من وحي 20 جانفي 1946 الاتحاد ولد و عاش في مناخ نقابي تعددي شرس
الشعب نيوز/ عبد الخالق قفراش * - هذه رسالة إلى الشباب العامل و النقابي زمن ما بعد الثورة ليكونوا على بينة من واقع التعددية النقابية بتونس، فليعلموا أن محمد علي الحامي، علاوة على أنه واضع أول البذرة الأولى للعمل النقابي، كان في نفس الوقت واضع اللبنة الأولى للتعددية النقابية سنة 1924 في مفهومها الواسع مقدما حياته ثمنا لذلك.
وفي سنة 1937، أحيى بلقاسم القناوي نفس التجربة : جامعة عموم العملة التونسية الثانية، فتحمل مقابلها ظلم ذوي القربى الذين إجهضوا تجربته. وبعد عقد من الزمن، تحمل حشاد المسؤولية مع ثلة من رفاقه و فرض التعددية النقابية باحداث اتحاد نقابات الجنوب سنة 1944 التي وجدت أمامها النقابة التونسية لموظفي وعملة صفاقس قفصة التي كان قد أسسها مسعود علي سعد ثم أسس حشاد اتحاد نقابات الشمال بوجود جامعة المتوظفين واستمرت هذه الوضعية حتى 20 جانفي 1946 تاريخ تأسيس لاتحاد العام التونسي للشغل.
وبنشأته، تضاعفت معارضته من نقابة ( CGT ) الفرنسية التي خرجت من رحمها، نكاية في الاتحاد و قيادته في أكتوبر 1946، نقابة جديدة على اساس أنها تونسية تدعى اتحاد نقابات عمال القطر التونسي ( USTT ) التي قادها النقابي الشيوعي حسن السعداوي الذي كان يناصب حشاد و منظمته عداءا صارخا و يكيل له ابشع أنواع التهم ... كما شهدت تلك الفترة وجود النقابة الفرنسية القوة العاملة ( FO ) و كونفيدرالية العمال المسيحيين.
رغم كل ذلك، فرض الاتحاد نفسه أمرا واقعا لا يمكن زحزحته عن المشهد العام بالبلاد و كان أمينه العام الشخصية الابرز لدى عموم الشعب التونسي و ايضا لدى المستعمر الفرنسي و الا لما تجرأ على إغتياله غدرا ... وها نحن نسوق بعض الأرقام المسجلة سنة 1949 حول نسب الانخراط بهذه النقابات على حساب مائة ألف ( 100000 ) حيث جاءت كالآتي : الاتحاد العام التونسي للشغل ( 76.7 % ) – اتحاد نقابات عمال القطر التونسي ( 17.8 % ) – نقابة القوة الشغيلة ( 5 % ) و نسبة ضعيفة لكونفيدرالية العمال المسيحيين ...
* بعد الاستقلال عرفت الساحة الوطنية التعددية النقابية منها ما كان نابعا من داخل الاتحاد ... فخلال أزمة 1956 ، أسس الحبيب عاشور في أكتوبر من نفس السنة منظمة ( الاتحاد التونسي للشغل ) و في أزمة 1978 جاءت حكومة الهادي نويرة ( بالمنصبين ) و في أزمة 1985 جاءت حكومة مزالي ( بالشرفاء ) لكنها في الأخير إنتهت جميعها في قلب الرحى كما يقال ...
* بعد الثورة، رافقت الطفرة المجتمعية و الحزبية طفرة نقابية و هو حق مشروع ضمنته مجلة الشغل في المقام الأول، ثم كل دساتير تونس 1957 و 2014 و 2022 فلا داعي للارتباك أو الهلع من عملية عادية جدا حين تلتقي رئيسة الحكومة أو أحد الوزراء أو حتى السيد رئيس الجمهورية بأي من قياديي هذه النقابات التي عليها التنحي عندما يتعلق الأمر بالتفاوض الجماعي بنص قانون منظمة العمل الدولية ...
* كنا نبهنا الى خطورة الاستفزازات التي نجح شخص مثل سيف الدين مخلوف من خلالها في جرالجميع إليه ليسجل لنفسه مجدا نضاليا زائفا ونعود إلى نفس التحذير حيث وجب التعامل بنفس قوة الشخصية التي تعامل بها حشاد و رفاقه مع التعددية النقابية.
حشاد تعرض لضغوطات المستعمر و نقاباته الفرنسية و النقابة التونسية المنضمة إليهم و لم تهتز قط ثقته في نفسه ولم يحتج يوما على ذلك لدى أي طرف بل هو من فرض شروطه لما طلب منه توحيد الاتحاد مع نقابة القطر التونسي و كانت شروطا مشرفة للنقابيين إلى أبد الآبدين سوف نتناولها في تدوينة لاحقة خاصة بها ...
* عبد الخالق قفراش، الكاتب العام السابق للجامعة العامة للكهرباء والغاز.
** في الصورة المرافقة، نقابات الكرارطية و صناع المقاهي و المطاعم في غرة ماي 1946 في تحد للمستعمر و التعددية النقابية الشرسة.