جرعة أوكسيجين أخيرة للإعلام العمومي أو استخراج شهادة وفاته.
بقلم فطين حفصية
ما حدث يوم 25 جويلية في التلفزة والإذاعة الوطنيتين ووكالة تونس إفريقيا لا يمكن أن يمر هكذا دون كشف حساب وتشخيص غير هستيري، كما يجب ألا تنسينا زحمة الأحداث في البلاد وتسارعها المهازل المهنية والسقطات الصحفية التي جعلت القناة الوطنية يومها أخبارا وإنتاجا خارج التاريخ والجغرافيا رغم "نداءات الاستغاثة " المهنية التي وجهها الزملاء في الأخبار والانتاج في المؤسسة والمصورون الصحفيون والتقنيون والاداريون والسائقون للحاق بقطار الاحداث ولو في محطته الثانية.
لابد من وقفة هادئة لأبناء هذه المؤسسات العريقة التي تضم كفاءات كبيرة وذلك للتقييم والتقويم أولا بعيدا عن منطق المصالح الشخصية وتصفية الحسابات وتسجيل أهداف في شباك هي خالية أصلا ، وفي ظل المتغيرات الجارية في البلاد هناك خيط رفيع يتعلق بالحفاظ على الخط الجامع المقدس المتعلق بالحرية الإعلامية المسؤولة والوطنية البعيدة عن أجندات الداخل والخارج والقفزات الحزبية والسياسية والسباحة في كل المياه الحاكمة لا حاكم لنا في ذلك سوى المهنة وأصولها وأخلاقياتها والضمير في لحظات مفصلية من تاريخ البلاد ومستقبل المهنة والإعلام العمومي .
في المقابل على كل الهياكل التعديلية والنقابية المرافقة للانتقال الاعلامي المترنح منذ عشر سنوات أن تقر بفشل جملة اختيارات لها في كثير من الأحيان وأهمها التعيينات "البيدقية " لأشخاص على رأس المؤسسات الاعلامية العمومية من السهل أن تجدهم اليوم على رأس شعبة مهنية ومن الغد أخا في مكتب محلي لحزب إسلامي أو حوزة دينية وبعد الغد رفيقا في حلقة يسارية أو قومية والاسبوع القادم مجاهد نكاح في بؤرة إرهابية رأس مالهم في ذلك الشعار المصلحي مات الملك عاش الملك ووجه وسلوك لا يعافان حاكما أو محكوما ومن الضروري ايضا لهؤلاء عدم متابعة مسار الهروب إلى الأمام حتى انهيار البنيان على الجميع .
في وجه العملة الآخر على أهل المهنة الاقرار بوجود نقائص كثيرة مضمونا وجودة لعوامل لا مجال لتفصيلها وأسبابها الآن وتفشي حلقة عدوى من الإنهاك والإحباط لدى العديد من الزملاء في الاعلام العمومي بسبب الظروف المهنية واللوجستية والموضوعية الآنفة الذكر مقابل عقلية التواكل والكسل للبعض الآخر.
إن البدايات الخاطئة عادة ما تقود إلى النهايات الخاطئة لكن الأمل قائم في لقاح إعلامي تونسي يعطي جرعات الأمل.