وثائقي

محاكمة قيادة الاتحاد في 1978 (ح1): الصبغة السياسية للقضية تفرض عرضها على محكمة أمن الدولة

أفسدت محكمة الاستئناف بسوسة التي نظرت بدورها في قضية 101 نقابي من جهة سوسة اتهموا بالمسؤولية عن احداث 26 جانفي 1978 التي شهدتها مدينة سوسة، افسدت على السياسيين برنامجهم في عرض النقابيين على محاكم الحق العام بان قررت عدم الاختصاص للنظر في القضية نظرا لطابعها السياسي.
لذلك اضطرت السلطة الحاكمة الى تغيير مسار قضية قيادة الاتحاد وعرضها مباشرة أمام محكمة أمن الدولة عملا بقرار محكمة سوسة من جهة ومن أخرى رضوخا للضغوط الدولية بالخصوص التي كانت تنادي بالإسراع بالبت في القضية التي أوقف المتهمون فيها منذ 26 جانفي.
وهكذا انطلق البت في القضية صباح الخميس 14 سبتمبر 1978 داخل القاعة الكبرى لثكنة بوشوشة في باردو في جلسة افتتاحية متوترة حضر ها أقارب المتهمين إلى جانب عدد كبير من ممثلي الصحافة المحلية والأجنبية والمحامين الذين زاد عددهم عن 70 محاميا. كما سجل حضور السيد جوني فندر فيكن ممثلا عن السيد أو تو كرستن الأمين العام للجامعة الدولية للنقابات الحرة ( السيزل) إلى جانب المحامي سردا الذي كلفته  «السيزل» والسيدين سعد الدين الزمرلي وحمودة بن سلامة رئيس ونائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.

جلسة افتتاحية متوترة، حضور وطني ودولي وتضييق بوليسي

وفي مفتتح الجلسة طلب الكلمة المحامي الأستاذ منصور الشفي فقال: لا يمكن للسان الدفاع أن يقوم بمهمته وأعوان الشرطة يقفون كالحاجز بين المتهمين والمحامين، فتدخل رئيس المحكمة وأمر أعوان الشرطة بالانسحاب من الأماكن الفاصلة بين المحامين والمتهمين. ومن جديد تكلم الأستاذ الشفي قائلا: أن للسان الدفاع مطلبا يتعلق بأمر إجرائي ترتيبي يجب ان تنظر فيه المحكمة قبل المناداة على أسماء المتهمين وهذا الطلب يتعلق بمطلب تجريح قدمه كل من السيدين الحبيب عاشور   عبد الرزاق غربال حول مشاركة عضوين من مجلس الأمة في هيئة المحكمة، فأجابه رئيس المحكمة قائلا: لقد اتصل بنا الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وسلمنا الكلمة المتعلقة بالتجريح وبعد قليل نوافيكم بالقرار. فبادره المحامي منصور الشفي قائلا: لا يمكن للمحكمة ان تباشر اي عمل إجرائي ما لم يرد رد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف تطبيقا للفصل 290 لمجلة الإجراءات الجزائية، وان الشروع في أي عمل إجرائي من طرف المحكمة يعتبر تسليما منها بالتنازل في التجريح المتعلق بالمحاكمين المقصودين في هذا الطلب ولذلك فإننا نرجو تأخير المحاكمة حتى يرد قرار الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.

تجنب الجدل الحاصل في محكمة سوسة

رفض رئيس المحكمة التأخير، وقبل ان يشرع في تلاوة قرار ختم البحث ألقى كلمة جاء فيها بأن قاعة المحكمة ليست مكان خطابة وينبغي تجنب الجدل مثلما حدث في سوسة، وعبر عن ثقته وتفهمه لرسالة الدفاع مذكرا بالفصل 17 الذي يمكن المحكمة بأن تؤاخذ المحامي حسب الفصل 58 من قانون المحاماة. 
تدخل الأستاذ محمد بللونة قائلا: ان ما جاء في كلمة رئيس المحكمة يعتبر مفاجأة لأنه لم يحصل في السابق ان نبهنا رئيس محكمة إلى واجباتنا، وإذا حصل هذا الأمر اليوم فإن ذلك يدعو الى الحيرة فقال له الرئيس : أن ذلك مجرد تذكير ونرجو أن لا يحدث شيء من هذا القبيل.
 ومن جديد اخذ الكلمة الأستاذ بللونة قائلا : إن كلمة السيد رئيس المحكمة تحد من حرية الدفاع وأن وجود لسان الدفاع ليس شكليا ويجب ان يقوم بمهمته كاملة وكنت منذ 35 سنة أتعاطى مهنة المحاماة ولم يقع مرة واحدة تذكير لسان الدفاع بالفصل 17 الذي هو في حد ذاته وجه من أوجه الطعن في هذه المحكمة فاجابه رئيس المحكمة قائلا : المحكمة ترغب منكم الاحتفاظ بهذه الكلمة فيما بعد، وأننا نسجل ملاحظاتكم.

انظر كذلك:

 محاكمة قيادة الاتحاد في 1978: عقيدة النقابيين في مواجهة مكيدة السياسيين