كيف كانت علاقة الملكة البريطانية الراحلة إليزابيث الثانية بالعالم العربي وقضاياه الشائكة؟
على غرار العديد من البلدان عبر العالم، نعت عدة دول عربية الملكة إليزابيث الثانية التي توفيت الخميس بعد سبعة عقود قضتها على عرش بريطانيا. فكيف كان موقف الملكة الراحلة من التحولات السياسية والاجتماعية التي عرفها العالم العربي عبر السنين وهل كان لها دور فيها؟
هز نبأ وفاة الملكة اليزابيث الثانية العالم وتتالت ردود الفعل الرسمية من مختلف بلدان العالم وبينها العربية، إذ اعتبر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز "جلالتها نموذجا للقيادة سيخلده التاريخ". فيما شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال تقديم العزاء على عزمه على العمل مع العاهل البريطاني الجديد الملك تشارلز الثالث "لتعزيز" العلاقات الثنائية. وقال "أؤكد عزمنا على العمل مع الملك تشارلز لتعزيز علاقات بلدينا وشعبينا الصديقين".
رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد قال إن الملكة "كانت مقربة لدولة الإمارات العربية المتحدة وزعيمة محبوبة ومحترمة اتسمت فترة حكمها الطويلة بالكرامة والرحمة والالتزام الدؤوب بخدمة وطنها".
أما الملك عبد الله بن الحسين عاهل الأردن فقد نعى الملكة قائلا إنها كانت شريكة للأردن وصديقة عزيزة للعائلة مؤكدا أنها كانت منارة للحكمة والقيادة القائمة على المبادئ لمدة سبعة عقود.
واعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن الملكة "كرست حياتها في خدمة وطنها وشعبها منذ اعتلائها العرش لعقود طويلة قضتها في العطاء وعمل الخير وتأدية واجباتها الملكية، تاركة إرثا زاخما سيبقى محفورا في أذهان وقلوب الأجيال".
كما عبر الرئيس العراقي برهم صالح عن حزنه العميق لوفاة جلالة الملكة مقدما تعازيه للعائلة المالكة ولشعب المملكة المتحدة.
- ماهي علاقة الملكة إليزابيث بالعالم العربي وأهم قضاياه؟
بالأساس، كانت الملكة إليزابيث الثانية تحاول دائما، جاهدة، أن تأخذ موقف الحياد بشكل كامل في القضايا الداخلية البريطانية وهذا ما عرف عنها بشكل واضح خلال مسيرتها التي امتدت لسبعة عقود من الزمن فلم تتخذ أي موقف تجاه أي وجهة سياسية محددة أو أي حزب من الأحزاب الرئيسية في بريطانيا.
هذا الموقف المحايد الذي حافظت عليه إليزابيث الثانية، والأسرة الملكية عامة، انعكس في سياستها واستراتيجيتها الخارجية في التعامل مع القضايا الدولية، من بينها القضايا العربية لذلك لا يمكن أن نأخذ على الملكة إليزابيث أي موقف سواء كان بالدعم الواضح أو الابتعاد الواضح عن قضايا العالم العربي وعن علاقة بريطانيا به.
- من هم الزعماء العرب الأقرب للملكة إليزابيث؟
ربما يكون هناك احتمال أن علاقات ود ربطتها بالأنظمة الملكية في الدول العربية. لكن لو كانت قد أخذت موقفا واضحا يبرز الود أو الدعم لأي من الأنظمة العربية لكانت وسائل الإعلام البريطانية قد تحدثت عنه، وهو ما لم يحدث، وهذا ما يشير إلى أن الملكة إليزابيث الثانية كانت دائما تحافظ على الحياد.
إن الملكة إليزابيث تؤمن بالعمل الديمقراطي وبالتجربة الديمقراطية البريطانية وتجربة الدول الملكية العربية لم تكن تعكس نفس هذه التجربة لذلك من المستبعد كليا أنه كان للملكة إليزابيث أي موقف داعم بوضوح لهذه الأنظمة لأن هناك فرقا كبيرا جدا بين النظام الملكي الدستوري في بريطانيا والأنظمة الملكية في الدول العربية المبنية على الدكتاتورية.
- لماذا كانت تنتهج الملكة إليزابيث هذا الحياد؟
هذه السياسة كانت بالتأكيد لمصلحة بريطانيا ولمصلحة الأسرة الملكية في بريطانيا. فالقضايا الدولية العربية هي قضايا شائكة لأنها تمس أطرافا دولية عديدة. لذلك ففي حال بينت الملكية البريطانية موقفا داعما لنظام عربي أو لقضية عربية محددة فبالتأكيد لكان ذلك سوف يثير حفيظة وامتعاض دول أخرى.
يمكن القول إن هناك حالة من الود الحيادي لكن دون أي دعم واضح لتمرير السياسة الخارجية البريطانية خاصة ما يرتبط باستكمال صفقات خدمات الأعمال وصفقات بيع الأسلحة وكل ما يرتبط مع السياسة الخارجية البريطانية. يدعم الموقف الملكي البريطاني السياسة الخارجية لبريطانيا ككل ولكن أن يكون موقفا داعما بوضوح من قبل الملكة إليزابيث الثانية للأنظمة الملكية العربية فهذا من المستبعد كليا.