ثقافي

فيلم "سفاح نابل"( حتى الله لن يغفر) آخر من نفذ فيه حكم بالاعدام

 

الشعب نيوز/ حسني عبد الرحيم - الموضوع يعرفه كل التونسيين وتابعه أثناء الثمانينات من يزيد عمرهم الآن عن الخمسين عامآ وكان الموضوع الأكثر إثارة على صفحات الحوادث في الصحف السيارة. وكان الناس في الوطن القبلي وقتها يعيشون في رعب على صغارهم. الناصر الدمرجي" قاتل متسلسل للصغار قتل منهم حوالي اربعة عشر قاصرآ وقاصرة ودفنهم بمزرعته وحُكِمَ عليه بألإعدام ونفذ فيه الحكم كآخر محكوم عليه ينفذ فيه الحكم شنقآ في تونس.

هذا هو الموضوع الذي نستطيع ببساطة الحصول على تفاصيله بألبحث في ارشيف الصحف .. في برنامج " رفعت الجلسه" على" قناة الحوار التونسي" أُسترجعت القضية في حلقتين عام 2013، كان حاضرآ فيها المحامي الذي أوكلت إليه المحكمة للدفاع عنه والذي رفض بقية المحامين أن ينوبوا عنه، والمحامي المُكلف ذكر أن موكله تعرض لحادثة طريق أفقدته الكثير من قواه العقلية وكذلك أدلى بشهاداتهم بعض معاصري الحادثة وأطباء نفسيون وكذلك الجلادين الذين نفذوا فيه حكم الإعدام !
القاتل هو إبن غير شرعي لبائعة هوى أنجبته في الحبس ثم تزوجت من فلاح اعطاه أسمه ودرس اللغة الفرنسية في مدارس أطفال بورقيبة. هاجر لفرنسا بعد أن خطب أبن خالته التي أحبها ثم عاد بعد ذلك ليجد خطيبته السابقة وقد تزوجت وانجبت ..عاد الناصر ليحاول إغواءها بما لديه من مال فترفض ذلك فيقتل صغيرها ويستمر في هواجسه المرضية ليصل الى قتل اربعة عشر صغيرآ بعدما أعتدى عليهم جنسيآ.

 هو مريض نفسي "بيدوفيل "وعدو للمجتمع الذي إزدراه وعودته من فرنسا كانت للإنتقام من المجتمع بقتل أطفاله الذين حُرِمَ من إنجابهم. هو غير معروف الاب وبلا ذرية. كل هذا مكتوب على صفحات الجرائم في الصحف ذلك الحين.

 فماذا فعل مخرج وكاتب السيناريو سوى الإخبار بوقائع يعرفها الجميع؟
أمتلات قاعة "الكوليزيه" عن آخرها (الصالة والبلكونات) بكُلْ العاملين في المجال السينمائي والتلڤزي تقريبآ و العديدين من المسرحيين وعشرات الصحفيين ورجال ونساء المجتمع. ذلك بأن الجميع قد وصلتهم دعوات لمشاهدة العرض "قبل الاول" لفيلم "سفاح نابل" مساء 16 ديسمبر 2022 .

الفيلم عمل عليه مخرجه" كريم بالرحومة" ومنتجوه لأكثر من سبع سنوات. المخرج لم يسبق له التوقيع على أفلام روائية طويلة حيث عمل في الجرافيك والإعلانات طوال عقدين وكذلك بدأ منذ عدة سنوات في كتابة وإخراج أفلام قصيرة منها "سطوش"-2016- وجاريتا ودجال-2019-.
الحقيقة أن الفيلم به مشكلة كبرى. فليست كل حوادث القتل صالحة لكي تصير شريطا سينمائيا وخاصة إذا كان الرأي العام يعرف تفاصيلها. ولايمكن لفيلم أن يعرض الوقائع كما هي. ينبغي إختيار زاوية فنية للرؤيا. هذا لم يحدث فألسيناريو مُفٓكك للغاية والتناول نفسه لايزيد عما تناولته تقريريآ صفحات الحوادث بالصحف السيارة ذلك الحين والتلڤزة بعد ذلك.

الحادثة حصلت في ولاية نابل ولايوجد أي مشهد يشير لهذه البقاع إلا في عنوان الفيلم الذي تم تصويره في أماكن أخرى بعد ذلك طوال سبع سنوات ! وهناك عنوان فرعي بألفرنسية (حتى الله لايغفر ذلك)وكأن المخرج يعرف.
المهم أن التناول بمجمله مُزعج من الزاوية البصرية السينمائية. تكرار تصوير عمليات قتل الصغار بنفس الطريقة وزوايا التصوير نفسها والتى تبدو تسجيلية ومن ناحية الوجوه الكاملة تملأ الكادر بلا مشاهد مناسبة للحوار السطحي وهو نفسه مُهشم !
التمثيل لاغبار عليه فألممثلون قد أجادوا في ضوء المُتاح ورقيآ ، وشارك في الفيلم الممثلون أحمد الأندلسي, هادي الماجري, ميسة ساسي, فتحي العكاري, منصف عاجنقي, فاخر الوحشي, إيمان المناعي . الموسيقى من وضع "حمزة بوشناق" وقدم الفيلم في العرض الخاص أخوه"عبد الحميد بوشناق" مُخرج "دشرة" ويبدو أنهما من المنتجين للفيلم ذاته

الفيلم مغامرة إنتاجية وربما تظهر نتيجتها بعد بداية عرضة في كل دور العرض بدءآ من 22 سبتمبر ولا نتوقع له نجاحآ كبيرآ فألناس لاتذهب للسينما لكي تشهد ما عرفته من قبل من الصحف والتلڤزة إلا لو كان هناك إمكانية طرح القضية من وجهة نظر مختلفة عما تم في السابق. لكن ربما النجاح التجاري لفيلم "دشرة" والبحث عن ما يثير الرُعب في نفوس المشاهدين في أوضاع متوترة إجتماعيآ هو ما أغرى على الاستمرار في إنتاج الفيلم بهذه الطريقة. لكن ليس في كل مرة تِسلم الجَرة !