الحراك يجتاح الجهات وعلى شرفاء الاعلام التجنّد لانارة الرأي العام
تجري اليوم معركة فرز حقيقيّة على جميع المستويات وفي كلّ القطاعات والجهات متجاوزة كلّ حدود التقسيمات القديمة الايديولوجيّة والفكريّة والسياسيّة والاجتماعيّة تحت عنوان "الانقاذ الوطني". وتعيش البلاد على وقع "تسونامي" متصاعد من الاحتجاجات الشبابية والشعبيّة الغاضبة تغذيها حالة الاحباط واليأس وشبح الموت الذي يضرب بلا رحمة بسبب فشل المنظومة الحاكمة الذي يصل حدّ التواطؤ والاجرام في التصدي لجائحة كورونا. قد تبدو للوهلة الأولى بدائل هذا الحراك غير واضحة المعالم والأهداف بالمقاييس المعتادة للفعل السياسي وبالنظر إلى جهلنا بالفاعلين السياسيين الداعين اليه وبأسلوبهم الدعائي المعتمد أساسا على شبكات التواصل الاجتماعي وتقنية "المجموعات المغلقة". ولكن متابعتنا اليوم لساعات لفعاليات الحراك في أغلب الجهات ولشعاراته التي يرفعها وجرأتها وواقعيتها وتأكدنا من سلميته بدّد الكثير من الغموض والمخاوف حوله، لنتأكد أنّه وفي كلّ الحالات ليست أكثر غموضا من مصير البلاد أمام الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني والصحّي الذي تعيشه والمفتوح على أسوأ السيناريوهات "انهيار الدولة وتفكك مؤسساتها واستشراء الفوضى والفساد" خاصة في ظلّ حكم ائتلاف حزبي/تكنوقراطي هجين وانتهازي يقوده رئيس حكومة فاشل وضعيف الشخصية ومستعد لابرام أكثر الصفقات قذارة ومع جميع المافيات السياسية والاقتصادية والمالية الداخلية والخارجيّة للحفاظ على كرسيّه وامتيازاته على حساب البلاد. واقع متعفن متواصل منذ أشهر جعل "المركّب الحكومي بالنيابة" أقرب إلى "الوفاق الاجرامي" تحوّل في نظر الغالبيّة العظمى من الشعب التونسي إلى مجرّد "عصابة حاكمة" تحت حماية حركة النهضة ورئيسها راشد الغنّوشي وذراعه الميليشيوي البرلماني "ائتلاف الارهاب وروابط العنف" بتحالف مع المافيوزي نبيل القروي وبتنسيق مع الخلايا التجمعيّة الأكثر فسادا وانتهازيّة "مجمع قدماء طلبة التجمّع". لكن وفي خضمّ هذه التحركات والأحداث المتسارعة التي قد تأخذ منعرجا حاسما في الساعات والايام القادمة اذا ما كتب لها النجاح في المراكمة وتحشيد القوى الشبابيّة والشعبيّة وقوى المجتمع المدني حولها وكسب ثقة القوى السياسية المترددة ومساندة رئاسة الجمهوريّة والتفاعل مع دعواتها الموجهة اليه، ولم يتمّ حرفها كسابقاتها عن سلميتها واختراقها من الداخل وتفجير الخلافات بين قياداتها، ستبقى أخطر المعارك وأهمها حسما وتأثيرا على مستقبل البلاد تلك التي من واجب القلّة القليلة المتبقية من شرفاء القطاع الاعلامي الذين رفضوا تأجير أقلامهم وألسنتهم ووجوههم للعصابة الحاكمة التي تسرق ثروات البلاد وأرواح العباد خوضها لانارة الرأي العام ورفع تحدّي اعلام القرب ضدّ التلهية والتعتيم الذي تمارسة قطعان كلاب الحراسة وصبيان الوشاية من سماسرة اعلام الدعاية وتلميع الصورة وبالأخص ضدّ ميليشيا القطط المسمنة الاعلامية التي احتلت المنابر واستباحت كل الفضاءات الاعلاميّة ولا همّ لها سوى خدمة أجندات مشغليها وأولياء نعمتها والدفاع عن مصالحهم وامتيازاتهم وتبرير جرائمهم بتحريفها الحقائق وتزييف الوعي وتوجيه الرأي العام في غير ما تقتضيه مصالحه الوطنيّة. * خليفة شوشان
|