه تونس
هل معنى هذا وأنه لا جديد في الأفق عن أي حوار وطني وأن مبادرة الاتحاد مازالت تراوح مكانها؟
ـ أعلن الرئيس عن امكانية تنظيم حوار وطني ولكنّه لم يدخل في التفاصيل والآليات ونحن في انتظار ان يتطور هذا الوقف بالنفاذ إلى التفاصيل والتواريخ والمآلات تقدمنا منذ فترة كما يعلم الجميع بمبادرة لحوار وطني يشمل الابعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كمخرج حقيقي لما تعيشه البلاد. واقترحنا ايضا هيئة حكماء تقوم بتقريب وجهات النظر بين الاحزاب السياسية التقليدية والوازنة والموجودة فعليا في الواقع بحضور وتصوّراتها واقترحنا ان يتوّج ذلك بميثاق وطني يحملنا إلى نظام سياسي منشود وقانون انتخابي ملائم في المقابل الرئيس رفض هذا الحوار وارتأى انه يمكن ان يكون بصبغة أخرى او على شاكلة جديدة من خلال تشريك الشباب. نحن لا نعترض على ادماج هذه الفئة في الحياة السياسية. هذا مهمّ ولكنه غير كافٍ.