وطني

وكالة رويترز: الإضراب العام لاتحاد الشغل “يشل تونس ويزيد الضغوط على الرئيس سعيد”

 أوقفت دعوات الإضراب من جانب الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يتمتع بنفوذ قوي، العمل في أغلب أرجاء البلاد يوم الخميس احتجاجا على خطط الإصلاح الاقتصادي الحكومية، في تحد جديد للرئيس قيس سعيد مع تصاعد المعارضة لحكمه بينما تلوح في الأفق أزمة مالية.

وتوقفت وسائل المواصلات العامة كما أُلغيت الرحلات من مطار قرطاج. وأصاب الشلل الموانئ البحرية بسبب الإضراب الذي يستمر يوما واحدا ودعا إليه اتحاد الشغل الذي يضم مليون عضو. جاء الإضراب بعد اقتراحات من الحكومة بتجميد الأجور وخفض الدعم، وهي خطوات تهدف إلى تسهيل التوصل إلى اتفاق قرض تشتد الحاجة إليه من صندوق النقد الدولي بقيمة أربعة مليارات دولار لتخفيف أزمة المالية العامة في الدولة.

ويكثف الإضراب الضغوط على سعيد الذي أحكم قبضته على السلطة منذ جويلية 2021 عندما جمد عمل البرلمان وعزل الحكومة، وهي خطوات يصفها معارضوه بالانقلاب على التحول الديمقراطي الوليد في تونس. في تحدٍ لخصومه، يسعى سعيد حاليا إلى تعديل الدستور حتى يحظى الرئيس بسلطة أكبر، وذلك في ظل اقتصاد ضعيف وقلق بشأن أزمة المالية العامة ما لم تتمكن تونس من الحصول على تمويل خارجي.

وقال شهود إن آلاف العمال تجمعوا في مدن عدة منها العاصمة تونس وصفاقس الواقعة على بعد 250 كيلومترا إلى الجنوب، مما يشير إلى معارضة الإصلاحات المقترحة. وقال رمزي حسني الموظف بقطاع النقل العام “سعيد لا يستمع إلا لنفسه… هو مشروع ديكتاتور” وهو “يهمل الاقتصاد وتركيزه منصب فقط على السياسة رغم أن التونسيين يعانون من تراجع القوة الشرائية وتزايد الفقر”. وأضاف حسني، الذي كان يشارك في احتجاجات في مقر الاتحاد العام للشغل “نحن هنا لرفض إملاءات صندوق النقد الدولي”.

ولم يصدر تعليق من الحكومة يوم الخميس حتى الآن. وقال متحدث باسم الحكومة اول أمس الأربعاء إن الإضراب سيلحق خسائر كبيرة بتونس، وإن مطالب الاتحاد غير قابلة للتنفيذ. ويقول الاتحاد إن هدف الإضراب اقتصادي وليس سياسيا. ومع ذلك شهدت الفترة الأخيرة توترا بين الاتحاد والحكومة. وقال رئيس اتحاد الشغل هذا الشهر إن السلطات تستهدف الاتحاد بعد رفضه المشاركة في محادثات بشأن دستور جديد، يهدف سعيد لإجراء استفتاء عليه في 25 جويلية المقبل.

* “صيف من السخط”

رحب العديد من التونسيين بتدخل سعيد في جويلية الماضي، بعد أن سئموا من المشاحنات السياسية والشلل في وضع السياسات والمصاعب الاقتصادية، غير أنه يواجه معارضة متزايدة. ويخوض القضاة إضرابا منذ الرابع من جوان بعد أن أقال العشرات منهم. ووصف سعيد إجراءاته منذ جويلية بأنها تصحيحية لمواجهة الخلل السياسي والفساد.

وقال نديم حوري المدير التنفيذي لمبادرة الإصلاح العربي “الأزمة الاقتصادية والمالية هائلة، وفي الوقت نفسه، قيس سعيد- الذي يحكم بشكل متزايد بمفرده – لديه عدد قليل من الحلفاء”. وأضاف “إنه يحاول التفاوض مع صندوق النقد الدولي وفي الوقت نفسه لا يتمتع بدعم سياسي لتمرير الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد ووصف حوري الوضع الحالي قائلا “تونس تواجه صيفا من السخط”. وصل معدل التضخم إلى مستوى شبه قياسي عند 7.8 بالمئة في مايو أيار. ورفعت الحكومة أسعار الوقود أربع مرات هذا العام.

ويعيش نحو 22 بالمائة من السكان في فقر، أو على أقل من دولارين في اليوم، مقارنة مع 14 بالمائة في عام 2010 – قبل عام من انتفاض التونسيين ضد الرئيس زين العابدين بن علي، فيما أدى إلى اندلاع ثورات الربيع العربي التي غذتها الشكاوى السياسة والاقتصادية.

ويعتمد الاقتصاد إلى حد بعيد على السياحة، وتعرض لضربة قوية بسبب جائحة فيروس كورونا قبل أن تزيد الحرب في أوكرانيا الضغوط على المالية العامة، والتي تقول الحكومة إنها تدهورت بسبب عوامل من بينها الزيادة الحادة في أسعار الحبوب والطاقة. وقال مسؤول حكومي هذا الأسبوع إن من المتوقع أن يلتقي مدير منطقة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي مع سعيد ورئيسة الوزراء نجلاء بودن خلال زيارة تستغرق يومين إلى تونس الأسبوع المقبل. وتسعى الحكومة للحصول على قرض من الصندوق لتجنب الإفلاس المالي، وللسماح لها بالوصول إلى تمويل خارجي آخر. وحذر محافظ البنك المركزي من أنه إذا عجزت تونس عن تدبير التمويل، فإنها ستواجه سيناريو مثل سيناريو لبنان وفنزويلا حيث انهارت المالية العامة.