وطني

الرئيس قيس سعيد يرفض دواء مؤسسات النقد: نترقب تعديلا حكوميا او تغيير السياسات

الشعب نيوز / أبو إبراهيم .  قال رئيس الجمهورية قيس سعيد في كلمة ألقاها يوم الخميس 15 ديسمبر 2022 في أشغال حلقة النقاش المخصصة لموضوع "إفريقيا المزدهرة القائمة على النمو الشامل والتنمية المستدامة"، "إننا قادرون على تشخيص أسباب معاناة شعوبنا، فلنعمل على تحديد الحلول الناجعة ويعمّ أثرها الجميع أما الأدوية التي تقترحها دوائر النقد والمال العالمية فهي ليست بالأدوية، بل هي بمثابة الكيّ بالنار أو عود ثقاب بجانب مواد شديدة الانفجار، والتصنيفات التي تظهر بين الحين والآخر تقوم على معايير قوامها الأرقام في حين أن الذوات البشرية ليست مجرّد أرقام".

خلاف مع الصندوق

ويأتي هذا الموقف الجديد تزامنا مع قرار صندوق النقد الدولي تأجيل النظر في ملف تونس المقدم من اجل الحصول على قرض كما جاء ليؤكد الموقف السابق لرئاسة الجمهورية الرافض خاصة لإجراءات رفع الدعم.

وقد حمل خطاب الرئيس قيس سعيد الكثير من المعاني لعل أبرزها التأكيد على رفض الخيارات التي قد تنفذها الحكومة ضمن ما تسميه الاصلاحات الاقتصادية.

وتتمثل الخيارات المثيرة للجدل في رفع الدعم وتقليص الانتدابات صلب الوظيفة العمومية بهدف تقليص الانفاق العام واعادة هيكلة مساهمة الدولة في المؤسسات العمومية (التفويت فيها).

ان الترجمة السياسية الأكثر منطقية للخطاب الرئاسي تقودنا الى الحديث عن ضرورة تعديل كبير في السياسات الحكومية باتجاهات جديدة بعيدة عن المسار المقترح حكوميا وبالتالي فسنكون على مقربة من تعديل وزاري قد يرحل بالحكومة الحالية برمتها او سنشهد تعديلا معلنا للسياسات الحكومية فيه تَخَلٍ عن خيار النقد الدولي وتبنيا لخيارات جديدة انعكاس سياسي وتمثل هذه الخيارات ضمن تصور جديد مسالة مفصلية على اعتبار ان الخيارات الجديدة المطروحة على الدولة التونسية رئاسة وحكومة لن تخرج في الغالب عن احتمالين أساسيين، فإما الحصول على تمويلات ثنائية خارج المؤسسات المالية العالمية او التعويل الكامل على الجبهة الداخلية من اجل جلب التمويل عبر سياسة جبائية اكثر توسعية واكثر عدلا، وعبر سياسات تحفيزية اكثر جاذبية للإاستثمارات الخارجية.

وتشير المعطيات العالمية الحالية المتسمة بعدم الاستقرار والمنحى التضخمي والتوتر العسكري الى ان التعاون الدولي الثنائي ليس افقا رحبا حيث سيكون على الجميع تقليص النفقات لمواجهة الازمة المحتملة كما ان مثل هذه الاتفاقات تكون له في العادة كلفة سياسية أثقل حتى من كلفة املاءات صندوق النقد الدولي فالتداين يبقى تداينا مهما تغيير المقرض.

وبالتالي فان البديل الأقرب لتعويض ما كانت الحكومة تنتظره من تمويل صندوق النقد هو التوجه الى الداخل التونسي. الانفتاح والبدائل لقد طرح الخبراء التونسيون في اكثر من مناسبة بدائل كثيرة لتمويل الميزانية والمحافظة على استقرار نسق العلاقات الخارجية وتجنب اكراهات التداين أيا كان مصدره.

وقد كان خبراء الاتحاد العام التونسي للشغل في مقدمة من طرحوا البدائل الكفيلة بالتمويل وبإحداث الديناميكية ولعل أبرزها استحثاث نسق الاستثمار الخاص وهو امر يستوجب كسر حالة الريع الاقتصادي وتوسيع دائرة المنتجين وفتح المجال امام التونسيين للدخول الى مجال انتاج الثورة.

اما النقطة الثانية فتكمن في ضرورة توسيع دائرة الجبائية لمحاصرة التهرب الضريبي المقدر بنحو 4 مليار دينار فضلا عن محاصرة التهريب والاقتصاد الموازي.

ومن الممكن هنا ذكر نقطة مهمة تتمثل في تطوير التشريعات وتعصير الادارة والقوانين من اجل الحد من الفساد وتحسين جاذبية الاقتصاد للاستثمارات الخارجية والداخلية عبر شروط محفزة ومنصفة.

وقد لا نذيع سرا بالقول ان لتونس قدرة تنافسية علية وجاذبية كبرى للاستثمارات تتمثل في اليد العاملة الماهرة التي تستوجب المزيد من الإحاطة والتدريب.

ان هذه السياسات مجتمعة تمثل الأفق الارحب الذي يمكن ا ن تهاجر اليه السياسات الحكومية دون تاثر بفقدان تمويل النقد الدولي. غير ان التخلي عن صندوق النقد الدولي واكراهات الاقتراض منه وتبني سياسيات شعبية عادلة يستوجب فيما يستوجب التأييد الشعبي الواسع وهو ما لا يتم الا بانفتاح الدولة على المجتمع في اطار التحمل المشترك للمسؤولية الوطنية وتسطير الخيارات العامة خدمة لكل افراد المجتمع.