حكومة الرئيس نعم... وماذا عن حزب الرئيس ؟
بقلم زهير بن حمد - اعلامي
بعد منعطف 25 جويلية، تبدو تونس غير تونس والمشهد غير المشهد. برلمان مجمّد وحكومة منحلة وصراع مفتوح بين رئيس صار محور اللعبة السياسية ومعترضين بدرجات مختلفة على ما أقدم عليه باعتبار ما أقدم عليه فيما يقولون قد أفسد على الديمقراطية التونسية حلمها وبات ينذر بحكم فردي مستبد.
وفيما يتواصل الدعم الشعبي للرئيس وفيما تعيش بعض القوى السياسية آلام السقوط المدوّي، ما تنفك العواصم الإقليمية والدولية ذات النفوذ تتابع الحالة التونسية ، تستحث قيس سعيد على توضيح الرؤى واستعجال العودة إلى الحالة الطبيعية دون أن تتحدث عن أي نوع من أنواع الانقلاب على المؤسسات الشرعية وكأنها وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تمنحه شيئا من الوقت لإثبات نجاعته في إخراج البلاد من مآزقها الكثيرة المتداخلة.
وبعد أن دعي اتحاد الشغل وباقي منظمات المجتمع المدني إلى تفهم ما حصل وإلى مساندته وبعد أن دعي رجال المال والأعمال إلى إنعاش المالية العمومية والالتزام بتنمية الجهات المحرومة، تحركت آلة العدالة والمحاسبة وسط فرحة البعض وتخوف البعض الآخر من إصلاح ظلم بظلم.
وفي كل هذا تتركز الأنظار على تعيين رئيس الحكومة وفق التسمية المعتمدة في الدستور وعلى برنامج العمل الذي سيقره له الرئيس أو سيقره هو مع الرئيس لإخراج تونس ممّا هي فيه وما هي فيه لا يخفى على أحد، فيما تحاول القوى السياسية المختلفة أن تتموقع في المشهد الجديد استعدادا لانتخابات برلمانية مبكرة وقد بات في تقديري من المستبعد أن يعود البرلمان المنتخب إلى العمل فالتجميد ينطوي على مخاطر الاهتراء والتحلل، وسوف لن تتوانى قوى من داخله في قبول الواقع الجديد و" التضحية " بمقاعدها إن كان ذلك سيضمن لها رصيدا وموقعا في المشهد القادم.
وماذا لو كان في بال قيس سعيد ومستشاريه أن تكون الحكومة القادمة خصوصا إذا اكتسبت قبولا وشعبية لدى التونسيين بما ستقدم عليه من إجراءات قاعدة لتشكيل تنظيم سياسيي جديد قريب من الرئيس ومحسوب عليه يتبنى رؤيته لإصلاح الحياة السياسية بشكل مغاير والاستعداد بذلك إلى منافسة انتخابية لا غنى عنها في الشهور القادمة. قد يسمى التنظيم الجديد حزبا وقد يسمى شيئا آخر لكن ذلك لن يفرق كثيرا.
ستكون للرئيس قيس سعيد حكومة بصلاحيات استثنائية فهذا مؤكد ووشيك غير أن ذلك لن يكون كافيا إذا كان ينوي البقاء في قصر قرطاج لتصحيح مسار الثورة كما يقول وتحويل شعار " الشعب يريد " إلى واقع تونسي مغاير.، يستحق به أن يكون وريثا حقيقيا لمكتب شغله في فترة من الفترات الحبيب بورقيبة.
يعلم الرجل الذي كاد مواطنوه ومنتخبوه أن ييأسوا منه أن التونسيين تعلموا فيما تعلموا أن لا يحولوا رؤساءهم بسرعة إلى زعماء وأن الزعماء، مهما استحقوا زعاماتهم ليسوا في مأمن من حذر النخب وغضب الشارع. كثيرون أعجبوا بالطريقة التي أطلق بها تلك الصواريخ التي تحدّث عنها في وقت من الأوقات والسؤال كيف له أن يحوّل الآن منصاتها إلى منصات للاستقرار والنماء والتقدم.. ؟
زهير بن حمد