المحاكمة 47: هل يمكن لمحامٍ ان يخوض في اصل قضية دون ان يطلع على ملفاتها
المرافعة التي ننشرها فيما يلي هي لمحام شاب في ذلك الوقت وهو رؤوف النجار. كان لاعبا في النادي الرياضي الصفاقسي و ترأس الجامعة التونسية لكرة القدم لمدة سنوات .أشرف لما كان وزيرا للشباب و الرياضة على أشغال بناء الحي الأولمبي برادس ثم تولى وزارة التربية و قضى آخر حياته المهنية سفيرا لتونس في فرنسا .
قال في مرافعته :
ليس من باب التذكير ان اقول انني أتناول الكلمة بموجب قرار تعيين بعد انسحابي مع زملائي للأسباب التي شرحناها بعريضتنا وكان اهم سبب يتمثل في عدم استيعابنا لملف ضخم لم نتمكن من الاطلاع عليه في الفترة الوجيزة التي منحتنا اياها المحكمة.
وجاء قرار التسخير ولكنه لم يغير شيئا فلم يُمْكِنَّا من الاطلاع على الملف بطريقة كاملة وشاملة كما ان حضور الجلسات لم تمكنّا من زيارة المنوبين في السجن، واليوم اجد نفسي أسير هذه الاستحالة المادية.
ومن جهة أخرى واستجابة لنداء الواجب والقانون قبلت التعيين وحضرت الجلسات فرفض المنوبون نيابتي كما اعتصموا بالصمت اثناء الاستنطاق.
فهل يمكن لمحامٍ ان يخوض في اصل قضية دون ان يطلع على ملفاتها وبعد ان يكون منوّبه قد رفضه واختار الصمت والامتناع عن الجواب من المسلم قانونا ان المحامي يتقمص شخصية منوّبه.
الرئيس (مقاطعا) المحكمة تعيد الملاحظة التالية:
فالمحامي مُعَيّنٌ بموجب قرار وباسم القانون لفائدة المتهم والعلاقة موجودة قانونا بين المحكمة والمحامي ولنفرض ان المتهم موصى عليه او مازال صغير السن فتكون المحكمة قد راعت مصلحته حسبما خوّل لها القانون عندما تُعَيّن له محاميا يدافع عنه.
لهذا فانه لم يبق هناك فائدة من الرجوع الى موافقة المتهم ورضائه بمحاميه لأنك سخرت باسم القانون عليك ان تدافع عن المتهم بما تراه مفيدا له.
الاستاذ النجار: سوف لن ادخل مع المحكمة في جدال يدوم ساعات حول الرابطة بين الوكيل والموكّل واقتصر على القول بأنني اتمسك بما جاء في مرافعة الاستاذين الهيلة والشابي وفي تدخل السيد العميد.
وأواصل القول فأذكر بأن المحامي يتقمص شخصية منوبه عند الدفاع عنه.
فهل يسمح لي انا الموكّل بأن أخالفه في الطريقة التي اختارها للدفاع عن نفسه؟
هذا الموكّل الذي اختار موقفا لابد لي من احترامه ما دام قد صدر عن انسان واعٍ مثقف ينتمي الى صنف ممتاز من اصناف مجتمعنا.
لذا وامام الاستحالة المادية التي اصطدم بها فانني اقول في خاتمة مرافعتي بأن احترام القانون الذي من اجله قبلت التعيين والواجب الذي تفرضه عليّ مهنتي وقواعدها يمليان عليّ بأن اتمسك بموقف المنوبين وقد تمسكوا بالبراءة وأملي عميق في ان اكون قد وُفِّقْتُ.