ثقافي

من أوقف حفل فرقة محمد علي كمون وأفسد على جمهورها متعة فقدتها صفاقس المحرومة؟

كتب مختار اللواتي : تعيش نسبة مهمة من عائلات صفاقس منذ أسابيع وخاصة في ليالي شهر رمضان، ابتهاجا جميلا واحتفالا تلقائيا بعودة الأنشطة والعروض الثقافية والفنية إلى فضاءات المدينة بعد انحباسها وانحباس الجميع في منازلهم رهائن لمارد رهيب يُدعى "كوفيد 19".. 
فمن هذه الأنشطة والعروض ما تنظمه مندوبية الثقافة ودار الثقافة وما يؤمنه مهرجان المدينة وماتؤثثه جمعيات متنوعة كجمعية "أبواب" وجمعبة "ناهوند" التي كانت وراء إستضافة الفنان الموسيقار الموهوب المحددُ والذكي محمد علي كمون بمجموعته الموسيقية والفنية الراقية، عزفا وغناء جماعيا وفرديا، واستعراضا ثريا ومبهرا في منتهى الإتقان ورفعة الذوق، سواء نهل من العتيق والتراث أو انتقى من الحديث أجمله.
عرضُ مجموعة محمد علي كمون الذي أصبح علامة فنية مميزة في تونس وخارجها، قدم ليلة 16 أفريل 2022 بمدينة صفاقس وبشكل بديع، عينات من فننا الشعبي الأصيل من كامل ولايات الجمهورية بتوزيع جديد وفي لوحات متناسقة وفي غاية الإتقان والإبهار.
الجمهور الذي كان محظوظا بالسهر مع حفل هذا التخت المفخرة لتونس، ودخل المسرح البلدي الذي احتضنه، سعِد وانتشى بالتحليق في سماء الإبداع والإبهار..
وصلاتٌ منتقاةٌ من شمال البلاد وجنوبها في تناسق وجمال كان خيطه الناظم/ إدارةً وعزفاً وحتى مصاحبةً للمغنين والراقصين/ هو المايسترو محمد علي كمون وهو يتصبب عرقاً ويبتسم فرحا بتقديم عرضه أخيرا في جهته صفاقس. حتى إنه أدخل على العرض نوبتين إضافيتين من تراث صفاقس، هما نوبة سيدي علي الكراي بأداء أوبرالي ونوبة كراي وعالم..
صفق الجمهور كثيرا وتمايل ورقص أكثر وانتشى محلقا في سماواتٍ لاتلوث فيها ولاأكداس زبالة ولا حفرا في كل الطرقات والشوارع ولا اكتظاظا مروريا  كل يوم يزيد المدينة اختناقا..
وفي عز الفرح وفي غمرة الإنتشاء نزلت صاعقة مفزعة على التخت وعلى صاحب التخت وعلى الجمهور..
كان الوقت حوالي منتصف الليل و45 دقيقة أو أكثر بقليل. حين جاء الأمر للمايسترو محمد علي كمون بإيقاف الحفل دون أن يمنحوه حتى فرصةَ إكمال الفقرة الأخيرة منه والتي كانت تَعِد بإمتاعٍ مضاعف لأنها مسك الختام لذلك الحفل الساحر، وفرصةَ إلقاء كلمة الحتام لتحية الجمهور..
لقد علمتُ من بعض الأصدقاء والصديقات الذين حضروا الحفل وانصعقوا لجبروت من طاوعتهم أنفسهم بإيقاف حفلٍ راقٍ كهذا ولو بادعاء، أو بتعلة، انتهاء الوقت المحدد له، برغم كونها سهرة رمضانية وبرغم كون الحفل من ذلك النوع خارج التصنيف المعتاد، علمت أن المايسترو دالي قد خنقته الغصة وبكى من حرقة وغبن ماتعرض له هو وتخته وجمهوره... ومدينته..
فهل هو المسؤول عن المسرح البلدي من أعطى الأمر بإيقاف الحفل؟ أم هم موظفو وعملة المسرح من بادروا من تلقاء أنفسهم بفعل ذلك؟ أم هم مسؤولون بلديون غيرُهم وراء ذلك القرار؟
شيء واحد بقي في ذهن كل من شاهد واستمتع بما قُدم في ذلك العرض البديع، هو نهايتُه المحزنة التي لم تراعِ مشاعر مئات الحاضرين والحاضرات، والتي للأسف تدل على فقدان من أتوا تلك الفعلة لأبسط إحساسٍ بالجمال وبعلو قيمة الفن والإبداع فيه..
فهل يكون رد فعل البلدية بمسؤوليها قادرا على تطييب خواطر جمهور حفل البارحة؟ أم هي 100ةٌ من النمل دخلت ذلك الغار؟؟

مختار اللواتي (صحافي بالاذاعة الوطنية والجهوية بصفاقس ومناضل نقابي سابق)

[تحيين] في آخر تحيين، علمنا أن عددا ممن حضروا الحفل ينوون امضاء عريضة تطالب رئيس البلدية بالاعتذار رسميا للفنان محمد علي كمون وللجمهور وباستضافته  من جديد لاحياء حفل ساهر بصفاقس بمشاركة تخته الكامل.