كتاب يحتفل بالمناضل السياسي والنقابي صالح الزغيدي
الشعب نيوز/ حسني عبدالرحيم - بمناسبة صدور كتابين متزامنين، أحدهما عن تاريخ الحزب الشيوعي التونسي وهو تأليف مشترك وثمرة لعدة لقاءات في جهات مختلفة بمبادرة من "منتدى التجديد"، أحد روافد الحزب المذكور والذي تغير أسمه لعدة مرات، وثانيهما عن الراحل "صالح الزغيدي"من تأليف الأستاذ في التاريخ المعاصر "المنصف باني"
.الكتابان من إصدارات مخبر "التراث بكلية الآداب والفنون والإنسانيات"بجامعة منوبة" و"مكتب التعاون الأكاديمي لمؤسسة روزا لوكسمبورج "والناشر "دار نيرڤانا"!وفي مساء الأربعاء 14 ديسمبر 2022 وعلى الرغم من إنشغال الناس بمتابعة الأدوار النهائية لكأس العالم أمتلأت قاعة الإجتماعات بنزل "داون تاون" عن آخرها بمناصرين للتيار اليساري الأقدم في تونس والذي كان المرحوم" صالح الزغيدي" مناضلآ في صفوفه حتى عام 1971 وبقى يساريآ مستقلآ بعد ذلك حتى وافته المنيه!
قام بتقديم الكتاب عن السيرة النضالية لأحد أعمدة اليسار السياسي والنقابي في تونس الدكتور "عبد الواحد المكني" عميد كلية الآداب بصفاقس وهو عشير وزميل "صالح الزغيدي " منذ شبابه والمؤلف الدكتور في التاريخ "المنصف باني" هو أبن مدينة " جبنيانة" التى ولد و نشأ بها آل الزغيدي الذين يضمون خمسة من الأخوة إنخرطوا جميعآ في النضالات السياسية والنقابية ضمن تيارات متنوعة هم وأبناؤهم العديدون كذلك!
المواقف الثابته ل"صالح الزغيدي" كعلماني وداعية لوحدة اليسار وذو مواقف نقدية من منظمته الأصلية (الحزب الشيوعي التونسي) التى تربى بها وأختلف معها ولم يدفعه ذلك لموقف عدائي تجاهها فيما بعد.
أستغرق التقديم والمناقشة من المتدخلين نصف الوقت في مناقشة ودية للذاكرة النقابية والسياسية أدارها بأريحية رفيق صالح الدكتور "حبيب القزدغلي" من منتدى التراث بجامعة منوبة بينما كان الجانب النقابي فى كفاحه هو محور غالبية المداخلات وخاصة في العمل على تأسيس جامعة البنوك ضمن الإتحاد العام التونسي للشغل والوقوف بصلابة مع القيادة الشرعية (الحبيب عاشور) في خلال الأزمة التي حاولت فيها السلطة السياسية إستبدالها بمجموعة تابعة لها (التيجاني عبيد ثم إسماعيل السحباني وآخرين)!
في المقابل، كان الموقف العاشوري هو إستقلالية الإتحاد ومعارضه إلحاق الإتحاد بألحزب الدستوري مما تسبب في العزل والسجن للقيادة التاريخية المستقلة والمنتخبة، وهذا كان موقف" صالح الزغيدي "الذي لم يمنعه إختلافه الفكرى مع الأمين العام "الحبيب عاشور" من الوقوف بجانبه والدفاع عنه وعن إستقلالية الإتحاد عندما كان الامين العام ورفاقه مستبعدين ثم معتقلين! وذكر الحاضرون أن سي "الحبيب عاشور "كان يكن لصالح تقديرا خاصا بسبب مواقفه تلك.
جانب هام أشار له "الهاشمي بن فرج" في مداخلته عن الدور الثقافي الذي لعبته جامعة البنوك والإتحاد ذلك الحين ،وهي ذات صلة بألعلاقة المتطورة بين العمل النقابي والثقافة ، كان تنظيم الجامعة تحت قيادة "صالح الزغيدي" لحضور الفنان الثوري" الشيخ إمام عيسى" وتنظيم جولته بتونس مما كان له أثر بالغ في حالة الفن الملتزم فيما بعد وإذكاء روح المقاومة الموسيقية والغنائية !
الجدير بألتنويه أيضآ أن الفقيد "صالح "ربطته علاقة النسب بألرفيق "چورچ عدة" أحد القيادات التاريخية للحزب الشيوعي التونسي والكاتب المستديم حينذاك لجريدة الشعب في موضوعات الحماية الإجتماعية! حينها كانت زوجته وأم أبنته وولده الدكتورة والمؤرخة الراحلة"ليلى عدة".
بحضور أبنته "مريم الزغيدى عدة" وولده"مراد الزغيدي" اللذان شكرا المؤلف لهذا العمل التوثيقي على مجهوده الذي قام بألمشاركة فيه بتوفير بعض المصادر للباحث والإتصال ببعض العلاقات لتقديم شهاداتهم!
الوفاء للمناضلين الراحلين ليس فقط عمل ضروري وطيب ولكنه حفظ للذاكرة للأجيال التالية وهو من ضرورات الفاعلية المجتمعية،وهذا التأريخ الأولى لحياة ونضال "صالح الزغيدي " ينبغي أن يتبعه مجهودات بحثية للحفاظ على ذاكرة حية للتراث النقابي والسياسي هي زاد لمعارك في سبيل التحرر السياسي والإجتماعي قادمة لا محالة.