هل يحضر ملك المغرب محمد السادس القمة العربية في الجزائر رغم احتدام التوتر بين البلدين الجارين؟
كشفت مجلة "جون أفريك" الفرنسية المعروفة ويومية “الشرق الأوسط” البريطانية المقربة من مراكز القرار في السعودية أن الملك محمد السادس سيشارك في القمة العربية المقرر عقدها في مستهل نوفمبر.
وإن كانت الأوساط الرسمية في الرباط لم تعلق حتى الآن على هذا الخبر، لكن مراقبين يرجحون مشاركة العاهل المغربي في هذه القمة. فهل سيشارك الملك فعلا فيها رغم ما يسود العلاقات بين البلدين من توترات حادة؟ وإن كان كذلك، هل بإمكان هذه المشاركة أن تشكل أساس انطلاقة جديدة في هكذا علاقات؟
ظلت مشاركة المغرب في القمة العربية المقرر تنظيمها بالجزائر في مستهل نوفمبر محل العديد من التساؤلات، بالنظر إلى الأجواء القاتمة التي تخيم على العلاقات بين البلدين ، بعد أن دخل الجاران في قطيعة دبلوماسية منذ عدة أشهر، اشتعلت في خضمها حرب إعلامية شرسة بين الطرفين.
لكن خبرا جاءت به الإثنين 12 سبتمبر 2022 مجلة "جون أفريك"، قد يفتح صفحة جديدة في مستقبل العلاقات بين الرباط والجزائر، إذ ذكرت المجلة الباريسية، استنادا لمصادر "مطلعة للغاية" أنه "بناء على تعليمات من السلطات العليا المغربية، تم إجراء اتصالات مع العديد من دول الخليج: السعودية، قطر، الإمارات، الكويت، البحرين، لإبلاغها بأن الملك محمد السادس سيشارك شخصيا في القمة العربية".
من جهتها، أوردت يومية "الشرق الأوسط" ، أن "مصادر دبلوماسية رفيعة"، كشفت للصحيفة أن العاهل المغربي الملك محمد السادس سيشارك في القمة. وقالت المصادر، وفقا لنفس الصحيفة، إن السلطات المغربية "أجرت اتصالات مع دول الخليج لإبلاغها بمشاركة الملك شخصيا في قمة الجزائر العربية".
وكان العاهل المغربي قد وجه في جويلية 2022 دعوة جديدة لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع البلد الجار، معربا عن تطلعه إلى العمل مع الرئاسة الجزائرية "لإقامة علاقات طبيعية"، ومؤكدا على الرغبة "في الخروج من هذا الوضع".
وقال الملك محمد السادس في خطابه السنوي بمناسبة الذكرى 23 لجلوسه على العرش: "إننا نتطلع للعمل مع الرئاسة الجزائرية، لأن يضع المغرب والجزائر يدا في يد لإقامة علاقات طبيعية، بين شعبين شقيقين تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية والمصير المشترك".
وأضاف: "أشدد مرة أخرى بأن الحدود التي تفرق بين الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري لن تكون أبدا حدودا تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما، بل نريدها أن تكون جسورا تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر".
واقترح العاهل المغربي أيضا في أواخر العام 2018 تشكيل "آلية سياسية مشتركة للحوار" من أجل "تجاوز الخلافات" القائمة بين الجارين، داعيا إلى فتح الحدود البرية المغلقة منذ العام 1994. لكن الاقتراح لم يلق استجابة من قبل قصر المرادية.
وزاد التوتر بين البلدين الجارين عندما أعلنت الجزائر في أوت 2022 قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط متهمة إياها: "بارتكاب أعمال عدائية (...) منذ استقلال الجزائر" في 1962. وهو قرار يأسف له المغرب، ورفض "مبرراته الزائفة". حسب بلاغ سابق للرباط.
كما اعتبرت الجزائر أن تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب و الكيان الصهيوني ، برعاية أمريكية، موجه ضدها. وهو التطبيع الذي تضمن أيضا اعتراف الولايات المتحدة بسيادة الرباط على الصحراء الغربية في أواخر العام 2020 عندما كان دونالد ترامب على رأس الولايات المتحدة.
وفي كل الأحوال، الزيارة الملكية للجزائر تبقى ممكنة في ظل طموح الدول العربية الوازنة لبعث روح جديدة في العمل العربي المشترك من جهة، ومن جهة أخرى فإنها ستكون منسجمة مع سياسة اليد الممدودة للمملكة تجاه الجزائر، والتي تمسك بها الملك محمد السادس بشجاعة والتزام أخوي وسط مناخ من التلميحات السلبية في الجوار.