قضيّة النّفط بين أنصار نظريّة المؤامرة و لغة الواقع و الأرقام
الشعب نيوز/ فوزي النوري: لم تعد المؤامراتيّة مقاربة سياسويّة كغيرها بل أصبحت وجهة النظر الرّسميّة للسّلطة السياسيّة، هيّ مقاربة مغرية لشعب المقهورين الباحثين عن حلم يفرّون من خلاله من واقعهم الموضوعي بتفاصيله المؤلمة والتي لا تخطئها العين.
في 2023 وبعد عشرات السنين من اكتشاف النفط في الشرق الأوسط و انتصاب الشركات المتعدّدة الجنسيات المتلهّفة لجمع الثروة حيثما كانت في أعماق البحار وفوق الأرض وتحتها و في سمائها والتي ضاق بها هذا الكوكب اليوم لتنطلق الأبحاث عن إمكانات الاستثمار خارج هذا الكوكب.
هذه الشركات اكتشفت كلّ الثروات بكلّ أنواع الثروات في كلّ أرجاء الأرض باستثناء تونس، هذه الدّولة العائمة فوق بحار من النّفط والغاز والذهب والألماس تحالفت القوى العظمى والشركات المتعدّدة الجنسيات والدّولة الوطنيّة لإخفاء هذه الثروة لمدّة عقود لهدف لا يعلمه إلاّ الراسخون في المؤامرة .
الثابت و الأكيد أنّ ال164ألف كلم مربّع التي نعيش فوقها صالحة لزراعة الجهل والشعوذة والدّجل و قد أثبتنا ذلك منذ 2011 وأظهر الانفتاح السياسي بول بعيرنا وختان بناتنا ووصل بنا الأمر إلى أن أعلننا من مؤسّسة هيّ الأعلى حسب دستور 2014 اكتشاف لقاح كوفيد 2019 متجاوزين مخابر فايزر وأسترازينيكا ...
بعيدا عن المؤامراتيّة البسيطة الساذجة وبعد القيام بجهد بحثي حول الثروة النفطيّة والاطلاع على إنتاجنا وحاجياتنا وعن مقدّراتنا من التّفط والغاز توصّلنا إلى عدّة استنتاجات واضحة فاضحة ساطعة .
يغطّي الإنتاج المحلّي حوالي 12% من حاجيات السوق المحلّية التي تقدّر ب 90ألف برميل يرميل بما يجعل الهدف الاستراتيجي تغطية حاجيات السّوق للحدّ من نفقات الدّولة وللمحافظة على احتاطي الدولة من العملة الصّعبة بما يجعل الحديث عن عائدات النفط في دولة تستورد حوالي 88% من حاجيات حديثا خارج السياقات العلميّة والاقتصاديّة.
فيما يتعلّق بالشركات المتعدّدة الجنسيات العاملة في قطاع النفط فهي لم تأت محتلّة ولا غازية ولكّنها وبطلب من الدّولة التونسيّة العاجزة ولا تزال ماليّا وتكنولوجيّا عن الاستكشاف والاستغلال وقّعت عقودا معها في إطار احترام مصالح الطرفين وفق المعمول بها دوليّا وتجدر الإشارة في هذا السياق أنّ الاشتغال في قطاع النّفط لا يتمّ إلاّ وفق المعايير الدوليّة .
من خلال المعلومات التي جمعتها حول النفط في تونس فإنّ طرح مسألة وجود النّفط من عدمه هوّ سؤال سيئ الطّرح لأنّ المسألة ترتبط بالضرورة بتكلفة الإنتاج بحيث إذا تجاوزت تكلفة الإنتاج المرتقب ثمن توريده يصبح وجود النفط مساويا لعدمه ومن خلال الاطّلاع على الخرائط الجيولوجيّة في المنطقة يمكن الحديث عن وجود نفط لكن ليس عن ثروة نفطيّة ولا دولة عائمة فوق النفط و تجدر الإشارة في النهاية عن ضرورة استكشاف المناطق البحريّة وإن كانت تكلفة الاستكشاف والاستغلال باهضة.
في مقابل ذلك يجمع الخبراء عن وجود الغاز الصخري ولكنّ خبراء المؤامرة يعيقون ذلك بوجود مؤامرة على البيئة التونسيّة وحدها من بين كلّ دول العالم .
هنالك ثروة كبرى لا خلاف فيها ولا حولها بين خبراء القطاع وهي الهيدروجين الأخضر هذه الثورة التي يعطّلها الجهاز الإداري الثقيل والمهترئ والمتكلّس .
لكي لا نطيل أكثر يحتكم هذا الوطن على الخبرات الأعلى والأرقى في المنطقة فيما يتعلّق بالنّفط والغاز وهم أبناء الدّولة الوطنيّة يبذلون ما في وسعهم في حدود إمكانات دولتهم و بالتالي فإنّ إهانة هذه العقول والتجنّي عليها بإسم المؤامرة هوّ ضرب للأساس الذي قامت عليه الدّولة الوطنيّة الرأسمال البشري و "المادّة الشخمة" على حدّ تعبير الزعيم الحبيب بورڤيبة.