محاكمة قيادة الاتحاد في 1978(ح3): عندما يستنجد رئيس المحكمة بالزعيم الحبيب عاشور
في ظل النقاش الحاد الذي دار بين رئيس المحكمة والمحامين في جلسة افتتاحية مشحونة، طالب الزعيم الحبيب عاشور بأخذ الكلمة فمكنه رئيس المحكمة منها، ليقول: انني لم اطلع على الملف وان البحث لم يتم بعد ولقد ذكرت أسماء لحاكم التحقيق وأن لي الأدلة المتعلقة بالجاني الحقيقي.
فقاطعه رئيس المحكمة قائلا: احتفظ برأيك هذا للاستنطاق.
فقال له الزعيم الحبيب عاشور، هل بإمكان المحكمة أن تضيف استنطاقى للبحث.
فأجابه الرئيس بنعم.
وما ان همّ رئيس المحكمة بالشروع في تلاوة قرار ختم البحث، حتى انسحب المحامون من القاعة واخذ الموقوفون يطالبون بحضور محاميهم ، ورفعت بعض الشعارات في القاعة وانشد الحاضرون نشيد الثورة، وهنا دعا رئيس المحكمة الزعيم الحبيب عاشور لكي يأخذ الكلمة أمام الميكروفون ويطلب من الحاضرين (من عائلات المتهمين ) بأن يتابعوا المداولات في هدوء وصمت ، ولما صعد الحبيب عاشور على مقعده ليواجه الحاضرين ، قابله هؤلاء بالتصفيق والهتاف ، الشيء الذي دفع برئيس المحكمة لكي يدعوه للنزول والجلوس في مكانه قبل ان يضيف بان المحكمة تأذن لأعوان الشرطة بإخراج كل من يحدث هرجا أو يشوش عليها ولا بد للمحكمة ان تتلو القرار ولا وجود لبند قانوني يمنعها من ذلك، وبإمكانها محاكمة من يحدث تشويشا في الحين.(يشار هنا الى ان المحكمة قضت بحبس عدد من اقرباء المتهمين والنقابيين عقابا لهم على ما نسب اليهم من تشويش وهرج).
اثر هذا الفاصل، شرع رئيس المحكمة في تلاوة القرار، وأثناء ذلك عاد بعض المحامين الى القاعة، واستوضح عبد العزيز بوراوي رئيس المحكمة قائلا: هل ان تلاوة التقرير يعتبر أمرا مقضيا بالنسبة لمطلب التجريح، فنفى رئيس المحكمة ذلك وواصل تلاوة التقرير.
تهم ثقيلة تلقى على كاهل النقابيين
بعد استراحة قصيرة، تولى رئيس المحكمة تلاوة قرار دائرة الاتهام وجاء فيه ان قادة الاتحاد العام التونسي للشغل، متهمون بجرائم الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح واثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي وعبد الرزاق غربال زيادة على ذلك من أجل الثلب ضد النظام العام والهيئات الرسمية، والثلب المرتكب ضد مجلس الأمة وحث السكان على خرق قوانين البلاد والنيل من كرامة رجال الدولة والخطاب بما يهيج الجماهير واذاعة اخبار زائفة من شأنها تعكير صفو النظام العام والدعوة الى العصيان وفق الفصول72 و73 و74 و75 و76 و77 و78 و79 و121 و307 من القانون الجنائي والفصول 42 و44 و45 و49 و51 و52 من قانون الصحافة.
وجاء في خاتمة القرار «ولهذه الأسباب» نٌقرر اتهام المذكورين بالتهم السالف تعدادها وإحالتهم على الحالة التي هم عليها مع ملف القضية والمحجوز على محكمة أمن الدولة لمقاضاتهم طبق أحكام الفصلين 72 و121 من المجلة الجنائية والفصول 42 و44 و45 و49 و51 و52 من قانون الصحافة».
انظر كذلك:
محاكمة قيادة الاتحاد في 1978: عقيدة النقابيين في مواجهة مكيدة السياسيين
محاكمة قيادة الاتحاد في 1978 (1): الصبغة السياسية للقضية تفرض عرضها على محكمة أمن الدولة
محاكمة قيادة الاتحاد في 1978 (2): ملف القضية يقع في 10000 صفحة