آراء حرة

قراءة بسيطة في المشهد الاتصالي الحالي: استياء من المردود واتهام بالقصور

نلمس بعض الغضب الذي تحول الى استياء من مردود وسائل الاعلام الوطنية واتهامها بالقصور عن مواكبة اللحظة التاريخية التي تعيشها البلاد. وارى انه ليس في هذه المواقف تجنيا لان وسائل الاعلام العمومي والخاصة فشلت الى حد الساعة في ان تفي بمهمتها تجاه المتلقي الداخلي والخارجي. لماذا؟ لماذا فشلت في ان تتحول الى مقدمة خدمة للمستهلك وليس مجرد ابواق دعاية للمتنفذين، سياسيين كانوا ام رؤوس أموال؟
 
الدودة داخل الثمرة. 
لم يكن وقوف وسائل الاعلام الباهت في المنطقة الرمادية وليد الساعة، فلقد اجبرنا على التعامل معه منذ أيام احداث 2011 الأولى ولا زلنا لحد الساعة. وتأكد رويدا رويدا وضع قبضة الأحزاب السياسية الحديدية، وخاصة منها النهضة، على المشهد الإعلامي باسم "الرأي والراي الاخر"، والذي لم يكن في باطنه الا كلمة حق اريد بها باطل، حيث انه مكن من تواجد ناطق رسمي (لا فائدة في ذكر الاسماء) باسم الحركة في كل الحوارات السياسية التلفزية والاذاعية، وكان بالمكشوف "ممثلا للنهضة" وليس صاحب رأى مخالف بدون انتماء سياسي وهذا هو الفرق الكبير جدا. وقد كذبت (توصيف وليس سب) منشطة التاسعة ليلة قبل أمس عندما اكدت بصفاقة غريبة ان برنامجها لم يفتح المجال قط لمن نطق وتجشا وارغى وازبد باسم حزبه والذي بقدرة قادر اختفى من كراسيها منذ 25 جويلية. 
كل الحوارات الاذاعية والتلفزية منها تعتمد تمشيا بسيطا جدا وساذجا جدا. حيث يلتفون حول معارض الصحافة وماذا اتى في الفايسبوك وما تقرأه البارحة نلوكه غدا وماذا قال فلان وماذا عقب علان وهلمّ جرا.
كل يعطي رايه بطريقته الخاصة، يلعب دوره.

"خديمة ساهلة ماهلة" 
ثم نعود كل مرة لنلوك نفس العلكة التي استنفذت رحيقها. فلا هم يتقدمون ولا نحن نتقدم ولا حتى السياسيين أنفسهم، بل لعلهم هم أكبر الخاسرين. 
إن العمل الصحفي أنبل كثيرا وأخطر كثيرا من ان يتحول الى مجرد "سيتكوم" وهو يقتضي مهنيين شغوفين يبحثون دون هوادة وبجدية كبيرة عن الحقيقة من كل زواياها، يقرؤون لا فقط الصحف اليومية وانما الإنتاج الفكري العالمي، على دراية بالمتغيرات الكبيرة، بالأجندات الجيوسياسية، وبالرهانات، تكون لهم قبل النزول على الهواء بوصلة وخارطة طريق لكل برنامج يشرفون عليه: ما الهدف منه؟ ما هي الاضافة؟ ما هي الوسائل وخاصة منها الموارد البشرية وأعني الضيوف والمتحدثين. 
هل يعقل ان تفتح الأبواب لكل من هب ودب وخاصة هل يعقل ان يسمح لكل من يريد ان يقول ما يريد؟ ليست هذه حرية تعبير، أبدا، إنها عربدة وترك للحبل على الغارب. إنه بكل بساطة نقص فادح في المهنية والكفاءة.

حبيبة الماجري – الشيخ
صحفية – مديرة الاتصال سابقا بالاتحاد الافريقي.