وطني

أيام في الجزائر : الاتحاد في تونس هو الاتحاد في الجزائر خدمة للبلدين والشعبين

لما تتحول إلى الجزائر في سفرة، فكأنك ذاهب، على مستوى مسافة الزمن، في رحلة إلى مدينة سوسة أو المنستيرأوغيرها من المدن التونسية ، هي ساعة سفر وتجد نفسك في مطار هواري بومدين حيث يستقبلك أعوان الجمارك الجزائرية بكل تقدير واحترام و تجد أفراد من قيادة الاتحاد العام للعمال الجزائريين في انتظارك، يستقبلونك بحب  وود .
فالعلاقة بين تونس والجزائر هي نفسها العلاقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل و الاتحاد  العام للعمال الجزائريين، عمق، تنسيق وأخوة وتقاسم مشترك للبرامج و الخطط

في خطوط المواجهة
عند استقلال تونس ، كانت الثورة الجزائرية، في أوجها، تصارع المستعمر الفرنسي. و في تلك الفترة بالذات، كانت قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل تشتغل لدعم الحركة الوطنية الجزائرية في عدة خطوط من خطوط المواجهة، سواء في الحدود، أو دبلوماسيا عبر القنوات النقابية الدولية، أو على مستوى توفير مقرات خاصة لجبهة التحرير الجزائرية و للاتحاد العام للعمال الجزائريين بمكاتب بطحاء محمد علي الحامي.

فقد كانت قيادات نقابية تونسية عليا مكلفة بتوفير كل ماهو مطلوب للأشقاء الجزائريين، من سياسيين ونقابيين، وهنا نذكر بالخصوص الزعيم أحمد التليلي المكلف آنذاك بتوفير السلاح للحركة الوطنية والمناضل حسين بن قدور الذي كان عضوا في جبهة التحرير الجزائرية .

الظهر الذي حمى الجزائر وثورتها
كانت تونس حينئذ، حكومة واتحادا، الظهر الذي حمى الجزائر و المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي وهو ما أكده لي الأشقاء الجزائريون، أثناء لقاءاتي بهم في العاصمة الجزائرية  حيث لمست أن سمعة الاتحاد كانت ومازالت كبيرة لدى كل من تحدثنا اليهم. وقد سرني كثيرا أنهم يتابعون ما يجري في تونس بكل دقة  ...
البعض يعبر عن حسرته أو قلقه من الوضع، ويقولون ذلك بكل خجل، لأنهم لا يخفون خشيتهم من الفوضى. كنا نرد بكل ثقة بأن تونس تمر بصعوبات، ولكنها ستجتاز الأمر بكل نجاح لأننا شعب يرفض الفشل .

مرض تونس هو مرض الجزائر

الجزائريون يعتبرون تونس ظهرهم ويعتبرون أن مرض تونس هو مرض الجزائر و قد قلنا أن العكس أيضا صحيح . 
و هنا أعود لأقول إن الاتحاد في تونس هو الاتحاد في الجزائر، باعتبار أن تاريخ المنظمتين واحد. فعندما استحق النقابيون الجزائريون للاتحاد التونسي كان النقابيون في تونس أول من دافعوا في كل المحافل عن الاتحاد الجزائري.
اليوم تشعر أن الاتحاد العام للعمال الجزائريين عاد بقوة على الساحة الجزائرية، سياسيا ونقابيا واجتماعيا، لتأثيره القوي وقدرته الذكية في الفعل على الساحة وعلى المشهد و إعادة الوهج النقابي رغم الصعوبات. واليوم ترى الاتحاد العام للعمال الجزائريين في تحول نوعي لا سيما إثر نجاحه  خلال  السنوات الأخيرة في المحافظة على وحدته رغم المحاولات التي قامت بها عدة جهات لإضعاف العمل النقابي أو إضعاف  الدور الوطني للاتحاد العام للعمال الجزائريين.
هذا الدور الوطني برز خلال الحراك الذي شهدته الجزائر، والذي لولا دورالاتحاد العام للعمال الجزائريين، لاتجهت الأوضاع  نحو الفوضى و إلى ما لا يحمد عقباه .
في الجزائر كما في تونس، هناك منظمة نقابية وطنية متمسكة بلعب دورها الوطني والاجتماعي والاقتصادي، لديها عمقا شعبيا مستمدا من التاريخ ومن الحاضر ومن حاجة الوطن لمنظمة وطنية فاعلة متوازنة مؤثرة. ووهنا وجه آخرمن وجوه التشابه بين المنظمتين .
يقول الأخ سليم لباطشة، الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، إن ما يجمع المنظمتين تاريخ و مستقبل و جوار ومصلحة، و أن اتحادكم وتونس كلها في قلوب الجزائريين .

من يقدر على احتضان 40 الف مسلح غيرتونس؟
  لم ولن ينسى الجزائريون كيف أن التونسيين و الاتحاد العام التونسي للشغل احتضنوا 40 ألف مسلح في العاصمة وفي الجبال وكيف أن الاتحاد وفر اللوجستيك اللازم.
من جهته، لم ولن ينسى الاتحاد العام التونسي للشغل مبادرة الاتحاد العام للعمال الجزائريين، سنة 2015، في دعوة أفراد الشعب الجزائري إلى الذهاب بكثافة إلى تونس وذلك إثر الهجمتين الإرهابيتين في سوسة وباردو،  حيث تنطلق الرحلات عبر الحافلات المتجهة الى تونس من ساحة الاول من ماي وتحديدا من أمام مقر الاتحاد بالجزائر. والى حد يوم الناس، مازالت ساحة الاول من ماي حيث مقر اتحاد عمال الجزائرنقطة انطلاق السياح الجزائريين نحو تونس .
اليوم كذلك، وهذه حقيقة تقال لأول مرة، إن الأمين العام للاتحاد الاخ نور الدين الطبوبي حرص، منذ أشهر عديدة،  على التنسيق  المشترك قصد فتح الحدود البرية كما كان للاتحاد العام التونسي للشغل و للاتحاد العام للعمال الجزائريين دور كبير في توفير الغاز لتونس .

الجزائر هي تونس وتونس هي الجزائر
وهنا لا يمكن الحديث عن هذه المعطيات دون الحديث عن ما أبداه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من حرص على أن  تكون الجزائر هي تونس و تونس هي الجزائر و هنا في دوائر الحكم يؤكدون أن تونس تعتبر دوما جزءا مهما من أمن الجزائر .
يقول الجزائريون إنهم متفائلون بفتح الحدود بين البلدين، فهم تعودوا على السفر إلى تونس عبر البر و مرورا بكل من قفصة والقصرين وتوزر وجندوبة و الكاف ، وأنهم تعودوا على سوسة و الحمامات و المنستير و الوطن القبلي وطبرقة والمهدية  جربة وغيرها من المدن  الساحلية .
لقد أعاد التعاون والتنسيق الوثيق بين الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد العام للعمال الجزائريين البعد التاريخي للمنظمتين، وهو دور محوري هدفه الاول والاخيرخدمة صالح البلدين و تطوير العلاقات بين الشعبين .
غسان القصيبي