وطني

السياسة ما لم تكن في خدمة الناس، تنويع لأقنعة الاستغلال الاقتصادي والقهر الاجتماعي.. رسالة الاتحاد وصلت، فهل من مجيب ؟

الشعب نيوز / خليفة شوشان . معركة الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة لها نساءها ورجالها الخلّص اصحاب المصلحة المباشرة في خوضها وحسمها لصالحهم، عندما يناديهم الواجب يلبّون النداء بلا تردّد ودون حسابات أو تحشيد لأنهم بكل بساطة يدركون الثمن الذي سيدفعونه من حياتهم وواقعهم عندما يخسرون معركتهم.. هذه الحقوق ليست مجرد شعارات سياسيّة حيث جوفاء ترفع للمزايدات والمناكفات السياسيّة تخرج من أفواه اكبر أعدائها والمتٱمرين عليها.

إنّ المعارك لا تقوم على النوايا وان حسنت، بل على موازين القوى وعلى قاعدة لطالما حكمت كلّ الصراعات بأنّ"الحق الذي لا يستند الى قوة تحميه باطل في شرع السياسة". لذلك فإنّ الحقوق الاقتصادية والاجتماعيّة التي لا تستند إلى قوّة ميدانيّة حقيقيّة مقتنعة ومنظمة وواثقة على أرض الواقع تحميها، وعلى قواعد منغرسة في عمقها الشعبي تجذرها وتدعمها تبقى مجرّد امنيات ثاوية. المنظمة النقابيّة العريقة التي ولدت في أتون المعارك الوطنية والاجتماعيّة والنقابيّة، أكثر من يدرك هذه القاعدة الجوهرية ويفهم هذه المعادلة الرئيسية في الصراع ويتقن ترجمتها فعلا لا قولا الى فعل نضالي اليوم.

مستهدية بما راكمته من خبرتها وتجاربها في كل المعارك التي خاضتها وانتصرت فيها في تاريخ البلاد. الاتحاد العام التونسي للشغل أثبت اليوم في تحرحاته الاحتجاجية التي جابت البلاد من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها أنه الرقم الصعب في المعادلة الوطنية، خاصة عندما يكون الرهان على الجبهة الاقتصادية والاجتماعيّة ساحته النضاليّة الاصيلة. والعمّال بالفكر والساعد قالوا اليوم كلمتهم قويّة ومدوية وواثقة.

وأثبتوا انهم الصوت الاعلى، والفعل الناجز، والجهوزيّة المتحققة متى استنفرت القوى. لتذكر الجميع وفي مقدمتهم السلطة بأنّ كلّ من يعتقد واهما امكانية اخضاعهم بالقوّة وأن يفرض عليهم الامر الواقع، وأن ذلك لن يزيدهم الا وحدة وقوة وعنادا.

أظن الرسالة وصلت لمن يهمهم الأمر واضحة لا لبس فيها، وتجاهلها لن يغيّر من الواقع شيئا. وما على السلطة رئاسة وحكومة سوى النزول من شجرة الانكار والهروب إلى الأمام والجلوس الى طاولة المفاوضات والانصات جيدا وبكل انتباه. وعلى رئيس الجمهوريّة أن يحسم أمره نهائيا ويخرج من مساحات المناورة والتردّد ويتخذ قراره، إما بالخضوع للدولة الغنائمية التابعة والمنهوبة والتنازل لمستوطنات الريع والامتيازات والكارتالات المتحكمة في ثروات البلاد ولقمة شعبها أو بالانحياز للدولة الاجتماعيّة العادلة والسيّدة والانتصار لكرامة شعبها قولا وفعلا..

ان المعارك السياسية مهما علا غبارها واحتدّ زمن خطابها وحلّق في العلو الشاهق تبقى في الأخير مجرّد أدوات هدفها النهائي تغيير حياة الناس وواقعهم، وتحريرهم من الاستغلال الاقتصادي والقهر الاجتماعي ومن استبداد الطبقات المهيمنة. أمّا خلاف ذلك فيبقى محض خداع وتمويه وتغيير لأقنعة الهيمنة والاذلال.