لهذه الاسباب لم يعجبني فيلم شرف رغم الاقبال الجماهيري الكبير عليه
الشعب نيوز/ حسني عبد الرحيم - ربما لايوجد أحد من النقاد كان يتعشم في نجاح هذا الشريط السينمائي مثلي أنا..فكاتب الرواية هو صديق عزيز جدآ قضى في الإعتقال سنوات مريرة كتبها في رواياته المختلفة ومواقفه في السنوات الاخيرة مشرفة(رفض جائزة الدولة في الرواية علنآ على الهواء مباشرة وفي حفلة تسلمها) وترجمتها الفرنسية لاقت رواجا كبيرا. أما المخرج الشاب"سمير نصر" الذي لا أعرفه شخصيآ ، فقد خاض مغامرة ليست مضمونة العواقب، بل بألعكس كل المعوقات مفترضة لهذا الشريط في أى بلد عربي!
طابور طويل
المهم ذهبت لمسرح الأوبرا وأنا مستعد لمشاهدة فيلم يشرح صدري وأنبهرت بالزحام والطابور الطويل للحاجزين! أنا أضطررت للإستعانة بإدارة المهرجان(بإعتباري ناقد) لكي أجد مكانآ لي قبل العرض بيومين! وعندما حصلت عليه كنت في حالة نفسية مستعدة لقبول عمل جيد للدفاع عنه والترويج له، لأن القضية تمسني شخصيآ وسياسيآ وفنيآ!
لكن ماحدث هو العكس، فبألرغم من أن الرواية "شرف" ليست من ضمن تفضيلاتي حتى ضمن كتابات "صنع الله إبراهيم" الأخرى مثل "تلك الرائحة"و"ذات" فألخطاب في هذه الرواية تبسيطي ومباشر وأقرب مايكون للخطاب الصحفي أو الدعائي وليس الأدبي
الوقائع عن حالة السجون التي ذكرها الكاتب وقائع حقيقية ويعرفها كل من زار السجون العربية، لكني وإن كنت أستسيغ هذا في تحقيق صحفي فإنه لايعجبني في الأدب ذلك أنه للأدب وسائله الخاصة وطريقته لطرح المشكلات ،ولهذا هو أدب وليس مقالات صحفية أو بيانات حزبية ! ندخل قاعات السينما لمشاهدة جوانب من المشهد الإنساني أعمق ومختلفة عما تكتبه الصحف على الرغم من إنها تعالج نفس المشاكل لكن تعالجها دراميآ بتشكيل الشخصيات وإدخالها في صراعات تكشف عن الآثار المترتبة عن أوضاع إجتماعية أو سياسية غير سليمة!
المبالغات الخطابية
كنت أتوقع رغم عدم تحمسي للرواية حين قراءتها أن يقوم المخرج بإختيار "تيمة"جزئية من الرواية يعمل عليها ويبني الشخصيات دراميآ (مثلآ كما قام المخرج"داوود عبد السيد" في فيلم الكيت-كات" عن رواية بنفس الأسم ) وليس نقل الرواية لتصبح هي نفسها السيناريو ثم تصبح مشاهد على الشاسة!وبممثلين يتحدثون لهجة شامية بينما الوقائع كلها تحدث بمصر في سجن مصري في الثمانينات وكتبها كاتب مصري معروف ويعرف السجون جيدآ. الديكور الذي تم بناؤه لايمثل سجنا حقيقيا نعرفه ويعرفنا. المبالغات الخطابية في خطابات المساجين الذين يعانون من الظُلم البين لم تقنعني بشخصيات حقيقية ! تحويل الصراعات الكبرى لأمور أخلاقية وتتحول مسألة الإستغلال الإمبريالي الواقعي والمعقد لمسألة"شرف"!
خرجت محبطآ من المشاهدة وأخبرت المخرج -الذي أتمنى له كل النجاح في أفلامه القادمة- بذلك
توفيق البحري
لكن الأمر الذي ربما يمكنني أن أبحث له على عذر هو صعوبة إنتاج فيلم كهذا في الوقت الحاضر ، ولكن القرار الحكيم من لجنة التحكيم بعدم إعطاء الفيلم جائزة التانيت الذهبي فَرَج كربي! الدور الوحيد الذي أعجبني وأبكاني هو الدور الذي مثله الفقيد "توفيق البحري" رحمة الله عليه. المخرج الشاب ربما يكون كما صرح بذلك على الرُكْح قد أندهش من الحضور الكبير (حتى قال:إنه أترعب) لكن هذا طبيعي فألجمهور ينتظر روايات الكاتب "صنع الله إبراهيم "ويحب يسمع منه وعنه! ينبغي توجيه النقد الحاد والمُخلص للفيلم لإنه من عمل أصدقائنا وليس أعدائنا ! لكن الفن فن ويجب إحترام مجاله الخاص للإمتاع و للنجاح إستراتيچيآ وليس وقتيآ!