محاكمة قيادة الاتحاد في 1978 (ح15) حدث فارق في تاريخ البلاد عامة وخاصة في تاريخ الحركة النقابية
شكلت محاكمة قيادة الاتحاد في 1978 حدثا فارقا في تاريخ البلاد عامة وخاصة في تاريخ الحركة النقابية وفي تاريخ القضاء بجناحيه. فلئن تشددت المحكمة والنيابة في الاتهامات والاجراءات والاستنطاق فأن لسان الدفاع استبسل في نقد الاجراءات وتقويضها وابراز تعسفها وتعرض نتيجة ذلك الى الاقصاء مما اضطر المحكمة الى تسخير عدد من المحامين للدفاع الوجوبي. من جهة أخرى سجلنا نوعا من الانسجام بين المحامين والمتهمين حيث رفض هؤلاء الاجابة على أسئلة المحكمة متمسكين بمحامييهم الاصليين.
فلما عادت المحكمة لمواصلة الاستماع الى النقابيين المتهمين، تمسّك جميعهم بعدم الاجابة مطالبين بحضور محاميهم الأصليين.
حضر الجلسة عدّة ملاحظين من بينهم بالخصوص السيد كلود جرمون بوصفه ممثّلا «للاشتراكية الدولية»، وهو يحضر لأوّل مرّة كما حضرها السادة جون فاندر فيكن نيابة عن الجامعة الدولية للنقابات الحرّة (سيزل) والأستاذ جوسران محاميها والذي يحضر نيابة عن الأستاذ ساردا ولويس بوناكرسي ممثّل منظمة القوى العمالية الفرنسية وفاروق بن ميلاد ممثّل الرابطة التونسية لحقوق الانسان.
كما حضر في صف الدفاع الأستاذ فتحي زهير عميد المحامين الذي قدم شهادتين طبيتين حررهما طبيبان مختصّان في الأسنان تأكيدا لمرض الأستاذ محمد محفوظ الذي أعفته المحكمة في جلسة سابقة من الدفاع في القضية بسبب المرض.
ثمّ شرعت المحكمة في الاستنطاق وبدأت بالنداء على حسن حمودية الذي وقع جلبه الى القاعة.
حسن حمودية
الرئيس: حالتك المدنية؟
ـ حسن بن العربي حمودية مولود في 8 نوفمبر 1925 بتونس العاصمة، متزوج وأب لثلاثة أبناء، أستاذ، عضو في مجلس الأمة وبالمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل.
الرئيس: انت محال على المحكمة من أجل تهم ثلاث هي الاعتداء على أمن الدولة قصد تبديل هيئتها وتحريض السكان على مهاجمة بعضهم واحداث الهرج ممّا انجر عنه السلب والحرق والقتل، فلماذا ارتكبت هذه الجرائم؟
حمودية: مع تأكيدي على براءتي وبراءة الاتحاد من هذه التهم، فإن لي قبل بدء الاستنطاق ملاحظات أود ابداءها. فلقد كنت حريصًا أشد الحرص على المثول أمام هذه المحكمة وشديد الحرص على الكلام بأكثر قدر ممكن حتى أُنير العدالة.
ومع ثقتي الكبيرة في العدالة وثقتي في براءتي والاتحاد من هذه التهم اذ أنّ لي من الأدلة ما يؤكد براءتي ويساعد العدالة على احقاق الحق، الاّ أنّ حرماني من المحامين الذين بقيت على اتصال بهم طيلة 6 أشهر هذا الحرمان يعوقني ولا تتوفّر لي الضمانات الكافية للدفاع عن نفسي.
الرئيس: ان الدفاع مضمون الآن فمحاموك الذين انبتهم انت للدفاع عنك تخلوا بالانسحاب ونظرا لهذا وحسبما ينصّ عليه الفصل 141 من مجلة الاجراءات الجزائية عيّنت لك الأستاذين بن ناصر والهيلة.
ممثل النيابة: محاموك تخلوا كتابيا.
الرئيس: واذن لم يبق لك أي عذر والمحكمة تطلب منك الاسترسال في الاجابة وتسألك بناءًا على هذا.
حمودية: اذا سمحتم سيدي الرئيس كيف يمكن أن يقوم المحامون المعينون بعمل مدّة 3 أيّام ليكون بديلاً لعمل مدّته 6 أشهر؟
الرئيس: ان المحامين المعينين ليسوا أجانب عن القضية والموضوع هو نفسه والمحامي الذي عيّن للدفاع عنك هو الذي باشر القضية منذ البداية وقد تأخرت القضية لمدّة مناسبة وسيستمر الاستنطاق أيّامًا بحيث تصبح المدّة كافية ليطلع المحامون المسخرون على الملف.
حمودية: لقد أحلت محاميي الاصليين على عدّة مراجع وتصريحات من شأنها أن تدعم براءتي.
الرئيس: ومن هم؟
حمودية: من بينهم الأساتذة الشفي وبن عبد الله وجمال الدين بيدة والباجي قايد السبسي وعادل الدريدي.
الرئيس: وينوبك الآن الأستاذن الهيلة وبن ناصر.
حمودية: ذكرت لمحاميي الاصليين مراجع وتصريحات.
الرئيس: هل تجيب عن التهم؟
حمودية: رجائي أن تمكنني المحكمة من المحامين الأصليين فانسحابهم ليس تخلّيا بدليل.
الرئيس: لا دخل لك في هذا والمحكمة اتخذت قرارا ولن ترجع فيه.
حمودية: نظرا لعدم توفر الضمانات الكافية للدفاع يحزّ في نفسي أن لا ألبّي رغبات المحكمة.
الرئيس: ليخرج اذن.
-----
للاطلاع على المنشورات السابقة: .Echaab news